ذات يوم زارتني خالة لي وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث فاخبرتني بقصة ابنها خالد حيث قالت لقد توفي أبو خالد عندما كان خالد في السنة الثانية بالجامعة وكنا نشكو ضيق ذات اليد وكاد خالد يقطع دراسته بسبب الظروف المادية الا ان الله سهل الامور واتم خالد دراسته ودخل باب الحياة حيث قد توظف في احدى المصالح الحكومية واخذ يدير شؤون العائلة المكونة مني واخيه واختيه الصغيرتين وبقي على هذا الحال مدة ثلاث سنوات أراد بعدها ان يتزوج وكان قد توفر لديه مبلغ ثمانية آلاف ريال هي حصيلة توفيره على مدى ثلاث سنوات.
وعندما اخذ يبحث عن زوجة صالحة استدل على احد اصدقاء ابيه وطلب يد ابنته فما كان من صديق ابيه أبو عبدالرحمن الا ان طلب مبلغ خمسة عشر الف ريال مهرا لابنته فاخذ ابني خالد يفكر في كيفية تدبير باقي المبلغ فأدللته على صديق قديم لأبيه يقال له ابو سليمان ليقرضه باقي المبلغ وهكذا كان حيث قد ذهب اليه خالد وطلب منه المبلغ الباقي عليه لاتمام المهر فاعطاه ابو سليمان المبلغ فدفعه إلى والد الفتاة وتزوجها.. وبعد مدة قصيرة من الزمن اخذت الفتاة تتكاسل عن الاعمال البيتية ثم اخذت تتشاجر معي وتفتعل الاسباب التي تجعلها تذهب إلى بيت ابيها فمرة تدعي ان امها تطلبها ومرة تقول بأن والدها مريض وترغب بزيارته فأصبح مكوثها عند أهلها أكثر من مكوثها عندنا في بيت الزوجية، وفي احد الايام افتعلت سببا للشجار معي وذهبت إلى بيت أبيها ورفضت العودة إلى بيت الزوجية الا اذا كان البيت لها بمفردها اي انها طلبت من خالد ان يسكن بيتا بعيدا عني وعن اخوته وحيث ان خالد ولد بار بوالديه متمسك باهداب دينه الذي حثه فيه الله سبحانه ببر الوالدين فقد رفض خالد هذا الطلب مفضلا فراق زوجته على فراق والدته العجوز وأختيه الصغيرتين.. ومضت مدة وخالد على هذا الحال يستشير أصدقاءه في ذلك فأشار عليه بعضهم بطلب الانتقال من البلدة التي فيها اهل زوجته واشار عليه بعضهم بطلاق زوجته الا انه تريث مدة اخرى من الزمن وذهب بعدها إلى بيت والد زوجته وعرض عليها الرجوع إلى البيت والعيش معه (زوجها) ضمن البيت الذي يعيش فيه هو واخوته ووالدته ودعاهم إلى العيش بتفاهم وتصافي وترك التفاهات الا انها أصرت على ان يكون لها بيت منفرد ومستقل عن أهل خالد فما كان من خالد حيال اصرارها هذا الا ان طلقها مفضلا طلاقها على الابتعاد عن والدته واختيه الصغيرتين ورعاية أحوالهما.
وبما ان الشدائد تتوالى ويختبر الله سبحانه بها عباده المؤمنين ليرى مقدار برهم. فقد جاء في هذا الوقت الرجل الذي اقرضه باقي المهر وهو ابو سليمان يطلب نقوده وحيث ان خالد لا يملك شيئا من النقود فقد وقع في ضيق وحرج، ولما كان لابد مما ليس منه بد، فقد ذهب إلى اصدقائه الخلص يعرض عليهم ظروفه فبعضهم اقدم ودفع بقدر طاقته وبعضهم تخلى وكانت تلك الفترة بمثابة اختبار دقيق لاصدقائه حيث انطبق عليه قول القائل:
جزى الله الشدائد كل خير
عرفت بها صديقي من عدوي |
وكانت رحمة الله عظيمة حيث ان عدد مَنْ دفع من اصدقائه كان كثيرا لدرجة انه سدد المبلغ المطلوب منه وتوفر منه مبلغ تزوج به خالد زوجته الحالية والتي هي من أخلص الزوجات التي عرفت في حياتي وأحسنهن اخلاقا ومعاملة طيعة لزوجها حسنة المعاملة لي تعاملني معاملة البنت لامها وهكذا انطبقت الاية الكريمة والتي تقول:{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} وهكذا كان طلاق خالد لزوجته الاولى وتزوجه بالزوجة الثانية خيرا له ولي والحمد لله ونحن الان نعيش بهدوء وسعادة ووئام.
قالت الخالة ذلك ثم صمتت وبعد قليل استأذنت للذهاب فودعتها إلى الباب وانا مازلت افكر في قصتها وقصة ابنها وزواجه بزوجته الاولى وكيف كانت احواله ثم بزواجه من زوجته الثانية وكيف تغيرت احواله إلى أحسن وصحيح ان الصبر مفتاح الفرج..
|