للخيل العربية الأصيلة ارتباط وثيق بتاريخ وحضارة بلادنا (المملكة العربية السعودية) حيث تم توحيد البلاد على فرس وفارس في رحلة كفاح تجاوزت الثلاثين عاماً بقيادة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- وبعد أن استقرت الأمور نسبياً فإن المؤسس لم يهمل الخيل العربية الأصيلة أو ينسخها من الذاكرة، بل حافظ عليها كواحدة من أهم المواريث وجعلها في (خفس دغره) بمحافظة الخرج حيث تُنمى وتتوالد ولايخالطها غير أصيل، وشدد في أوامره بالمحافظة عليها والعناية بشأنها وكان ذلك ابتداء من عام (1346هـ) الموافق (1928م)(1) وبعد أن استتب الأمن نهائياً جمع خيول القبائل العربية حيث لم يعد هناك حاجة لها بعد توحيد البلاد فصاروا يهدونها له ويجزل لهم المكافأة حتى تكونت عدة مواقع بالمملكة(2) خصص لها شعبة من الديوان الملكي داخل القصر لرعاية الخيل العربية الأصيلة(3).
ونظم لها السباقات ابتداءً من توحيد البلاد عام (1351هـ) في كل من الطائف والرياض وشرف معظم سباقاتها كما قام بزيارتها في (خفس دغرة) ووقف عليها وتحدث مع المشرفين عليها ووجههم توجيهاً ساهم في علو شأنها، كما زارها الملك سعود -رحمه الله- عندما كان ولياً للعهد مرتين، وزارها الأمير محمد بن سعود الكبير رحمه الله في عام (1375هـ) وأقيم أول سباق للخيل العربية الأصيلة على شرف سموه وكانت قيمة الجائزة (500) ريال مقدمة من سموه وكان الفائز بالمركز الأول الخيال عبدالله بن كريوين المجيولي العتيبي(4) ثم نقلت الخيل العربية الأصيلة من (خفس دغرة) إلى (وادي ديراب) في عام (1383هـ) وذلك بتوجيه كريم من الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- وأشرفت عليها وزارة الزراعة(5) واستمرت سباقات الخيل العربية الأصيلة تقام حتى عام (1387هـ) فتوقفت حتى يومنا هذا بسبب استيراد الخيل المهجنة (ثربرد)(6).
وفي عام (1986م) انضمت المملكة إلى عضوية المنظمة العالمية للحصان العربي (الواهو) بصفة عضو مشارك وفي عام (1991م) اعتمد السجل الأول لأنساب الخيل العربية الأصيلة بالمملكة بالإجماع وذلك بعد مناقشات استغرقت ما يقارب السنتين وكان عدد الخيل المسجلة فيه (913) رأسا، وفي عام (1992م) انضمت المملكة لمنظمة (الإيكاهو) المؤتمر الأوروبي لمنظمات الخيل العربية الأصيلة والتي تعنى بمعارض الجمال والسباقات والتسجيل وتم تصميم النظام الأول لبيانات سجلات الخيل العربية بالحاسب الآلي للمملكة العربية السعودية(7) وتمت إقامة سباق التحمل الأول للجياد العربية بالتعاون مع الاتحاد السعودي للفروسية ضمن فعاليات المهرجان الوطني الثامن للتراث والثقافة بالجنادرية وشارك فيه أكثر من (170) متسابقا من كافة أنحاء المملكة وقدمت فيه جوائز قيمة للعشرة الأوائل إلى جانب مكافأة مالية للخمسين الأوائل الذين وصلوا إلى خط النهاية (8) واستمرت سباقات التحمل تقام في بلادنا سنوياً منذ عام (1992م) كما أن هناك العديد من المشاركات الدولية للفرسان السعوديين في سباقات التحمل حققوا فيها انتصارات للفروسية السعودية على صهوات خيل الجزيرة العربية منها حصول فرسان المنتخب السعودي على الميدالية الفضية في بطولة أوروبا لعامي (1996م) في فرنسا و(1997م)(9) في سويسرا، وحصول الفارس طارق عبدالهادي طاهر على بطولة العالم لعام (1997م)(10) وهناك الكثير ممن لا تسعفني المصادر بإيراد أسمائهم.. وفي عام (1996م) أقيم العرض الوطني الأول للخيل برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بمركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة بديراب وكذلك العرض الوطني الثاني عام (1998م) تحت رعاية سموه(11) وهذه الأنشطة أعادت للخيل العربية الأصيلة مكانتها المرموقة ولذلك ارتأيت أن أساهم بهذا البحث المتواضع ليكون في خدمة الباحثين والمهتمين بالخيل العربية الأصيلة.
(1) يوسف ياسين في مقاله (نجد بمناسبة الحوادث الأخيرة) (أم القرى) العدد 303 تاريخ 4-6-1349هـ.
(2) ديكسون، عرب الصحراء.
(3) عبدالرحمن سليمان الرويشد، قصر الحكم في الرياض أصالة الماضي وروعة الحاضر.
(4) مجلة بواسل العدد السادس نوفمبر 2003م.
(5) إبراهيم شكري: في مجلة قافلة الزيت - صفر سنة 1383هـ.
(6) أنساب الجواد السعودي للخيل المهجنة، المجلد الأول.
(7) نشرة أعدها مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة بديراب.
(8) سباق التحمل الرابع من مطبوعات الاتحاد السعودي للفروسية.
(9) رواية الفارس مازن السهيان.
(10) مجلة فروسية، 21يوليو، 1998م، تغطية سليمان النافع.
(11) جريدة الرياض، 10 محرم لعام 1417هـ و 7 شعبان لعام 1419هـ..
|