Sunday 7th March,200411483العددالأحد 16 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حول الحياة الزوجية حول الحياة الزوجية
نعم للحب الصادق أما غيره فلا وألف لا

كتبت الأخت العنود بنت عبدالله في عدد (الجزيرة) رقم 11461 وتاريخ 23 من ذي الحجة 1424هـ وعلى صفحة (عزيزتي الجزيرة) موضوعاً بعنوان (ستنهار الحياة الزوجية في هذه الحالات) وكان في الأصل تعقيباً على موضوع سبق طرحه لي وقد خالفتني الأخت الكريمة فيما ذهبت اليه في ذلك الموضوع عندما قلت إن الحب مهم في الحياة الزوجية ولكن يبقى المال هوة الأهم في البداية أشكر الأخت العزيز على اطرائها الحسن وكلماتها الرقيقة بخصوص شخصي المتواضع وأتمنى فعلاً أن أكون استحق ذلك.. وكذلك أشكر العزيزة التي تتحفنا بين الحين والآخر بأقلام واعية واعدة رائعة كقلم الأخت العنود وهذه من الحسنات العظام التي تحسب لهذه الصفحة ومشرفها العزيز.. وأما ردي على الأخت فأقول مستعيناً بالله: جميل جداً اختي الفاضلة اذا اجتمع المال والحب في الحياة الزوجية وان حصل ذلك فتلك نعمة وخير من الله كثير. ولكن للأسف قلما يحدث ذلك وبنسبة ضئيلة لا تقارن بالعكس ابداً وطالما أنها نسبة قليلة جداً فهي من الشواذ عن القاعدة التي لا حكم لها.. ودعيني في البداية أسألك سؤألاً: هل تستطيعن أن تشتري مالاً بحب أم تستطيعين أن تشتري حباً بمال؟ بطبيعة الحال لا نستطيع أن نشتري أو نجلب المال بالحب فقط ولكن يمكن أن نجلب الحب بالمال لانه وببساطة الحب لا يؤكل خبزاً في هذا الزمن.. وستقولين وغيرك اذا استطعت أن أجلب الحب بالمال فبالتأكيد سيكون حباً مزيفاً وأقول لك: نعم ولكنك ستجدين الحب او جزءا من الحب وفي النهاية هو حب حتى لو كان ظاهرياً وامامك فقط وهذا ما يريده المرء وهناك ألف طريقة وطريقة مشروعة لجلب الحب بالمال كالاغداق على الآخر او جلب الهدايا المحببة للنفس وغير ذلك.. ودعيني أيضاً أختي الكريمة أخيرك الآن بين أمرين.. لو أردنا أن نضحي بواحد منهما (الحب والمال) في سبيل بقاء الآخر ولنرى أيهما اهم وايهما ستسير به الحياة الزوجية دون الآخر حتى وان كانت تفتقد للكثير من الأشياء المعنوية الجميلة في الوقت الذي تحوي أشياء معنوية جميلة وفي كل الأحوال.. اقول: دعينا نضحي إما بالمال أو بالحب ليبقى الآخر.. لو ضحينا بالمال وقلنا إننا سنعيش على الحب فقط والرومانسية والعواطف الملتهبة فهل هذا ممكن؟
بالتأكيد اختي الفاضلة هذا لا يكفي وغير ممكن ابداً لأن الحب لن يجلب المأكل والملبس والمشرب ولا حتى أدنى مستوى للحياة الكريمة.. ولن يستطيع علاجك أو أبنائك اذا ألمَّ بك أضعف وأبسط أمراض العالم.. والحب لن يشفع لك فقرك ابداً.. انا أعتقد أن زمن الحب ولى وذهب إلى غير رجعة ولم يعد له وجود الا في عقول الناس المثاليين الذين لم تعركهم الحياة بعد ولم يعيشوا واقعها المرير وظروفها القاسية ولم يعرفوا بعد أن اللغة السائدة في هذا الزمن هي لغة المال.. وان وجد هؤلاء المثاليون فبالتأكيد هم قلة ضائعون في زحمة الآخرين.. ومن ثم الحياة وايقاعها السريع واللهث المستمر وراء الرغبات والمصالح والبهرجة انسانا أهم عاطفه على وجه الأرض وهي عاطفة الحب فلم يعد لدينا هناك وقت للحب ويجب أن نعيش واقعنا المرير وليس مفروضنا الجميل.
