أشياءُ صغيرةٌ في حياة الإنسان، قد تمثِّل محاور ذات شأن في تغيير توجُّهه, أو طريقة عادته, أو أسلوب عمله..., وقد تحدِّد له احتياجاته, وتقوده إلى شؤون أكثر اتساعاً أو أضيق احتياجاً...
تذكِّرني الأشياء الصغيرة في حياة الإنسان, بترتيب منزله... فهو إن أعاد ترتيب أشيائه فإنَّه سيخرج بدْءاً بخليط من تفاصيل مقتنياته, وتتوقف على المقتنيات المادية, فيبدأ في فصل الأكبر منها, فالأصغر, ويضع كلَّ قطعة منها في مكانها, ومن ثمَّ يفاجأ بالتفاصيل الصغيرة لأشيائه, لا يحتار كثيرٌ من الذين يتعوَّدون ترتيب أشيائهم في أمرها ، ذلك لأنَّ الترتيب المتوالي يقود إلى تنظيم قائم, قد لا يحتاج المرء له إلى مزيد من الوقت أو الجهد أو التفكير, بينما الذين يراكمون أشياءهم, يضَّطرون عند إعادة ترتيبها إلى وقت وجهد وتفكير... لذلك تجدهم عند الوصول إلى الأشياء الصغيرة يكون جهدهم قد أُنْهك فيعودون إلى (لملمة) التفاصيل، ومن ثمَّ حفظها لتكون التركيبة الجديدة للتفاصيل التي يعود فيتراكم فوقها ما استجد...
هذا في شأن أشياء الإنسان المادية التي يمكن وجودها في كلِّ وأيّ مكان يوجد فيه، ويمارس وقتاً من أوقاته كالمنزل, ومكتب العمل, والعربة, و... و..., فما يكون في شأن الأشياء الصغيرة المتناثرة في تفكير الإنسان؟
داخل منظومة قد تضَّطرب لسبب وآخر, وقد تُخلَط في كثير؟! وما يكون من شأن الأشياء الصغيرة داخل وجدان الإنسان؟ قد ينفعل ويتفاعل في وقت وقد يتلاشى في أوقات! إنَّ هذا التركيب التكوَّين من العقل والقلب فيه أشياء صغيرة قد تعصى على صاحبهما فلا يقوىعلى التًّحكم في أشيائهما الصغيرة أو إعادة ترتيبها...
ناهيك عن مجتمع مكوَّن من هذا الكم العددي من السكان وهو يعيد ترتيب برامجه, وخططه, وآليات التَّنفيذ لتطوره, والإضافات لتغيير السالب من نتائج أداء مؤسساته السياسية والاقتصادية والتعليمية والخدمة الاجتماعية والإعلامية, و... و...
كم/ وكيف يحتاج هذا المجتمع إلى الفصل بين تراكمات الأشياء الصغيرة بعضها يتعلق بأعراف وتقاليد, وآخر بنمط من السلوك أُقرَّ دون أن يعترض عليه أحد فلحق بالتعوُّد, وتتحكَّم فيه المشاعر والأفكار, وترسّخه القيم الداخلية التي لا يقوى أحد على تبديلها أو الاستعاضة عنها إلاَّ متى أُعيد النَّظر في هذا التَّداخل الشامل بين ما هو أبقى, وما هو قابل للفصل والإحالة إلى التلاشي.
طرأت لي فكرة- الأشياء الصغيرة- وأنا أجهد كثيراً في ملاحقة عناوين الصحف الكبيرة والصغيرة, وكثرة الأسماء والأفعال, وتعدُّد المجالات التي تنشرها الصحف يوميا ترتبط بحركة تطوير وتغيير, وإضافة, وإقرار ورفض, و... في الشأن الاجتماعي العام... حتى بتُّ لحظات أناظر الصحف فقط لتعوُّد عينيَّ على المرور الذي يجعلني كما أمسكتها بدءاً أضعها نهايةً، دون أن أكون قد تذكَّرت شيئاً ممَّا قرأت.
فلملموا الأشياء الصغيرة
لإعادة ترتيب الأفكار...
ومن ثمَّ التفاعل مع الذي يأتي..
|