جلست أمام التلفاز وأخذت بجهاز التحكم عن بعد ثم صرت انتقل بين المحطات الفضائية، وإذا بنشرة الأخبار، ها هو مشهد من المشاهد اليومية - اجتياح دبابات - هدم منازل ودماء غزيرة تنزف، استفزني مارأيت، أُسرٌ تحت الأنقاض وأناس ماتوا والذي لم يمت يموت حزناً على من فقد، انتابني الغضب الشديد والحزن وصرت أصرخ بصوتٍ عالٍ: (الموت لليهود وتسقط إسرائيل).
انتهت نشرة الأخبار وأتى بعدها تقرير عن الأحوال الجوية. مرتفعات ومنخفضات وثلوج على موسكو وأمطار، شعرت بالملل وغيرت المحطة.
مررت بكثير من المحطات وها أنا أقف مرة أخرى فإذا (بفيديو كليب) شباب وفتيات يرقصون ويغنون، انتباني الصخب وصرت أغني معهم وأرفع صوتي وأكاد أرقص أحياناً وأتفوق على المغني في أدائه، انتهت الأغنية ولكنني لم أغير المحطة ولم أشعر بالملل هذه المرة! بل شعرت بضيقٍ في نفسي وأنبني ضميري، لماذا نسيت أحزان أخواني بهذه السرعة؟
وليست هذه المرة الأولى ولكنني أفعل ذلك كل يوم تقريباًَ. ما يعزيني هو أنني لست الوحيد في هذا، بل هذا هو حال (الشباب العربي) أصبحنا نغني أكثر من اللازم.. ونقيم الحفلات والمهرجانات الغنائبة..
كيف يغني! من لديه جرح عميق، أليس في فلسطين والعراق إخوان لنا؟ أليس الأقصى جرحاً في قلوبنا جميعاً؟
لقد أسرفنا في الغناء, دعونا نبتهج ولكن بقدر ما لدينا من أحزان، وأقول لمن غنوا وأسرفوا في الغناء ولم يكن الأقصى جرحاً في قلوبهم وسبباً في حزنهم غنوا ما طاب لكم.. أما أنا فقد اعتزلت الغناء.
|