يعتبر مهرجان المدينة المنورة السنوي أول مهرجان للتسويق وقد كانت انطلاقة هذا المهرجان قبل سنوات برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة عندما كان أميرا لمنطقة المدينة المنورة الذي تبنى الفكرة وتم تأسيس مجلس إدارة للمهرجان بعد صدور الأمر السامي الكريم برقم 3/ب/5508 في 20-4-1418ه بإقامة مهرجان سنوي في المدينة المنورة، يهدف إلى التعريف بمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف، والمشاريع الأخرى بالمنطقة المركزية وكذا أوجه التطور الحضاري الذي شهدته المدينة المنورة وأقيم أول مهرجان عام 1419ه وكان ناجحا وشاملا ومتنوعا حيث اشتمل على العديد من الفعاليات الترفيهية الجيدة وتوقع الكثيرون أن يشهد هذا المهرجان تطورا ونموا كبيرين خلال السنوات التالية في كافة الجوانب خاصة وأن سمو الأمير عبدالمجيد قال في تصريح ل(الجزيرة) ان هذا المهرجان وجد ليبقى ويتطور إلا أن ما حدث كان غير المتوقع حيث سجل المهرجان تدنياً ملحوظاً في الأعوام الماضية في مجال البرامج الترفيهية رغم أهميتها لأسباب غير منطقية.وكانت ولادة هذا المهرجان إرهاصة لولادة العديد من الفعاليات الترفيهية والمهرجانات التي انتشرت في ارجاء بلادنا الغالية وهذه الفعاليات تهدف إلى تشجيع السياحة البينية حيث يتنقل المواطن بين مناطق المملكة وكذا تنمية وتطوير السياحة الداخلية والخارجية في ضوء التنظيمات الجديدة التي اعتمدتها الدولة رعاها الله فيما يخص الزيارة والسياحة والتي بدئ العمل بها وقد حظيت هذه المهرجانات بقبول كبير من المواطنين الذين يزورون المناطق التي تنظم مثل هذه الأنشطة للاستمتاع بالفرص الجيدة المتاحة من خلالها ومنها التخفيضات في وسائل النقل وفي الفنادق ودور الإسكان والتخفيضات بالأسواق إضافة إلى حضور الفعاليات المتزامنة معها ومنها الأنشطة الترفيهية والثقافية التي تتناسب ومبادئنا وقيمنا.
وبعد أن تولى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة مهام عمله أميراً للمنطقة حرص سموه على توفير أسباب النجاح للمهرجان ووجه سموه بضرورة أن يتحمل رجال الأعمال بالمنطقة مسؤولية الإعداد والتنفيذ للمهرجان وهو توجيه كريم يعطي القوس لبارئها كما يقال، حيث ان من أهداف المهرجان تحريك الركود الاقتصادي وتوفير فرص استثمارية جيدة خلال فعالياته توفر فرص عمل مناسبة للكوادر الوطنية وهذه الأهداف لا يستطيع تحقيقها والتعامل معها إلا رجال الأعمال والعارفون بأبعاد الشأن الاقتصادي وكان رجال الأعمال بالمنطقة على قدر كبير من المسؤولية واكدوا رغبتهم في قبول التحدي وتولى مهام اللجنة التنفيذية للمهرجان عبدالرحمن بن مهل الرحيلي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة في ذلك الوقت لتنظيم المهرجان الرابع إلا أن لجان المهرجان الأخرى والتي تفعل أنشطته أعطيت لشخصيات اخرى بعيدة عن مجال الاقتصاد وبدأ مسار المهرجان في الخروج عن طريقه المرسوم حيث تدنت البرامج الترفيهية إلى ادنى مستوى لها تحت مقولة (وضع المدينة المنورة الخاص) واصطدمت كل محاولات المستثمرين في مجال الترفيه برفض العديد من الفعاليات وأصبح المهرجان ثقافيا بحتا حيث يركز على الجانب الثقافي من ندوات ومحاضرات رغم انها تسجل تدنياً كبيراً في الحضور وهو استفتاء غير معلن على رفض هذا التوجه بالشكل المكثف وقد حظيت بعض الفعاليات الثقافية المتميزة خلال المهرجان الرابع بحضور جماهيري منقطع النظير ومنها على سبيل المثال لا الحصر أمسية الشاعر الدكتور غازي القصيبي، وهنا لا بد من القول ان النشاط الثقافي المتميز مطلوب ولكن بحدود معقولة مع تكثيف الجوانب الترفيهية التي تهم الأسرة والطفل والشاب والرجل وكل الفئات وترضي كافة الرغبات حتى يجد الجميع متعة عند زيارة المدينة المنورة ونضمن توفر فرص جذب حقيقية لزيارة المدينة المنورة حيث ان زيارة المدينة تحظى باهتمامات الجميع على مدار العام لزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه ولكن خلال المهرجان يريد الزائر أن يجد فرصة للاستمتاع البريء البعيد عن الابتذال حتى تطول فترة إقامته بالمدينة المنورة.وجاء المهرجان الخامس كآخر المهرجانات الناجحة وقد أشرف عليه عضو اللجنة العليا للمهرجان وكيل إمارة المنطقة المهندس عبدالكريم الحنيني وتولى مهام الأمانة العامة المهندس مطر بن علي الشريف الذي أثبت أنه الرجل المناسب في المكان المناسب حيث حقق أرضية جيدة لانطلاقة قوية ومتواصلة للمهرجان كانت له طموحات كبيرة منها تحويل المهرجان إلى مؤسسة لها كيان متخصص وتعمل على تنمية موارد خاصة لدعم المهرجان إلا أن نقطة التحول الكبيرة التي ربما أثرت على المهرجان سلبا هو انتخاب مجلس إدارة جديد للغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة برئاسة الأستاذ منير محمد ناصر وعضوية نخبة مختارة من ابناء المدينة المنورة الشباب الذين كانوا مصدر تفاؤل لتحقيق مستقبل جيد لغرفة المدينة وهو تحقق من خلال ما قدمته الغرفة من منجزات جيدة خلال الفترة القليلة الماضية في شتى المجالات وهذه حقيقة لا بد من الإشارة اليها والتأكيد عليها إحقاقا للحق إلا أن تفاعلها مع تنظيم المهرجان السادس والذي كان موعد تنظيمه في العام الماضي 1424هـ - لم يكن موفقا بالشكل المرضي ويبدو أن انشغال المجلس الجديد بتنظيم بيت التجار من الداخل وتحسين أوضاع الغرفة أثر على اهتمام المجلس الذي قام تحت ضغوط المهام المناطة به بإسناد مهمة تنظيمه لشركة متخصصة في هذا المجال وتم وضع ضوابط للتعامل بين الطرفين وبعد شهور من الاخذ والرد فشلت المهمة فشلا ذريعا وتم تنظيم مهرجان باهت وغير حيوي حتى أن الجميع لم يشعر به وأعتقد أن مسؤولية الفشل جاء بسبب تهاون الغرفة في التعامل الجيد مع هذا الحدث تحت حجم المسؤوليات التي تتحملها الغرفة كما قلت سابقا إلا أن هذا لم يحم الغرفة من عتب الأهالي الذين أصيبوا بخيبة أمل وهم يشهدون الفشل والنهاية المأساوية لهذا المهرجان الذي كان له الكثير من الايجابيات.
والآن ورغم حلول العام الهجري الجديد وقرب الموعد المفترض لتنظيم المهرجان الجديد لهذا العام إلا انه ليست هناك أية بوادر على عزم الغرفة على تنظيمه وهي بذلك تقدم شهادة الوفاة لهذا المهرجان وهو ما يرفضه الجميع.ومن هذا المنبر أوجه رسالة نبيلة لسمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز بصفته رئيس اللجنة العليا للمهرجان أدعو سموه من خلالها إلى ضرورة انقاذ ما يمكن إنقاذه وتصحيح مسار المهرجان وصياغة أفكار جديدة لإعادة النظر بتشكيل لجان المهرجان وكذا بفعالياته وذلك بتمكين رجال الأعمال من أداء دورهم المناط بهم بالمهرجان حتى يعيدوا قطار المهرجان إلى مساره الطبيعي حتى نجني ثماره المنتظرة ويستعيد بريقه قبل أن ينتهي هذا المهرجان ونحن ننتظر تحقيق نجاح أكبر لمواكبة المهرجانات الأخرى واذا تعذر الآن اعادة النظر بتشكيل اللجان بسبب قرب بدء فعاليات المهرجان لهذا العام فأرجو على أقل تقدير أن يوجه سموه بضرورة تنظيمه هذا العام.
|