لا شك أن التطور السريع والمذهل في عمليات القسطرة والعلاج التداخلي للشرايين التاجية وما تبع ذلك من تطور في أنواع الدعامات المختلفة للشرايين التاجية قد استهوى الكثير من الأطباء والمرضى حتى ظن البعض أن هذه الدعامة أو البالونة هي الحل الأمثل لمشاكل الشرايين التاجية.
ولكني أرى العكس فلا بد من التركيز على بداية المشكلة وليس على النهاية والتركيز على الوقاية أكثر من التركيز على العلاج.
ما الذي يجبرك عزيزي المريض أن تصل إلى هذه النتيجة من تركيب اسطوانات معدنية في شرايينك التاجية وما قد تحدثه من مضاعفات لاحتمالات الانسداد مرة أخرى والتعرض لجلطات الشرايين وتكرار الدخول لغرف العناية المركزة بل وربما التعرض لجراحات القلب المفتوح لترقيع هذه الشرايين حينما لا ينفع إجراء التوسيع والدعامات.
وكل هذا يؤدي في النهاية إلى ضعف في عضلة القلب وهبوط مزمن بالقلب.
وليس معنى هذا أني أقلل من فوائد هذه الدعامات لأنها وبلا شك حلت العديد من المشاكل لمرضى القلب وربما تكون الحل الأمثل لعدد كبير من المرضى ولكني أود أن أنبه إلى أنه من الممكن أن نتقي مخاطر المرض من الأساس لان الدعامة جزء من المرض وليست نهاية المطاف فالمريض لا يتوقف عن أخذ الأدوية لمجرد أنه قام بتركيب الدعامة بل ربما تزيد الأدوية عنه قبل تركيب الدعامة.
من هنا أقول إن الوقاية خير من العلاج بل إن الوقاية أقل كلفة بكثير من العلاج.
وقد جاءني مريض الأسبوع الماضي عمره 38 سنه ويدخن في اليوم أكثر من عشرين سيجارة ووزنه يعادل 130 كجم ويشتكي من ضيق بالتنفس مع الجهد وجاء ليطمئن على قلبه ولحسن الحظ كان القلب سليما ولكن هذا الشخص لا يعتبر من ناحية العوامل المساعدة لحدوث قصور بالشرايين التاجية سليما بل هي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت وبدون سابق إنذار.
لذا ماذا ينتظر شخص يدخن 20 سيجارة في اليوم ووزنه فوق المائة كيلو جرام ولا يمارس الرياضة ولا يتابع ضغط الدم ولا الكوليسترول والكارثة لو كان بالإضافة إلى ذلك مريض بالسكر.
إن تركيز الجهد على تعديل كل هذه العوامل المساعدة على حدوث قصور الشرايين التاجية لهو أولى من التركيز على طرق العلاج بعد حدوث المصاب فهذا يوفر الصحة ويوفر المال وينقذ الإنسان من المهالك.
فيا عزيزي المريض اعلم أن كل سيجارة تدخنها هي يوم أو أسبوع أو شهر أو سنه تنقص من عمرك (بعد مشيئة الله عز وجل).
وإن كل سيجارة تدخنها هي إضافة إلى معاناتك في المستقبل من آلام الصدر المزمنة والتعرض (لا قدر الله) لأزمات القلب والدخول لغرف العناية المركزة وربما غرف قسطرة القلب وربما (عافانا الله وإياكم) غرف جراحة القلب المفتوح لتغيير الشرايين التي هلهلها التدخين وأنهكها الإهمال في اتباع نصائح الأطباء.
ويا عزيزي البدين انهض واتبع نظاماً غذائياً لإنقاص وزنك ولا تكثر من الدهون الحيوانية واللحوم الدسمة وأكثر من أكل الخضراوات والفواكه الطازجة والتحق بأي نظام لممارسة الرياضة إما في صالة جمانيزيوم أو تمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً على الأقل فهذا بإذن الله خير وقاية لك من أمراض الشرايين المهلكة.
ويا عزيزي مريض ضغط الدم لا تهمل في متابعة ضغطك واتبع نصيحة طبيبك ولا تكثر من أكل الملح والمخللات فالضغط الطبيعي يقي من أمراض الشرايين ويقلل من نسبة حدوث نوبات القلب بنسبة تفوق 40%.
ويا عزيزي مريض السكر عليك باتباع الحمية الغذائية المناسبة كما يحددها لك الطبيب ومارس الرياضة وانقص وزنك وخذ دواءك بانتظام ولا تنسى حبة الأسبرين فهي وقاية من جلطات القلب والشرايين إلا إذا كان هناك مانع من استعمالها.
والنصيحة الأخيرة أوجهها للذين يعيشون حياة كلها توتر ومشاكل إما في الحياة واما في العمل فتراه منذ الصباح لا يهدأ له تفكير دائماً مشدوداً يتحدث عن خسارته في المناقصة ثم يتنقل ليتحدث عن تخطيطه للدخول في شراء أسهم بقيمة كذا وكذا والسيجارة لا تفارق يده منذ الصباح وحتى النوم ولا يمارس أي نوع من أنواع الرياضة فتراه بدينا مدخنا متوتراً فهذا أقول له أنت تنتحر انتحاراً بطيئاً.
أقول له استيقظ مبكراً ومارس الرياضة لمدة نصف ساعة اذهب إلى عملك ومارسه دون توتر وكن هادئا واقلع عن التدخين فوراً وعد في الظهيرة إلى منزلك لتنال قسطاً من الراحة ثم عد إلى عملك ونم مبكراً ولا تؤخر وجبة العشاء حتى لا تصاب بالتخمة والله الموفق والشافي.
وأخيراً أنصح زملائي الأطباء أن يبذلوا جهداً كبيراً في توعية المرضى بكل هذه العوامل المساعدة على حدوث قصور الشرايين ونحاول معهم ونساعدهم على التخلص منها فهذا أفضل بكثير من الوقوع في المحظور من الإصابة (لا قدر الله) بأمراض الشرايين والبحث عن طرق العلاج من قسطرة وبالونة ودعامة وربما جراحة.
وقانا الله وإياكم من هذه الأمراض والأمراض جميعا.
دكتوراه أمراض القلب
استشاري القلب بمركز النخبة |