Monday 8th March,200411484العددالأثنين 17 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
انتخاب المجالس البلدية وقفة تأمل!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

استضافتني مطبوعة محلية للتعليق على قرار مجلس الوزراء الموقر القاضي بتفعيل مبدأ الانتخاب للمجالس البلدية، بحيث يختار نصف أعضائها انتخاباً، وقد كتبت مداخلة مطولة حول هذا الموضوع، اقتبس لقرائي الكرام بعضاً منها، حيث قلت:
1- إن هذا القرار جاء ضمن خطط الاصلاح لمنظومة الحكم والإدارة في بلادنا للارتقاء بالشأن العام للوطن والمواطنين، تنمية وإدارة ومعاشاً، بدءاً بصدور النظام الأساسي للحكم، فتفعيل مجلس الشورى نظاماً واختياراً، وزيادة عضويته مراراً، ومنحه من الصلاحيات والمسؤوليات ما يمكنه من أداء مهمته خدمة للقرار التنموي، ثم إعادة تشكيل مجلس الوزراء، واستقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة للبذل من خلاله بسخاء، فكراً وأداءً، ولذا، فإن فكرة تفعيل انتخاب المجالس البلدية لم تأت صدفة، ولا ارتجلت ارتجالاً، بل هي جزء من رؤية تنموية شاملة، يرجى منها ولها الكثير من الخير بإذن الله.
2- هناك جدل قائم بين بعض رموز النخب الدينية والسياسية والثقافية في بلادنا حول مبدأ الانتخاب بوجه عام، منهم المتفائل به طمعاً في تأصيل ممارسته، ومنهم المشكك في جدواه خوفاً من بعض تداعياته، مستندين في ذلك إلى حيثيات واعتبارات آنية خاصة ببلادنا، من بينها أمية الحرف، والتركيبة القبلية والعرقية والعائلية، وغياب (ثقافة الاختلاف) التي تقوم عليها الممارسة الانتخابية، وغير ذلك مما تحويه أدبيات الجدل المسموع والمقروء في هذا الصدد.
وتفصيلاً لهذه الثنائية الجدلية أقول:
أ- المتفائلون يرون أن بلادنا قد أدركت حظاً من التعليم والنضج الحضاري، يجعل أبناءها قادرين على خوض هذه التجربة، وقطف ثمارها، مع احتمال نشوء أخطاء قابلة للتقويم والتصحيح، ويستشهد أهل هذا الموقف بتجربة دول مجاورة وغير مجاورة كانت أقل منا حظاً في التعليم، ورغم ذلك خاضت وما برحت تخوض التجربة الانتخابية بنجاح نسبي، حتى لو تخللتها بعض الشوائب، ويضيفون ان التردد في تطبيق التجربة الانتخابية قد يؤخر مسيرة الاصلاح في بلادنا عقوداً، ويجهض تطلعات الناس للمشاركة في صناعة القرار التنموي الذي يمس شؤون حياتهم، حاضراً ومستقبلاً.
ب- أما المتحفظون على تجربة الاقتراع فيرون أنها تتطلب تأهيلاً متعدد الجوانب كي تؤتي نتائج ايجابية، لمصلحة الوطن والمواطن، ويسوقون مثلين لعناصر التأهيل المنشود هما:
- توفر سقف أعلى من (حرية الرأي) واستثمارها لمصحلة القرار.
- الاعتراف ب (ثقافة الاختلاف) التي تتطلبها ممارسة الاقتراع الشعبي، ويلاحظ في هذا السياق ان بعض شرائح المواطنين، حتى الفئة المثقفة منها تمارس أحياناً شيئاً من (أحادية الرأي) والاصرار عليه ونفي أو تهميش ما يخالف ذلك، مما يجعل العملية الانتخابية مبتورة الأطراف، بل قد تكون هذه النزعة سبباً في إثارة تراكمات جدلية من الماضي والحاضر، يصعب التعامل معها تحت (المظلة الأحادية) في الفكر والرؤية، وأن هذا قد يفتح باباً من الفتن لا تحمد لها عقبى! وقد يكون المستفيد الوحيد من هذه النتيجة بعض الموتورين نفسياً وسياسياً ممن يضمرون السوء لأمن بلادنا وسمعتها واستقرارها، ويكيدون لها كيداً!
أختم هذه المداخلة بمايلي:
أولاً: إنني لست متشائماً كل التشاؤم بمبدأ الانتخاب، ولست متفائلاً كل التفاؤل بممارسته، بل أرى قدراً من الحق والحقيقة في بعض بنود الموقفين المنوه عنهما أعلاه، لكن هذا لن يردعني من القول بأن من الملائم أن نبدأ المشوار الطويل نحو صندوق الاقتراع ولو بخطوة واحدة، وأن نكون في الوقت نفسه حذرين كل الحذر من الانغلاق ضد هذا المبدأ أو الانفلات في المطالبة به بحس مطلق لمصلحة أي من الاتجاهين، فنسيء إلى جيلنا القائم والقادم!
ثانياً: أرى أنه لابد من استثمار المهلة الانتقالية التي تسبق تطبيق القرار وذلك بوضع ضوابط دقيقة تقنن العملية الانتخابية للمجالس البلدية خاصة ما يتعلق بالسن ومستوى التعليم والتجربة العملية وكفاءة الأداء ونزاهة الذات، بحيث نضمن حداً معقولاً من المشاركة الموضوعية والعقلانية الفاعلة في هذا السبيل، وإنني لواثق أننا سنتعلم الكثير الكثير نتيجة التطبيق الفعلي لهذا المبدأ، وما قد يستصحبه من عثرات وعبر، وصولاً إلى الهدف المنشود بإذن الله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved