* طريف - محمد راكد العنزي:
ظهر في السنوات الماضية الأخيرة عدد من الأمراض المختلفة التي عزاها الأطباء إلى خلل في التركيبات الجينية للإنسان، وهذا الخلل ليس بالسهولة بمكان علاجه لأنه لم يتوصل الطب وحتى الآن رغم الأبحاث المستمرة في إيجاد العلاج الفاعل لإصلاح هذا الخلل، الذي ينتج عنه الكثير من الأمراض الوراثية الخطيرة التي قد تتسبب في ولادة أطفال مرضى مصابين ببعض الأمراض المعروفة كالثلاسيميا وفقر الدم المنجلي وغيرها مما ينتج عن إهمال الفحص المبكر قبل الزواج وحول هذا الموضوع كان ل(شواطىء) هذه اللقاءات مع عدد من المواطنين حيث يقول في البداية (مدير مستشفى طريف كريم بن مبارك الشراري) بأن الفحص الطبي قبل الزواج قد ظل ولفترة طويلة على الرغم من الحملات التوعوية الإعلامية أمراً ثانوياً لدى أغلب فئات المجتمع بل وكان مثاراً للسخرية عند البعض من الناس لأنه نابع من الجهل الكبير بأهمية هذا الفحص على الأسرة والمجتمع معاً سواء للجيل الحالي أو حتى للأجيال القادمة، ولعل الجميع بدأ الآن يعي ويرى الانعكاسات الضارة نتيجة لاهمالهم هذا الموضوع بعد انتشار بعض الأمراض الوراثية الخطيرة في مجتمعنا المحافظ، والتي أصبحت مأساة تعانيها بعض الأسر حيث تصوروا ان طفلاً صغيراً يحتاج إلى نقل دم له كل شهر على الأقل لاصابته بمرض دم وراثي وهو بسبب خطأ كان يمكن تداركه قبل الاقدام على الزواج، وقديماً قيل (الوقاية خير من العلاج) وحفظ النفس في الإسلام من الضروريات الخمس المقدمة على كل شيء وقد اشتمل الفحص الطبي قبل الزواج في بدايته المباركة على أهم أمراض الدم الوراثية والتي يمكن تلافيها بإذن الله وهي تعتبر من أكثر الأمراض الوراثية شيوعاً على أنه سيتم اضافة أمراض أخرى في المستقبل القريب إن شاء الله وهذه الأمراض هي أنيميا الخلايا المنجيلة وانيميا البحر الأبيض المتوسط المعروفة بالثلاسيميا غير أنه أقل خطورة من المرض الأول حيث يمكن تخفيف أعراض فقر الدم عند طريق نقل الدم للمصاب غير أن هذين المرضين اللذين يحدثان بسبب خلل جيني وراثي لم يتم حتى الآن ايجاد العلاج المناسب لهما، مشيراً إلى أنه قد تم إعداد وتجهيز المستشفيات لاستقبال المواطنين في كل مناطق المملكة، وهنا لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لحكومة خادم الحرمين الشريفين التي لم تألو جهداً أبداً في سبيل الرقي بهذا الوطن المعطاء وكذلك الشكر لمعالي وزير الصحة وكل من ساهم في إتمام هذا المشروع الكبير والمهم للمجتمع.
التعاون على البر والتقوى
ويقول كاسب بن ملفي الشراري خطيب وإمام جامع سمو الأمير عبدالعزيز بن مساعد: إن التطبيق الفعلي لخدمة الفحص المبكر قبل الزواج له أهمية بالغة وكبيرة على الفرد في بلادنا حفظها الله، لأن هذا المشروع الصحي يهدف بمشيئة الله عز وجل إلى التقليل من نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية التي يعاني منها كثير من الأطفال في هذه الأيام والتي ربما ستتأصل في حالة عدم الإقدام على الفحص وستستمر في الأولاد والسلالة، فيجب علينا التكاتف التام والتعاون لإنجاح هذا القرار السامي الكريم الذي صدر من ولاة الأمر للمحافظة على صحة أفراد المجتمع وتكوين أسر سليمة صحياً وبدنياً من هذه الأمراض الوراثية وذلك بتكثيف التوعية والإرشاد عن طريق كافة القنوات الإعلامية التي تصل للمواطن لتفعيل هذا القرار الصائب، لأن إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج هدفها الأساسي إيجاد أجيال سليمة صحياً وقادرة على أداء الدور المطلوب منها تجاه الوطن مستقبلاً وحاضراً حيث قال تعالى في محكم آياته: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
معاناة الأسر بمصاب أبنائها
ويشير (زيد مفرح العنزي - معلم ثانوي) إلى أن انتشار الأمراض الوراثية نتيجة لزواج الأقارب وعدم الركون إلى الفحص الطبي قبل إتمام العقد قد يؤدي إلى نتائج سلبية قد تؤثر في سلامة الأفراد وتؤدي إلى ظهور أمراض وراثية متعددة أصبحت معروفة للجميع بعد تكثيف وسائل الإعلام المقروءة والمرئية في تسليط الضوء عليها وبإسهاب بغرض توعية المجتمع والحقيقة إن هذه البرامج الإرشادية قد وجدت ولله الحمد الآذان الصاغية والتجاوب من الناس، لأن تلك الأمراض قد تتسبب في إرهاق الأسرة في البحث المضني لأبنائها المصابين عن العلاج أو في متابعتهم في المستشفيات كما أنها تؤدي إلى ضعف في التحصيل الدراسي للطالب المريض الذي لاشك أنه يضطر كثيراً للتغيب نتيجة ظروفه الصحية، كما أنها تتطلب ميزانيات كبيرة لعلاج هذه الأمراض والقيام بأبحاث ودراسات عنها وافتتاح المراكز الطبية لاستقبال هذه الحالات، ولذا فإن مثل هذا القرار الملزم على الشباب بالحصول على شهادة فحص طبي يهدف بالتأكيد على محاربة هذه الأمراض والتقليل من آثارها وتوفير تلك المبالغ الطائلة في مشاريع صحية أخرى تخدم الوطن وأبناءه.
ازدياد الأمراض الوراثية
ويقول (أحمد طلاب الدغماني - فني أشعة بمستشفى طريف): لاشك أن هذا القرار الحكيم لم يأت من فراغ وإنما جاء بعد قيام عدة دراسات ميدانية وبحثية للنتائج الإيجابية التي سيحصدها الجميع مستقبلاً، وخاصة بعد أن ازدادت عدد الأمراض الوراثية نتيجة الزواج بين الأقارب، وهذا الأمر السامي الكريم إنما هو قرار عظيم يدل على حرص الدولة على سلامة ابنائها صحياً وبدنياً امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وكلاهما خير)، كما أن الفرد جزء لا يتجزأ من المجتمع والذي متى صلح الفرد صلح البقية لأن هذه الأمراض الوراثية تنتقل بالتزاوج بين الأقارب وتستمر في الأجيال القادمة مما ينذر بخطر يتهدد سلامة المجتمع والأسر ككيان، ولذا فإن علينا أن لا نتهاون في إنجاح هذا القرار الذي يهدف إلى المصلحة العامة لهذا الوطن الكبير.
تكثيف التوعية لتوضيح أهمية الإلزام
وأخيراً يتحدث لنا (حامد الطرقي الأشجعي - مرشد طلابي بمدرسة تحفيظ القرآن) بأنه يجب العمل حالياً على تكثيف البرامج الإرشادية لتوضيح أهمية هذا القرار الحكيم فالبعض من الناس قد لا يزال يجهل ضرورته وأنه أصبح من الأشياء اللازمة لسلامة وصحة الفرد والمجتمع، وهذا العمل يقع على عاتق المدارس وخاصة في المراحل العليا كالثانوية والجامعات وكذلك على المراكز الصحية والمستشفيات والإدارات الحكومية الاخرى عن طريق بث الوعي الصحي بين منسوبيها من خلال توزيع النشرات الطبية على المراجعين وزيارة الأطباء وموظفي الصحة لهم لتوضيح المغزى من هذا القرار كما يجب على وسائل الإعلام كافة تكثيف عملها خلال الأيام المقبلة في العمل على ذلك وخاصة أننا مقبلون بعد أشهر قليلة على مواسم زواج.
|