يتزامن التصعيد الإسرائيلي الذي أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء خلال 24 ساعة إلى ما يقترب من العشرين، مع محاولات فرض الهيمنة والاطباق على المنطقة في شكل تحرك للولايات المتحدة يتخذ من الإصلاح مطية له.
وعلى هذه الخلفية يطرح رئيس الوزراء الإسرائيلي اريل شارون خطته للفصل في قطاع غزة، وهو تحرك من جانب واحد يُسقط تماماً أي تشاور مع الجانب الفلسطيني بل يستعلي على مجرد الاتصال مع السلطة، وبدلاً من ذلك فإن خطة شارون في غزة تفترض الاستعانة بمصر للحفاظ على أمن الشريط الحدودي عند منطقة رفح، وهو أمر ترفضه مصر كما يلقى رفضاً عربياً بشكل عام، باعتبار أن الأمن في رفح من شؤون السلطة الفلسطينية وأن تجاهل إسرائيل لهذه السلطة لا يعني بأي حال من الأحوال تجريدها من مسؤولياتها وحرمانها من سلطاتها ومن المناطق التي تمارس فيها هذه السلطات.
وفي (سيناريو) شارون بشأن غزة مجموعة من الإجراءات القمعية، يظهر بعضها الآن في شكل التوغلات والاقتحامات للبلدات والمدن واستخدام قوة نيران مكثفة لإحباط أي نوايا للناشطين من مد نفوذهم إلى حيث ستنسحب إسرائيل من مستوطنات غزة.
وما حدث أمس في مخيم البريج والنصيرات حيث سقط 14 شهيداً، يأتي في سباق التصور الشاروني الذي يعتمد القوة لتركيع الفلسطينيين.. لكن شارون لا يتعلم، فالمقاومة الفلسطينية لم تتخل في يوم من الأيام عن النضال وكلما شددت إسرائيل من قبضتها وكلما أطلقت العنان لآلتها الحربية لتعمل تقتيلاً في الفلسطينيين كلما تلقت ضربات موجعة تجعلها في كل مرة تعيد النظر فيما تفعل، لكن إسرائيل سرعان ما تعود لأخطائها لترتكب المزيد من الفظائع، ومن ثم تدور عجلة العنف..وينبغي التأكيد على الصعيد الدولي بأن هذا الطغيان الإسرائيلي لا ينبغي تشجيعه، لأن ذلك يترك بصماته على سلامة المجتمع الدولي بشكل عام، وأن الذين يدعمون ويشجعون إسرائيل إنما يسهمون في إحداث سوابق تخل باستقرار العالم وتزيد من مساحة الظلم وتسهم مباشرة في (تفريخ) اليائسين الذين يشكلون العمود الفقري للإرهاب.
|