* جدة - صالح عبدالله الخزمري:
كعادة نادي جدة الأدبي يظل رمزاً مشرقاً في خدمة الثقافة, يشهد بذلك القاصي والداني, من خلال أنشطته المتعددة وإصداراته المتخصصة.
ولعلنا نلمس أخيراً احتضانه لجماعة حوار التي تقرأ وتنقد بعض النصوص السردية المحلية.
وما قراءة النص في عامه الرابع إلا شاهد على هذا التميز سيما وآنه خصص عن مسيرة الشعر في المملكة العربية السعودية, وهو رحب, حيث سيستمر وعلى مدى ثلاثة أيام لحوالي 29 باحثاً وباحثة.
(الجزيرة) رصدت مشاعر ونبض عدد من المشاركين في الملتقى وبعض محبي الثقافة والشعر على وجه الخصوص فكانت انطباعاتهم كالتالي:
د. محمد مريسي الحارثي - عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى - وأحد المتحدثين في الملتقى قال: دأب نادي جدة الأدبي الثقافي على إقامة مشروعه في قراءة النص, وهو من المشروعات الأدبية التي استقطبت اهتمامات الباحثين, وأسهموا بدراسات أدبية معمقة ومتخصصة منذ اللقاء الأول, ويشهد هذا اللقاء الرابع فيما أتصور دراسات لها أهميتها نظراً لخصوصية هذه القراءة التي ستتناول مسيرة القصيدة السعودية في آفاقها المضمونية, في بناءاتها اللغوية, مما يضع المنبر الشعري السعودي بين يدي الدارسين في صورة تقربه من قرائه, وتعطيه وقته من الدرس والتحليل, وتحدد إلى حد ما مكانته بين المنجز الشعري العربي.
ومن الأمور التي تحسب لنادي جدة الأدبي في هذه اللقاءات تحديد القضايا واختيار الباحثين الذين يقدمون شيئاً مما يرغب الوصول إليه المهتم بالدرس الأدبي, وهذه الميزة التي ينفرد بها هذا النادي تجعله يقف في الصفوف الأولى بين المنابر الأدبية المحلية والعربية أيضاً, وأتوقع أن يكون لهذا الملتقى الرابع صوت علمي موضوعي يضع الروية الشعرية السعودية تحت المجهر دون مجاملات لها.
د. جريدي المنصوري - عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى - وأحد المتحدثين في الملتقى قال: ملتقى قراءة النص مشروع ثقافي كبير لا يضطلع بمسؤوليته إلا جهات كبيرة, ولا شك أن الإخوة في نادي جدة الثقافي وعلى رأسهم الأستاذ الكبير عبدالفتاح أبو مدين يقومون بجهود موفقة لخدمة الثقافة على مستويات متعددة من بينها هذا الملتقى الذي يعد حدثاً ثقافياً مهماً بما يقدم فيه من بحوث وما يدور حولها من مناقشات علمية وبخاصة أنه يعتمد على طريقة مناسبة في اختيار القضايا والمحاور بحيث تستوفي الجوانب المتعددة للنشاط الأدبي مع الزمن.
ويتم التركيز في كل عام على جانب واحد تدور حوله الأبحاث والأوراق المقدمة وهي فرصة لمزيد من التفاعل بين المهتمين بالشؤون الأدبية والنقدية.
د. أبوبكر باقادر - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة قال: ندوة قراءة النص انطلقت لتؤسس ما عرف بمدرسة جدة للنقد واستمرارها للمرة الرابعة يدل على أن هذه المدرسة جادة في تأصيل مفهوم الثقافة وتأصيل مفهوم مدرسة نقدية.
ورغم ان ملتقيات هذه الجماعة النقدية أصبحت تهتم بحقل أو جنس أدبي ما إلا أنها لا تزال تسعى إلى تأصيل نوع من الممارسات النقدية الطبيعية الممزوجة باحتياجات نظرية محلية.
إنني على يقين سلفاً أن أبحاث الندوة ستكون من الثراء والتعدد والجدية ما كان للندوات السابقة, وأتمنى أن تستمر جماعة جدة للنقد أعواماً جديدة وسنوات قادمة.
وأبارك للنادي الأدبي على تأصيله واستمراره لبناء صرح أدبي مرموق في هذا الجزء من الوطن. وفق الله الجميع.
الأستاذ غالب حمزة أبو الفرج - رئيس تحرير جريدتي المدينة والبلاد سابقاً قال: الشعر الهاجس الأكبر الذي يعشعش في عقول السعوديين على اعتبار أنه ديوان العرب كما يقولون, وإن كان كبار الروائيين يقولون بأن الرواية هي ديوان العرب.
ولكن لا نريد الدخول في هذه المتاهات, وإنما نناقش عملاً نعتقد أنه ملائم لأوضاعنا بعد أن أحجم الكثيرون عن قراءة الشعر, وأصبح الشعر شيئاً يقبع في بعض الكتب ليس إلا.
لهذا جاءت قراءة النص لهذا العام في نادي جدة بمثابة إحياء لجذور هذا الشعر الذي فقد كثيراً من قرائه, وإن لم يفقد معانيه.
