لمَن يكتب الكاتب؟ سؤال بدهي.. أو يبدو كذلك.. بعض الإجابات تقول: إنه يكتب وفي ذهنه قارئ بعينه فرداً أو جماعة.. بعضها يؤكد استهدافه الجمهور يخصُّه بالكتابة.. وبعض ثالث لا يشغل نفسه بالسؤال؛ لأنه مشغول بالكتابة. هذه الإجابات تُثير تساؤلاً من نوع آخر:
هل الكتابة وظيفة اجتماعية يؤديها الكاتب؟ هل هي هواية يمارسها، أم هي ترف القصد منه مجرَّد المتعة؟ وهل يمكن أن تكون مهنةً واحترافاً؟
الكتابة الإبداعية فردية جداً في إنتاجها، جماعية بالضرورة في استهلاكها وتأثيرها. جماعية الاستهلاك لا بد وأن تترك أثرها على عملية إنتاج الإبداع؛ لأن انتشار الكتاب مرتبط بقدرته على جذب القرَّاء، وهو لا يكتسب هذه القدرة إلا إذا استجاب إلى متطلباتهم أو جزء منها؛ كأن يلامس قضية اجتماعية أو وجودية.
أو أن يحقق متعة لقارئه، وهذه يبلغها عندما يكون كاتبه على قدر عالٍ من الخبرة والدراية بفنون الكتابة، سواء كان هاوياً أو محترفاً.
الكتابة إذَنْ تتحرك في فضائها (فضاء الكتابة) الاجتماعي، وليس في فراغ من حركتها تلك امتلاؤها وتجدُّدها؛ لأن الحركة في فراغ ليست حركةً، ولا حتى ثباتاً، بل عدم كونها خارج الزمان والمكان.
ما لم تعرف الكتابة إلى مَن تتوجه.. وما لم تحدد قارئها بالمعنى الواسع فهي إذَنْ رسالة الفرد إلى نفسه؛ لأن المُرسِل هو المُستقبِل.
لمَن يكتب الكاتب؟ سؤال بدهي قديم.. ولكن تجنبه يعني بعض التغاضي مع الكتابة الإبداعية بجدية، ومحاولة (التحرُّك) في الفراغ بدلاً من الفضاء الاجتماعي.
| 
