* إعداد - عبدالمؤمن القين:
يسر صفحة عالم الشباب أن تستضيف الأستاذ الكبير عبدالعزيز الرفاعي، وهو غني عن التعريف، لذا سنترك القارىء معه ليتعرف إليه من خلال إجاباته عن حياته الأدبية وعن كثير من قضايانا المعاصرة.. أنه في هذا اللقاء يجب على كثير من الأسئلة التي تتردد في أوساطنا الأدبية ويشرح وجهة نظره بكل وضوح.. ولا يسع في هذه الصفحة إلا أن تشكره بالتفضل على الإجابة عن كل الأسئلة وتخصيص جزء من وقته لها راجية أن ينتفع القارىء بآرائه وأفكاره.
****
* أعطنا نبذة عن حياتك؟
- نشأت بمكة المكرمة، وحصلت على الشهادة الابتدائية من إحدى مدارسها، والتحقت بالمعهد العلمي السعودي، ومنه تخرجت.. ثم دخلت مدرسة الحياة.. وتلاحظ أنني أخفيت سنة ميلادي لتحزرها بنفسك!!
* ما هو أول مؤلف لك؟
- بكل أسف ليس لي مؤلفات بهذا المعنى الذي تقصده، الذي يتبادر لذهن القراء، أما منشورات المكتبة الصغيرة، التي لا تعدو أن تكون مقالات طويلة بعض الشيء، فأولها (توثيق الارتباط بالتراث العربي) وهو مجرد محاضرة أعيد طبعها.
* كنا وما زلنا نسمع عن ندوتك بأنها من أفضل الندوات، فما هو نشاطها وإنتاجها؟
- عفوك.. ليست هناك ندوة.. بالمعنى المعروف من هذه الكلمة.. وبالتالي ليس هناك نشاط ولا إنتاج.
هناك (جلسة) رتيبة مساء الخميس، وهو الوقت المخصص لاستقبال الاخوة الذين يشرفونني بزيارتهم.. حيث لا أستطيع استقبال الاخوة الذين يشرفونني بزيارتهم.. حيث لا أستطيع استقبال الضيوف في أي يوم آخر.
وإذا التقى هؤلاء الاخوة، وكان بينهم عدد من الأدباء، فقد يخوضون في الأدب.. كما هو الشأن كلما التقى الأدباء في أي مكان.
بيد أن أحاديث هذه الجلسة، قد تنصرف إلى غير الأدب، مما يتحدث فيه الناس كلما ضمهم مكانه..
لقد بالغ بعض الاخوة الأصدقاء من الصحفيين في وصف هذه الجلسة، فعلوا ذلك بوازع من صداقتهم.. ولكنها في الواقع لا تعدو ما أسلفت وقد لا تضم أحياناً إلا قلة القليلة من الزوار الذين قد يروق لهم أن يتحدثوا عن أسعار (القوطة)..
* كم لغة تجيد؟
- إنني أحاول جاداً أن أتعلم اللغة العربية.. وأقول لك الحق إنني ما زلت سنة أولى عربي..
* ما دور المرأة في حياتك؟
- لعبت أمي دوراً كبيراً في حياتي.. ثم جاءت امرأة أخرى (فلطشتني) منها.. وأخذت هي الآن (تلعب) أدوارها.. ولا يوجد شيء ما بين هاتين السيدتين وهما سيدتان فاضلتان.. وأنا (فاضل) معهما.
* ما السبب في قلة إنتاجك؟ وما هي آخر مؤلفاتك وأبحاثك؟
- لا أعتبر (إنتاجي) قليلاً.. فإن لي ابنين وابنتين.
أما مؤلفاتي فأنا لم (أؤلف) بعد.. فمازلت شاباً كما ترى.. أما آخر أبحاثي.. فبحث متواضع عن (كعب بن مالك) الشاعر الأنصاري الصحابي، آمل أن أخرجه قريباً في المكتبة الصغيرة.
* بما أنك مهتم بالتراث العربي فهل بإمكان جمعية التاريخ والآثار بالجامعة المساهمة الفعّالة في بث الوعي التراثي؟
- أحب أن أبادر فأقول إنني لم يبدر مني أية بادرة تدل على اهتمام بالتراث.. ولكني أحث نفسي والآخرين على الاهتمام به، لأنه هو القاعدة التي ينبغي أن ننطلق منها إلى بناء أدبنا الجديد هو الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه الهرم الأدبي..
أما جمعية التاريخ والآثار.. فأنا متفائل جداً بوجودها، ولقد كنا في حاجة إلى نشاط مثل هذه الجمعية، وأنا آمل أن يمتد نشاطها ويعمق، ويسهم بأوسع الوسائل في بث الوعي التراثي.
* مؤتمر الأدباء العرب ما جدواه؟ وما دوره في الصراع القائم بين العرب وإسرائيل؟
- أهم جدوى للمؤتمرات الأدبية هي لقاءات الأدباء وتعارفهم.. أما كل ما يقال بعد ذلك عن قرارات الأدباء أو عن توصياتهم فهو كلام في كلام، إلا أن كلام الأدباء دائماً يمتاز بالطابع الأدبي.. كلام تحب أن تسمعه شعراً أو نثراً، وتحب أن تقرؤه، ثم لا شيء بعد ذلك..
أن الأدباء أنفسهم يستطيعون من نبع إيمانهم بتبعاتهم أن يؤدوا أعمالاً ضخمة.. أن يغيروا حقاً أفكار الشعوب.. أن يوجهوا الأجيال، ولكن ذلك لن يكون بقرارات وتوصيات، وإنما بإيمان عميق برسالة الفكر.
بكل أسف لقد تحولت المؤتمرات الأدبية، إلى معارض أزياء.. أزياء فكرية.. أزياء الموضة.. بما في ذلك الأدب السيريالزمي.. وإذا كانت الأزياء تحاول أن تبرز مفاتن النساء.. فإن المعارض الأدبية تحاول أن تبرز (الفتنة) الكبرى التي يعيشها العرب في هذا العصر العجيب.. عصر الانشقاق المذهبي، وهو أخطر أنواع الانشقاق لا أعرف كيف يستطيع أن يلتقي أدباء تفرقهم نظريات متعارضة نحو اللغة، وطريقة التعبير، والاقتصاد والاجتماع؟
إن الوحدة الثقافية شيء ضروري للمجتمع العربي، وأن الوحدة الثقافية شيء ضروري للمجتمع العربي، وأن الوحدة الثقافية ينبغي أن تنبع من عقيدة.. ونحن هنا في هذا البلد الإسلامي ينبغي أن ندعو إلى مؤتمر للأدب الإسلامي.. وأن نؤازر هذه الفكرة بكل ما نملك من وسائل لتنداح وتكبر، ثم نقابل العدو صفاً موحداً في العقيدة والفكر، ولا أجد وقتاً أنسب من هذا الوقت للدعوة إلى عقد هذا المؤتمر ما دمنا في أعقاب مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي الثاني في كراتشي.. إن وحدة الفكرة قاعدة أساسية لأي مؤتمر أدبي.. أما محاولة لقاء الأدباء المتنافرين فكرياً فهي لعبة شد الحبل.
* الأدب السعودي أين تضعه بين سائر الآداب؟ وهل أمكن له الانتشار والترجمة؟
- سائر الآداب؟! هذه معضلة.. لو سألتني أين أضعه في الأدب العربي المعاصر ليسرت لي الإجابة أذن فلأجب في هذه الحدود..
أن الشعر السعودي يسعني أن أضعه في مستوى الشعر العربي المعاصر، ليس في قمته طبعاً ولكن في مستوى الجيد منه..
أما البحث والتأليف، والنثر الفني، والقصة فكل هذه تأتي دون مكانة الشعر.. ودون المستويات السائدة في بعض البلاد العربية، ولكني أرجو أن تنمو بعض هذه الفروع في وقت قريب.. أن لدينا من كتاب المقالة من يضارع كتابها الممتازين في البلاد العربية الأخرى ولكن أدب المقالة وان كان أسير أنواع الأدب، فإنه ليس أبقاها.
* هناك من يطبق أسس النقد الأدبي الغربي على الأدب العربي بمختلف عصوره، ما رأيك في هذا الاتجاه؟ وإلى أي مدى يفيد الأدب العربي إذا كنت من أنصاره؟
- من الخطأ في نظري تطبيق مقاييس النقد الأدبي الغربي على الأدب العربي.. ذلك أن النقد إنما ينطلق أساساً من خصائص اللغة.. هذا فيما يتعلق بالتعبير ذاته.. أما بالخط الفكري، وأسلوب المعالجة فقد تلتقي هنا مقاييس النقد على صعيد عالمي أو إنساني بمعنى آخر أن من مقاييس النقد الغربي منها ما يصح أن يطبق على الأدب العربي كمقاييس فكرية عامة, ومنها ما لا يصح أن يطبق عليه، ما دام للأدب العربي خصائصه ومميزاته..
* المكتبة السعودية ما رأيك فيها؟
- المكتبة السعودية فقيرة، ولكنها أخذة في النمو.. وأنا متفائل فإنها ستكبر وتغنى بكل جديد ومفيد.
* ما هي المسؤولية الأدبية؟ وبماذا تحددها؟
- المسؤولية الأدبية، أو التبعة الأدبية، تبعة توجيهية، أن الأدب في نظري عامل بناء، وكذلك ينبغي أن يكون وأن يظل، أن حدها عندي أن تتطلب البناء لا الهدم، والتجميع لا التشتيت.
* بماذا تحدد دور الأديب في المجتمع؟ وكيف يمكن لهذا الدور من الوقوف إلى جانب ماديات العصر على قدم المساواة ليحقق تناسقاً بين الروح والمادة ويتحقق بأمثل شكل؟
- في الوقت الذي يقوم الأديب في المجتمع بتغذيته بعناصر جمالية، ترفع من تذوقه للجمال وتمتعه فكرياً، ويجب أن يرفعه إلى مستويات خلقية، وفكرية، ونضالية مثلى، ومتى استطاع الأديب أن يحقق في ذاته لقاء معتدلاً بين الروح والمادة، استطاع أن يعطي معطيات فكرية تمثل هذا اللقاء.
* ما رأيك بمستوى النقد في بلادنا؟
- مستوى محزن.. أنه تجريح وتشويش لا نقد.. انه هجاء نثري لا نقد..
* ما رأيك بدور شعراء المقاومة في الصراع بين العرب وإسرائيل؟
- لاشك أنه دور فعّال.. لكني أحب للكلمة الشعرية في مواقف الصراع، أن تكون جهيرة لا غامضة، مصورة لا مستعرضة.. أحب أن تكون عميقة لا سطحية. أحب لها أن تنداح في الجماهير لا تهمس في بعض زوايا عشاق الأدب.. أن شعر المعارك يجب أن يصخب لا أن يهمس في خفوت..!! هذا رأيي.
* كناقد، بماذا تعرف الشعر؟ وهل ما زال يؤدي دوره في الحياة كما يجب؟
- أولا: لست ناقداً..
ثانياً: تعريف الشعر أعجز السابقين واللاحقين.. ولكني أستطيع أن أصف أثره في نفسي.. هو الألفاظ المموسقة، ذات المعاني الموحية، إذا هزت هذه وتلك أعماقي، وأثارت خيالي، وصحتُ: الله.
لا تحسب أنني عرفت الشعر، بل لم أعد أن وصفت الرائع منه.. أما أن الشعر المعاصر يؤدي دوره كما يجب فلا أظن..
تسألني عن السبب؟ أقول لك: ان الشعر المعاصر لم يستطع أن يخاطب الجماهير.. لأن الجماهير العربية لم تعد متحدة الذوق..
كان العربي يقول القصيدة فيدرك العرب في كل مكان مراميه ومعانيه ويقفون على مواطن الجمال والإبداع من شعره، أما الآن، فقد أصبح الشعر عمودياً وغير عمودي ورمزياً وغير رمزي.. وأصبح للناس مفاهيم خاصة تجاه الشعر.. ولهذا لا يستطيع الشاعر أن يكسب إعجاب الجماهير في كل مكان..
* ما رأيك بأدباء الشباب في بلادنا؟
- أدباء الشباب أصناف.. الذين أقرأهم وأفهمهم أعجب بهم كل الإعجاب، ومنهم المبدعون بحق..
* نزار لماذا لم تتم بحثك عنه؟
- ما كتبته عن نزار، أستطيع أن أقول إنني نشرت معظمه، وهو كاف في التعبير عن رأيي في نزار.
* ما نصيب الشعراء السعوديين من جهودك وأبحاثك؟
- منذ زمن كنت أقدم دراسات عن بعض كبار شعرائنا السعوديين على ضوء ما نُشر من دواوين.. وبودي أن لو وجدت وقتاً لدراسة ما جد من دواوين.. خاصة ديوان الشاعر الكبير محمد حسن فقي.. ولكن مشكلتي أنني أحب متى توجهت إلى دراسة ما، أن أمنحها الجدية كلها.. وهذا مطلب صعب يتطلب وقتاً وتوفراً لا أجدهما.. الآن.
* كتيب (خمسة أيام في ماليزيا، يمثل أدب الرحلات)، ما قيمة هذا النوع من الأدب في عصرنا الحاضر؟
-أنا لا أعتبر (خمسة أيام في ماليزيا) من أدب الرحلات لأنه تصوير صحفي لزيارة عابرة عجلى.
أما أدب الرحلات، فقد تفوق في هذا العصر، وله مكانته البارزة فيه، يكفي أن أضرب مثلاً بما نشر (أنيس منصور) عن رحلاته التي لاقت رواجاً كبيراً جداً.
أن أدب الرحلات بحق، هو مجموعة من ألوان الأدب، نماذج وصفية رائعة، ونماذج من الأدب التاريخي والجغرافي، عدا عن أن أدب الرحلات يرسم شخصية الأديب الرحالة، كما فعلت رحلة ابن بطوطة، إذ شكلت عنصراً مهماً من حياة ابن بطوطة نفسه.
* عرّف كلا من هؤلاء: الفقي، شحاتة، السرحان، القنديل، الزمخشري، القرشي، الربيع، العواد، العطار، الجفري، مشعل؟.
- الفقي: قمة شعرية شامخة.
شحاتة: شاعر لا يبارى.. ليته ينشر ديوانه.
السرحان: أجنحة قوية.. بلا ريش.
القنديل: قنديل أخضر.. إذا تجلى كان فناناً بارعاً، أما بلدياته (فاللوز منو).
الزمخشري: يجري أحياناً كالنهر، ويمشي أحياناً كالجدول.. ويترقرق أحياناً كالغدير.. ويقف أحياناً فيركد.
القرشي: مثال للشاعر المخضرم الناجح الذي جمع إلى عبقرية الشاعر العربي الحديث، فهو لقاء ممتاز للازدواج الفني المعاصر، وللقرشي تحليقات هفهافة لا أكاد أجد نظائرها بين شعرائنا.
الربيع : مثال للأديب المتزن، والناقد النزيه، والباحث المستقصي باختصار هو أستاذ بحق وحقيقي.
العواد: شاعر كبير، وأحد بناة الأدب في البلد.
العطار: كتاب دسم.. أو موسوعة متنقلة.. أو خزانة كتب ناطقة باللغة العربية.
الجفري:عبقرية ليتها تفصح!!.
مشعل: نبوغ من نوع غامض.
* هل لك نشاط في الدول العربية؟
- آسف.
|