وأنا وإن كنت من كتاب الرواية إلا أنني أتذوق الشعر وأتمنى أن يعيش ليتعرف اليه القاصي والداني بعيداً عن لخبطات الشعر المحلي او العامي أو غيرهما من هذا الذي اعتقد أنه يضعضع قوى اللغة العربية التي نأمل لها أن تعيش, وأن تتجذر في نفوس أبنائنا, أولئك الذين أصبحت قراءاتهم وإن كانت مفيدة, فهم يجيدون القراءة بأكثر من لغة, لكنهم بعيدون عن الشعر العربي وما قدم في الماضي وما صنع للعرب من أمجاد, فالشاعر كان في القبيلة وزير إعلام يتحدث باسمها وينافح عنها, وكلما كان قوياً كانت قبيلته كذلك.
هكذا الشعر أما اليوم فالشعراء قلة ولكنهم مع هذا مجيدون ونتمنى لهم أن يكثروا فيجيدوا المعرفة وفلسفتها ويمنحوها للأجيال القادمة.
قراءة النص وسيلة للمعرفة لا يكفي ان نستمع اليها في النادي وإنما يجب ان تقوم الصحافة وخصوصاً الصفحات الثقافية بإلقاء الضوء على هذا العمل الذي هو في الحقيقة شيء جدير بالمعرفة من الأجيال الحاضرة التي كونت ثقافات أخرى من خلال قراءتها بلغات مختلفة, ففهم اللغة الأخرى عبارة عن فتح نافذة للثقافة والمعرفة نريدها ونتمنى لها أن تزيد كما نتمنى للشعر العربي أن ينهض وينتشر ويتعرف عليه الناس كل الناس.
سحمي الهاجري - القاص المعروف وأحد المتحدثين في الملتقى قال: تطورت جميع الفنون مع تقدم البشرية ولكن يظل الشعر هو أسمى الفنون الأدبية وأقدرها على التعبير عن الذات الإنسانية بل إن المستوى الراقي الذي بلغته الفنون القولية الأخرى كان بسبب محاولتها ملاحقة الشعر ومطاولة قامته السامقة فقد كان الشعر بمثابة الفرقد أو النجم الهادي لبقية الفنون الأدبية.
واهتمام النادي الأدبي الثقافي بجدة بالشعر هذا العام بتخصيص ملتقى النص لمسيرة الشعر السعودي هو انعكاس لإيمان القائمين على النادي بأهمية الشعر خصوصاً وأن الشعر هو ديوان العرب وأن هذه البلاد خصوصاً كانت منطلقاً للشعر العربي في عصوره الأولى التي وصل الشعر فيها إلى أرقى المستويات التي بلغها الشعر العالمي, وليس غريباً أن تكون مضماراً لنهضة شعرية جديدة.
لا شك أن الشعر الفصيح يمر بأزمة وخصوصاً في المملكة - لأسباب عديدة أهمها اشتباكه السلبي مع الخطاب الاجتماعي, فجاءت الأوراق المقدمة في هذا الملتقى لتناقش مشاكل الشعر وقضاياه لتفتح آفاقاً جديدة لأدبنا الذي سيظل الشعر أسمى فنونه, وكل تطور للفنون الأخرى حجة للشعر لا حجة عليه.
الأستاذ عائض القرني - الأديب المعروف وأحد المتحدثين في الملتقى قال: كما تعودنا من نادي جدة الأدبي الثقافي تميزه دائماً في برامجه وأطروحاته إذ أصبح منبراً ثقافياً يصدر ثقافتنا وتجاربنا الأدبية عبر إصداراته المتعددة ودورياته إلى القراء بكافة الأقطاء العربية ناهيك عن داخل الوطن لعل هذا الملتقى (قراءة النص) في عامه الرابع وهو يوالي نجاحاته ويستقطب الأسماء الفاعلة ثقافياً والمتخصصة في الحقول والمجالات المطروحة أصدق دليل على تميز هذا النادي, وقد سعد كثير من المتابعين للحركة الثقافية في بلادنا بتخصيص هذا الملتقى في دورته الرابعة للشعر في المملكة وذلك لعدة أمور.
1- أن الشعر كما يعلم كل مثقف هو ذاكرة الأمة العربية ودوره لم ينحسر إلا في العصور الحديثة عما كان عليه قبله منذ أربعة عشر قرناً أو يزيد.
2- أصبحت العناية بجنس الشعر ثانوية في ظل طغيان السرد بأنواعه مما جعل الكثير ينخرط في كتابة الرواية والقصة والأشكال السردية حتى ممن كنا نعدهم شعراء من أمثال د. عبدالرحمن القصيبي والأستاذ علي الدميني وغيرهما.
3- ان هناك تجارب شعرية متنوعة ومنتجاً شعرياً أنتجته مواهب من هذه البلاد باختلاف اطيافها وتوجهاتها.
حقيق بنا الالتفات الى تلك التجارب بالتقويم والمراجعة ولا أجد إلا الثناء الجزيل والشكر الوافر لهذا النادي العريق ممثلاً في رائده الرئيس النشيط الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وزملائه أعضاء مجلس إدارة النادي على هذا الدور لتنشيط الحراك الثقافي والأدبي, ثم أشكرهم أن أتاحوا لي فرصة المشاركة مع هذه النخب الثقافية ولو بدور بسيط بوصفي مديراً لإحدى الجلسات, وكل ما أرجوه أن ينجح هذا الملتقى كما نجحت الملتقيات الثلاثة السابقة.
|