تأجل توقيع أعضاء مجلس الحكم العراقي على مسودة الدستور المؤقت، الذي كان مقرراً له مساء يوم الجمعة.. إلى اليوم الاثنين، وقد استغل أعضاء مجلس الحكم مهلة اليومين وأجروا لقاءات معمقة مع الزعماء الدينيين والشخصيات المؤثرة في العراق إذ أجرى سبعة من أعضاء المجلس من الشيعة مباحثات مارثونية مع المرجع الشيعي علي السيستاني عن طريق ابنه رضا، واتخذوا منزل المرجع الشيعي الأخ سعيد الحكيم مقراً لاتصالاتهم تلك.. أما أعضاء مجلس الحكم الآخرون فقد أجروا بدورهم اتصالات لم يكشفوا عنها إلا أن التأجيل وظهور الخلاف بين أعضاء مجلس الحكم وخاصة بين الأعضاء الشيعة والأكراد إلى العلن، قد أديا إلى ظهور العديد من الآراء والنقاشات التي تراوحت بين الاعتراض على أحقية مجلس الحكم أصلاً في اعتماد دستور حتى وإن كان مؤقتاً للعراق، في حين يرى أصحاب هذا الاعتراض أنهم أشخاص غير منتخبين وأنهم معينون من قِبل قوات الاحتلال، فكيف يحق لهم اعتماد دستور ينظم إدارة الدولة العراقية والقضايا الأساسية الهامة مثل رئاسة الدولة والفيدرالية والسيادة الوطنية والعلاقة مع قوات الاحتلال؟ فهؤلاء الأعضاء في مجلس الحكم وإن كانوا يمثلون شرائح مهمة في الطيف العراقي ولهم تاريخهم الوطني الحافل، إلا أن معظمهم غاب عن العراق قرابة الثلاثين عاماً، وأنهم كما يقول المعارضون لا يمثلون العراقيين تمثيلاً حقيقياً إذ إن الكثير من الشخصيات العراقية الدينية والوطنية مغيبة كما أن مسودة الدستور الذي يراد من أعضاء مجلس الحكم العراقي التوقيع عليه واعتماده لتسيير إدارة الدولة العراقية غير معروفة ولم يطلع عليها غير أعضاء مجلس الحكم ولم تنشرها الصحافة العراقية كما لم تعرض على الشخصيات العراقية الأخرى سواء من كبار الساسة أو العلماء المسلمين أو شيوخ العشائر، ولذلك فإن الكثير من العراقيين يرون الإجراء غير شرعي.. لأنه كما يقول المعارضون إن من أعد الدستور ومن يوقع عليه غير شرعيين لأن من اختارهم يحتل العراق الآن..!!
ويذهب المعارضون إلى أبعد من ذلك يقولهم إن (الدستور المؤقت) تدبير تم في الظلام.. ولأن ما يطبخ في الظلام تنكشف عورته عندما يعرض إلى النور.. وهذا ما سبب الخلاف.
ويضيف المعارضون لمبدأ توقيع دستور مؤقت لم يطلع أحد على بنوده، أنه سواء تم التوقيع اليوم الاثنين أو حصل تأجيل آخر، فإن كثيراً من البنود تحتاج إلى إقناع وتفاوض ومنها دور الإسلام في العراق الجديد، وصياغة الرئاسة إضافة إلى الفيدرالية وحق النقض للأقلية.. ثم كيف يتم احتساب الأكثرية والعراق لم يشهد إحصاء توضح فيه الصفة الطائفية.. كما أن الإحصاء الذي يوضح الصفة العرقية أجري منذ وقت طويل حصل بعده العديد من المتغيرات الدمغرافية سواء في شمال العراق أو جنوبه؟!
|