بالمال تستمر الحياة وتسير المركب حتى لو كانت على غير ما نريد ونشتهي وأنت تعرفين أن حياة الزوجين يمكن أن تستمر لو أرادا ذلك بغير وجود الحب.. فهناك أشياء كثيرة يمكن أن تجعل الزوجين يستمران مع بعضهما البعض طوال الحياة حتى في ظل عدم وجود الحب يأتي على رأسها الابناء وتوافر المال وكذلك الرحمة والشفقة والعشرة والاحترام الواجب من قبل الاثنين ومراعاة واجبات كل منهما تجاه الآخر ولكن من مبدأ ديني بحت دون النظر الى الجوانب الشخصية او المعنوية او حتى الانسانية المهمة في الحياة الزوجية.. وشتان اختي الفاضلة ما بين الحب الحقيقي وما بين العطف والشفقة والرحمة والعشرة التي يقوم عليها الكثير من حياتنا الزوجية وشتان ما بين أن يؤدي الانسان او الزوج والزوجة واجباتهما تجاه بعضهما البعض بحب واخلاص حقيقي وبين ادائهما لهذه الأشياء كوظيفة هي مفروض عليهما اداؤها
اختي الكريمة أتعرفين بماذا توصى الفتاة وهي خارجة الى بيت زوجها هي بالتأكيد لا يقال لها كما قالت تلك الاعرابية لابنتها في ليلة زفافها: كوني له امة يكن لك عبداً.. ولم يقال لها أبداً احبي زوجك بكل جوارحك ولن يبتعد عنك قيد أنملة وانما أوصيت بالتالي :(قصي جناحي زوجك بقدر ما تستطيعين حتى لا يطير الى غيرك.. نفضي جيوبه اولاً بأول بداع وبدون داع حتى لا يجمع المال ويأتي بأخرى عليك.. اضافة الى ذلك انجبي له اكبر عدد ممكن من الأبناء حتى تثقلي كاهله بالمسؤولية وتجهديه وتربطيه دائماً بأطفاله...) وغير ذلك من الوصايا التي تشحن الأنفس وتجعل الزوجة في حالة توتر دائم.. أما الرجل فيدخل بيت الزوجية وقد ترسب في عقله أن المرأة متاع فقط لا غير وأنها مكسورة الجناح ويجب أن تطيع وتنفذ دون اعتراض حتى لو كان الأمر خاطئاً دون اهتمام بانسانيتها ومشاعرها.. وإن لم تفعل ذلك فغيرها ألف كما قيل له. اضافة الى ذلك فإن الرجل يرى أن أمه كانت تعيش كذلك ولم يحصل أي شيء ولم يعرف أن أمه كانت تعاني الأمرين ولكنها لخاطر عيونه واعتبارات اخرى كانت صابرة محتسبة.. بالله عليك في هذه الأجواء المشحونة مسبقاً كيف يوجد الحب وينمو ويعيش وكل من الزوجين يتربص بالآخر الدوائر؟
كيف تريدين من الاثنين أن يحبا بعضهما البعض وهما لم يتعلما ذلك بل تعلما أن الحب عيب وحرام ولا يجوز؟
واذا ارادت المرأة أن تعبر لزوجها عن حبها له علناً فإن ذلك بالتأكيد سيجرح انوثتها بل ويسقطها من عين زوجها ويأخذ عنها فكرة أن تربيتها سيئة وهذا ما تعلمته ، اما الرجل فتعبيره لحبه لزوجته يعتبر عار عليه وينتقص الكثير من رجولته ويفقده هيبته وهكذا يقول المجتمع، أبعد هذا كله تريدين أن نحب؟!
ما رأيك اختي الفاضلة بامرأة تقطِّع زوجها ارباً وتضعه في اكياس النفايات وترمي به داخل حجرة الصرف الصحي وآخر يقتل زوجته على فراش النوم دون سبب قوي ورجل يسرق مال زوجته وعرقها ويتزوج منه بأخرى وامرأة تضع المخدرات في حقيبة زوجها لترمي به داخل السجن ورجل يطلق زوجته بعد عشرين او ثلاثين سنة زواج دون أسباب وجيهة ويتركها وقد أخذها لحما ورماها عظماً للوحدة والشخوخة؟
ما هذا الا غيض من فيض من المآسي التي تحدث بشكل شبه يومي بين اثنين يقال لهما زوجان وأنهما يحبان بعضهما البعض
الحب يا عزيزتي ببساطة من خلال وجهة نظري الشخصية هو أن تدفع الآخر وترمي بنفسك مكانه تحت عجلات السيارة التي كانت ستدعسه لتموت بدلاً عنه.. هذا هو الحب اما غيره فلا وألف لا.

عبدالرحمن عقيل المساوي
أخصائي اجتماعي /الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved