Friday 12th March,200411488العددالجمعة 21 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هذا هو الإسلام هذا هو الإسلام
د. محمد بن سعد الشويعر

إنه دين الرّأفة والرّحمة، دين الوسط والتّسامح، دين تخاطب تعليماته القلوب، وترتاح لأوامره الأفئدة، وترضى عن نواهيه النّفوس الصافية..
دين يحلّ المشكلات التي تطرأ على الإنسان، وتقضي أوامره على ما يؤرّق الفرد، وما يخلخل المجتمعات، وتلين لحلوله المريحة، القلوب القاسية.
لقد ألان الله بتعاليمه قلوب الجبابرة، فدخلوا الإسلام عن طيب نفس وطواعية، وانقلب بغضهم للإسلام محبّة ومدافعة، فانصهروا فيه اجتماعيّاً، وأحاطوه من جميع الجوانب ذوداً وحميّة.
ويعجز الباحث والمستقصي عن حصر النّماذج، التي تتكرر في كل بيئة ومجتمع، بمن ضاقت نفسه بوضعه الذي هو فيه، وانْسَدَّتِ السبل في وجهه، بعدما استحكمت عليه الأمور، التي جعلت الحرج عليه أضيق من جحر الضبّ، عند ذلك تلفّت يميناً وشمالاً، فإذا هي أبواب موصدة، وحجب متعدّدة.. وما هو إلا بصيص من نور يبرز أمامه في الأفق، فإذا هو نور الإيمان، الذي يسّره الله له، لينقذه من المتاهات، وينير له سبيل السعادة والاطمئنان النفسيّ، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (النور40) ، ذلك النور الذي تنقشع معه الحجب، وتطمئن النفس وترضى، ويرتاح الفؤاد وتسكن الأعصاب، ليحمد الله على أن هداه للإسلام، وأنقذه من ظلمات الكفر.
هذا الإحساس يمرّ به كل من ذاق حلاوة الإيمان بعد الكفر، وأبصره الله سبحانه بنور الإسلام الذي استضاء به قلبه، فأشعره بأنه في سعة تطمئنه عن كل ما ينغّص، فكانت في حلاوة الإيمان الجديد إليه، لذّة لا تعدلها لذّة، أذكر لك أخي القارئ واقعاً عاشته في الأيام القريبة فتاة يهودية أمريكية، هداها الله للإسلام، بعد أن كانت في محنة ما بعدها محنة، إذ باعت نفسها للشيطان، وعرضها لأصحاب المتع نظير لقمة تسدّ بها الرّمق، ومبيت يظلّلها من المطر والبرد، بعد أن أبعدتها المشكلات عن الأسرة، ولفظها أقرب الناس إليها.. فتحكي قصة إسلامها فتقول، حسبما نشرتها مجلة التّقوى اللبنانية، حيث قالت هذه الفتاة:
نشأت في بيت أمريكي يهوديّ، في أسرة مفكّكة، كما هو الشأن في كثير من الأسر في الغرب، وبعد انفصال أبي عن أمي تزوّج بأخرى، أذاقتني أصناف العذاب، فهربت وأنا في السابعة عشرة من (وسكانسن) إلى (أهايو) حيث التقيت بشباب عرب.. وهم كما حكَتْ رفيقاتي الضّائعات مثلي، المشرّدات بسبب الأوضاع السائدة في مجتمعنا الغربي، الذي لا يرحم.
فقد قلن لي إنهم كرماء، وما على إحداهن إلاّ الابتسام في وجوه هؤلاء الشباب، حتى تنال عشاء، وشراباً فاخراً.
تقول: ففعلت مثلهن، وفي نهاية كل سهرة، كنت أهرب، فقد كنت لا أحب هذه العلاقات، ثم إني أكره العرب لما غرس في قلوبنا عنهم منذ الصغر وبوسائل الإعلام. ولكني لم أكن سعيدة بحياتي، ولم أشعر بقيمتها، ولا أجد أماناً يريحني.
لقد كنت أشعر دوماً بالضّيق والضّياع، وقد لجأت إلى الدين لكي أشعر بالرّوحانية، وأستمدّ منه قوّة دافعة في الحياة.
ولكن اليهود بدينهم لم يقنعوني، لأنني وجدته ديناّ لا يحترم المرأة، ولا يحترم الإنسانيّة، كلّه دين أناني.
لذا كرهته، إذ أحسست فيه التّخلف، ولو سألت سؤالاً لم أجد إجابته شافية ولا مريحة، فتركه ثم دخلت ديناً آخر ولكنّي لم أجد أجوبة لكثير من الأسئلة ثم تقول: احترت فتركت كل شيء، ولكني كنت أعلم أن للعالم خالقاّ، وكنت كل ليلة أشرب حتى الثمالة، فأرتمي في أي ركن أو حديقة، أو بيت مهجور حتى الصّباح، وفي ليلة صحوت في وقت السحر وكنت على وشك الانتحار، من سوء حالتي النّفسية، كنت في الحضيض، لا شيء له معنى: المطر يهطل بغزارة، والسّحب تتراكم، وكأنّها سجن يحيط بي، الكون ضيّق، الشجر ينظر إليّ ببغض، قطرات المطر تعزف لحناً رتيباً.
أنا أطلّ من نافذة بيت مهجور، عندها وجدت نفسي أتضرّع لله: يا ربّ أعرف أنك هناك، أعرف أنك تحبّني، أنا سجينة، أنا مخلوقتك الضّعيفة، أرشدني إلى أين الطّريق؟؟
ربّاه إمّا أن ترشدني وإمّا أن تقتلني، لقد كنت أبكي بحرقة حتى غفوت، وفي الصّباح صحوت بقلب منشرح.
