نحن نعرف أن الأراضي في المملكة العربية السعودية هي ملك للدولة، ولها الحق أن تمنحها أو تمنعها دون اعتراض من أحد. لكن أيضاً نحن نعرف ونتوقَّع أن الدولة بمثابة الأب الحاني أو الأخ الكبير الراشد الذي يوجِّه أخاه عندما يتعدَّى على أحد، وله الحق أن يعاقبه العقاب المعقول. والنقطة التي سأتحدث عنها هنا هي الأراضي السكنية في القرى والهجر فقط، أما المدن الكبيرة أو الصغيرة التي يساوي المتر فيها المئات فليست مدار حديثنا.في القرى نجد أن غالب السكان من عشيرة واحدة، أو لنقل أبناء عمومة، وأغلب بيوتها مملوك لهم منذ مئات السنين؛ أي أن البيت توارثته الأجيال أباً عن جد. والتخطيط التي أُقيمت عليه القرى والهجر هو تخطيط عشوائي، وقد تدخلت وزارة الشؤون البلدية والقروية في تعديله ضمن المستطاع. ثم إن أغلب القرى نائية وتفتقد كثرة السكان، بل إن بعضها مجرد عائلة أو عائلتين ممَّن هم من أهلها الأصليين.
وكثيراً (وهو معروف) أنه يكون بين بيت زيد وابن عمه عمرو مساحة من الأرض، وهي ليست بشارع ولا مملوكة لأحد سوى الدولة. فإذا امتد زيد عشرين متراً في أرض خالية طولها مثلاً مائة متر، وامتد ابن عمه كذلك، وتركا شارعاً فسيحاً بينهما، فما الضير في أن يتَّسع منزله إذا كان جاره راضياً، وهو لن يغلق شارعاً قائماً، ولن يُحدث مشكلة بين أهل القرية؛ لأن الأرض ميِّتة فيريد أن يحييها بالعمران أو الزراعة أو غيرها، ثم إن الأرض في القرية لا يساوي المتر فيها هللة واحدة!! وهنا تنتفي مسألة صراع المصالح التي هي الغالب في الأراضي. وما دامت الأرض للدولة، والمواطن ابن الدولة، والمسألة تنظيمية فقط، ولا تعديات على حقوق أخرى في الأرض، فلماذا لا تُجيزها البلديات بعد أن تُحرِّز الشارع وتأخذ رأي الجيران وموافقتهم الخطيَّة؟
ربما أن المسؤولين في البلديات يضعون في اعتبارهم المشاكل الأسرية التي قد تحصل بين الأسر في القرى أو بين القبائل، وهذا ملحظ مهم أيضاً، وجزاهم الله خيراً عليه، لكن ما دامت القرية عبارة عن ثلاثة بيوت أو أكثر كلُّهم من نسل رجل واحد، وكلهم متفقون على الرضا، فما المانع من أن يُجاز مثل ذلك التمدُّد؟ ولماذا يُسمَّى تعديات وهو لم يكن أصلاً في أرض تستحق أن ينتدب لها لجنة النظر، أو يشغل وقت الموظفين وأوراقهم وفكرهم بقرية هي ذاتها هامدة؟
من هنا أضع الفكرة أمام المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية والقروية، وعسى أن تجد صدًى ويكون لها دراسة ويُقنَّن ما يجب أن يُقنَّن لها، وتكون قواعد عامة يُعمل بها في القرى والهجر بالذات، وهي التي يتَّفق أهلها على عدم المعارضة لمَن يتمدَّد في أرض هي بجوار منزله ومملوكة للدولة ولا نزاع فيها البتة، أو حتى في أرض بجوار أرض اشتراها وتقع خارج نطاق القرية، وليست مجاورة لأحد، ولا يتضرَّر من تمدُّده أحد، أو هكذا حالات متشابهة أو مشابهة لتلك الحالات، مع وضع نقطة مهمة في الاعتبار، وهي أخذ الإذن بذلك، لكن لا تُحتسب كمنحة؛ لأن مسألة المنحة سوف تعيق المواطن انتظاراً لها.والله من وراء القصد.
فاكس 2372911
|