** تمتلئ المجالس بالنقاد المتبرعين.. أولئك الذين لا يملكون أدوات النقد وأساليبه وطرقه وآدابه..
** يأخذ أحد هؤلاء مكانه في المجلس.. ثم يطلق العنان للسان.. فلا يترك أحداً دون نقد..
** لا يعجبه أحد.. ولا يرضيه شيء.. وكل شيء خطأ.. وكل شيء سلبي.. وكل شيء لا يصلح.. وكل إنسان لا يفهم.. وكل دائرة مقصرة.. وكل عمل فاسد..
** يبدأ بالدعاة والخطباء.. ثم يأخذ في نقدهم وتجهيلهم وتفنيد خطبهم والحديث عن شيء يسميه مبالغاتهم أو أخطاءهم.. أو استشهاداتهم.. أو أي شيء.. المهم.. أن هذا الخطيب وهذا الإمام وهذا الداعية لا يعجبه أبداً.. ولا تعجبه خطبه ولا طريقة كلامه ولا أسلوبه.. ولاحتى طرحه ولا أي شيء.. وكل ما يقوله.. لا يعجبه.. ولو قلت له.. ما الذي تريد؟ لسكت.. لأنه لا يملك أي شيء سوى إطلاق العنان للسان..
** ثم يستلمون الأطباء والمستشفيات والمراكز الصحية فيقولون هذا المستشفى لا يصلح..وهذا الطبيب جاهل.. وهذا المركز (تعبان) وهذا المستوصف لا يفهمون شيئاً.. مع أنه لم يقرأ سطراً واحداً في الطب ولا في الأمور الصحية.. وبضاعته.. طول اللسان فقط..
** ثم ينتقلون إلى الصحافة والإعلام فيجهلون العاملين فيهما وينتقدون كل ما ينشر.. ويحذرون من الأمور المطروحة ويقولون.. إن كل ذلك كلام جرايد.. ثم يبدءون في تجهيل هذا الكاتب وهذا الصحفي.. ليصلوا إلى نتيجة.. إلى أن كل ما يكتب في الجرايد (خرطي) وأن كل الكتاب والصحفيين والأدباء جهلة..
** ثم ينتقلون إلى أساتذة الجامعات فيقولون عنهم.. إنهم مجموعة من الفاشلين لا يفهمون ولا يفقهون شيئاً.. وإن أكثرهم.. أخذ الشهادة هكذا بدون جهد.. أو من جامعة (خرطي) وإن الطلاب يشكون من سوء فهم المدرسين وضعفهم.. وإن مستوى هذه الجامعة أو تلك متدنٍّ للغاية.. وإن هذه الجامعة أو تلك.. جامعة (ما عندك أحد)..
** ثم ينتقلون إلى القضاة.. فلا يكاد يسلم قاضٍ واحد من جهالاتهم وسفههم وتطاولهم وقلة أدبهم..
** ثم ينتقلون إلى الدوائر الحكومية فتأخذ نصيبها من التجهيل والتخطئة.. ويأخذ المسؤولون فيها نصيبهم التام من النقد الجارح والتحطيم والاتهام بالجهل والضحالة والسطحية.
** ثم ينتقلون إلى أقرب حدث حصل في الأخبار فيوسعونه تشريحاً وتفصيلا.. فالحدث هنا.. وهم هناك.. ولا تملك سوى أن تحمد الله وتشكره لأن هؤلاء قلة ولا يؤخذ بآرائهم..
** ثم ينتقلون إلى البرادعي وجولاته وبوش ومعركة انتخابه.. مروراً بأحداث العراق وآخر أخبار ليبيا.. ثم يعلن هؤلاء :اتركونا من السياسة.. وعَطُونا الورقة.. نلعب صَكَّه قبل العشاء..
** بقي أن تعرف.. أن نصيب هؤلاء من الثقافة.. صفر.. ونصيبهم من الخبرة والمعرفة.. صفران.. وأدواتهم.. هي الفهلوة..
** (نقاد المجالس) لا يكاد يخلو منهم أي مجلس.. إذ يمد أحدهم لسانه.. متناولاً كل قضية.. ومشرِّحاً كل رأي.. ويعمل مداخلة إجبارية على الحضور.. ويأخذ في الكلام والاستطرادات حتى يأخذ الحضور النعاس.. دون أن يصل أو يصلوا إلى نتيجة بل هو مجرد (حكي) فقط.. يفسد الجلسة ويفسد الحوار.. ويفسد المجلس..
** ليستنا نسلم من هؤلاء.. وليتنا نملك الشجاعة بأن نقول لهم اسكتوا!
|