فخرجت إلى البار، ألتقط رزقي، فلعل أحدهم يدفع تكاليف فطوري، أو أغسل الصّحون فأتقاضى أجرها، هناك التقيت بشابّ عربيّ، تحدّثت إليه طويلاً، فطلب مني بعد الإفطار أن أذهب معه إلى بيته، وعرض عليّ أن أعيش معه.. فذهبت معه، وبينما نحن نتغدّى ونشرب ونضحك، دخل علينا شابّ ملتحٍ اسمه سعد، كما عرفت من جليسي الذي هتف باسمه متفاجئاً.
لم يفعل شيئا مخيفاً، بل طلب مني وبكل أدب، أن أذهب إلى بيتي، فقلت له: لا بيت لي.. نظر نحوي بحزن استشعرته في قسمات وجهه، وقال: حسناً فابقَيْ هنا اللّيلة، فقد كان البرد قارساً، وفي الغد ارحلي وخذي هذا المبلغ ينفعك، رينما تجدين عملاً وهم بالخروج.
فاستوقفته وقلت له: شكراً لن أبقى هنا، وتخرج أنت.. ولكن لي رجاء، أريد أن تحدّثني عن أسباب تصرّفك مع صديقك ومعي.
فجلس وأخذ يحدّثني وعيناه إلى الأرض، قال: إنّه الإسلام يحرّم الخمر، والخلوة بالّساء، ويحثّنا على الإحسان إلى النّاس، وحسن الخلق، تعجّبت: أهؤلاء الذين يقولون عنهم إنهم أرهابيّون؟! لقد كنت أظن كل واحد منهم يحمل مسدسا، ويقتلون كل من يقابلون.
هكذا علّمني الإعلام الأمريكي، قلت له: أريد أن أعرف أكثر عن الإسلام، هل لك أن تخبرني؟؟
قال لي: سأذهب بك إلى عائلة سعودية متديّنة تعيش هناك، وأعلم أنهم سوف يعلّمونك خير تعليم .فانطلق بي إليهم، وفي الساعة العاشرة كنت في بيتهم، حيث رحّبوا بي، وأخذت أسأل، والدكتور سليمان يجيب حتى اقتنعت تماماً.. بالفعل هذا ما كنت أبحث عنه، جواب لكل سؤال، دين صحيح واضح، متوافق مع الفطرة لم أجد أيّ صعوبة في تصديق أيّ شيء مما سمعت.. كلّه حقّ.
أحسست بنشوة لا تضاهى، حينما أعلنت إسلامي وارتديت الحجاب من فوري في نفس اليوم الّذي صحوت فيه، منشرحة في السّاعة الواحدة مساء، أخذتني السّيدة إلى أجمل غرف البيت، وقالت: هي لك ابقَيْ فيها ما شئت.. فرأتني أنظر إلى النّافذة، وأبتسم ودموعي تنهمر على خدّي.
وسألتني عن السبب فقلت لها: سيّدتي بالأمس في مثل هذا الوقت تماماً، كنت أقف في نافذة، وأتضرّع إلى الله :(ربّ إمّا أن تدلّني على الطّريق الحقّ، وإمّا أن تميتني). فقد دلّني وأكرمني، وأنا الآن مسلمة محجّبة، وأخذت السيدة تبكي معي وتحتضنني، فشعرت بالحنان الذي فقدته طول عمري.
قالت راوية هذه الحكاية: لقد رأيتها بوجهها المضيء في مسجد يقع على ربوة في مدينة أمريكيّة صغيرة، تقرأ القرآن بترجمة المعاني: باللّغة الإنجليزيّة وحكت لي قصّة إسلامها هذه.
إنها حكاية مؤثّرة، تتأصذل جذورها في الأعماق، لتحّك شعور أداء أمانة التّبليغ: ولو آية على كلّ مسلم، والله سبحانه هو مسببّ الأسباب، وكل فرد: ذكراً أو أنثى عليه مسؤوليّة عظيمة يجب أداؤها بحسب قدرته،امتثالا لأمر الله سبحانه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}( الزخرف آية44)، نسأل الله الإعانة والتيسير.
الفرج بعد الشدّة:
ذكر التنوخي في كتابة الفرج بعد الشدّة، قال: حّثنا أبو بكر بن شجاع المقرئ البغدادي، في سنة ستّ وأربعين وثلاثمائة، وكان خازن المسجد الجامع بالأهواز، وكان شيخاً محدّثاً، ثقة نبيلاً، من أمناء القاضي الأحنف، حدّثنا بإسناد له قال: إن بعض الصالحين، ألحّ عليه الغمّ، وضيق الصدر، وتعذّر الأمور، حتى كاد يقنط، حيث كان بينه وبين رجل متمكن من أذاه عداوة فخافه خوفاً شديداً ولم يدر ماذا يصنع.
فرأى في منامه كأن قائلاً يقول له: اقرأ في كل يوم في إحدى ركعتي صلاة الفجر، سورة الفيل إلى آخرها.
قال: فقرأتها، فما مضت إلاّ شهور، حتى كفيت أمر ذلك العدوّ، وأهلكه الله تعالى فأنا أقرأها إلى الآن.
قال المؤلف التنوخي: دفعت أنا إلى شدّة لحقتني شديدة، من عدوّ فاستترت منه، فجعلت دأبي قراءة هذه السورة في الركعة الثانية من سنة الفجر، في كل يوم وأنا أقرأ في الأولى منها: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} إلى آخر السورة لخبر كان بلغني أيضا فيها.
فلما كان بعد شهور، كفاني الله أمر ذلك العدوّ، وأهلكه الله من غير سعي لي في ذلك، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، وأنا أقرأها في ركعتي الفجر إلى الآن (1-106).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved