Monday 8th March,200411484العددالأثنين 17 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(معاً في المربع الذهبي.. ولا مفرَّ من التشجيع) (معاً في المربع الذهبي.. ولا مفرَّ من التشجيع)
عبدالله بن عبدالرحمن الزَّيد

برغم المتغيرات جميعها.. وبرغم كثيرٍ من المتغيرات التي لا تَسُرّ، وبرغم سياق الحياة البشرية الذي لا يُفْلِتُ من غريب التحولات، وبرغم اتّساع وحشة الحذر داخل الإنسان من أجل أن تَتَقَبَّلَ او تتوقع مزيداً من البشاعة وصيغ الرعب.. برغم كل ذلك ومثله معه تبقى هناك حالات لا تفي بقبولها كلُّ إمكانات الاحتمال، والاستيعاب والصبر على فقرات فهمها..!
النماذج - ويا للأسى والأسف - كثيرة متوالية.. مثل:
(أب يغتصب ابنته)!!، (أم تبيع ابنها أو تقتل ابنتها)!!، و(ابن يقتل أباه)!!، (ابنةٌ تقتل أباها بمساعدة أمها)!!، (ابن يقتل أمه من أجل الحصول على المال)!!، و(شخص يدخل إلى أسرةٍ من أقاربه ويُبيدهم)!. إلى آخر هذه الحالات المرعبة! ولعلّ من آخر ما حدث حتى الآن من هذه النوعية المروّعة المخزية هو: قيام مجموعة من الشّبان بالغدر بزميلهم في بلاد الغُربة وخنقه وقتله من أجل حفنةٍ لا تكاد تذكر من المال ومتاع هذه الدنيا الزَّائلة الفانية..!!
ودوافع الاستغراب إزاء هذه الحالة تأتيك وتتوالى من كل حدب وصوب:
* انهم من هنا من هذه البلاد الطاهرة مهبط الوحي وأعظم الرسالات ومنبع الدين القويم والخلق الكريم والضمير والخوف من الله العلي العظيم، ومولد الحبيب الرؤوف الرحيم سيد ولد آدم أجمعين المبعوث رحمةً للعالمين..
* انهم من جزيرة العرب جزيرة الأصالة والطيب والنبل والكرم والإغاثة والرعاية والحماية والحمية جزيرة البطولة والفروسية والانفة والشيم..
* ان المغدور ابن جلدتهم منهم وفيهم فلم يكن من خندق مضاد فعلاً ولم يكن بلا دين ولا خلق ولا سلوك قويم..
* ان عملية الغدر تمت في بلاد (الغُربة) بعيداً عن الوطن والأهل والديار وهي الحالة التي يرقُّ فيها القلب مهما كانت قساوته وتحن فيها النفس مهما كانت قريبةً من اللؤم، الحالة التي تتأجج فيها الوطنية وتشتعل (الأريحية) و(الفزعة).. الحالة التي يكونُ فيها أبناء البلد أشبه باللحمة والسُّدى مهما كان بينهم من الخلاف والاختلاف..!!
* لم يكن بينهم وبين المغدور به أيّ عداوة أو تِرَةٍ أو ثأر..!!
* ان المغدور به توسل إليهم و( ترجاهم ) واسترحمهم .. وعرض عليهم
ان يعطيهم ما يريدون في مقابل أن يطلقوا سراحه ويفرجوا عنه..!!
ولكن.. برغم كل هذه العوامل تمثل الشّيطان في ألعن ما يكون وفي أشد الحالات كفراً وإلحاداً وبعداً عن ملكوت الله الرحمن الرحيم..!!
لذلك جاءت هذه (الجريمة) في منتهى (البشاعة) و(الخسة) و(النذالة) و(اللؤم) والتجرد من كلّ ما يمت إلى الإيمان بصلة..
لقد أَفْصَحَتْ عن سقوط ذريع في القيم بكل منابتها ومنابعها، وعن مستوى مروّع مرعب من غياب الهدى والدين والخلق في أدنى مستوياته..!!
ومن هنا تأتي هذه الجريمة غير قابلة أبداً لأي نوعٍ من التحليل والتفسير ولا لأيّ شكلٍ من أشكال النقاش وإيجاد الحلول، إنها ذلك النوع الصلد الذي لا يملك الإنسان إزاءه إلا أن يضع رأسه بين يديه لتُسْلِمَهُ الدموعُ والحسراتُ إلى صَفْصَفٍ من الصمت الرهيب الذي ليس له لون ولا طعم ولا رائحة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved