* القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد سيد:
توقع مصدر مسؤول بالجامعة العربية بحث القمة العربية المقبلة للملف الاقتصادي الذي أقره المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة العام الماضي بحضور وزراء المال والاقتصاد العرب ،والذي كان مقررا عرضه على القمة الماضية إلا ان ظروف الحرب على العراق حالت دون مناقشته واقراره.
وقال المصدر - الذي رفض ذكر اسمه - انه رغم ما تزدحم به المنطقة العربية من قضايا وتطورات سياسية الا ان الملف الاقتصادي يفرض نفسه على جدول أعمال القمة العربية المقبلة في آخر شهر مارس الحالي والتي ستناقش تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة، وذلك بعد ان خطت الدول العربية عدة خطوات هامة نحو تفعيل العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية المختلفة، وتعزيز التعاون من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي الذي أصبح ضرورة في ظل عصر التكتلات الاقتصادية والتحديات الاقتصادية التى فرضتها التطورات التي شهدتها المنطقة بعد حرب العراق، والتي ألحقت العديد من الأضرار بالاقتصاديات العربية..
مشيرا الى أن الجامعة أعدت ملفا متكاملا تضمن استراتيجية النهوض بالصناعة والزراعة العربية، والوضع الراهن لمنطقة التجارة الحرة وما تم تنفيذه منها، إضافة الى مراجعة ما تم الاتفاق عليه سابقا في قمتي عمان وبيروت لزيادة المبادلات التجارية السلعية والخدمية وتنشيط المبادلات وتحرير الأسواق العربية.
مقترحات سعودية
وأشار الى ان القمة العربية القادمة ستشهد مناقشة العديد من المقترحات التي تقدمت بها عدة دول عربية على رأسها المملكة العربية السعودية من اجل النهوض بالعمل العربي المشترك في جميع المجالات وبصفة خاصة المجال الاقتصادي وتتناول المقترحات السعودية المطروحة على القمة مسيرة العمل الاقتصادي العربي ضمن الجامعة العربية والعقبات التي اعترضت هذه المسيرة طوال السنوات الماضية والاقتراحات لتفعيلها وتطويرها من خلال وضع مراحل معينة لإنجاز ما تم الاتفاق عليه، كما تركز المقترحات السعودية أيضا على ضرورة تفعيل منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي والسوق العربية المشتركة والاتحاد الاقتصادي والاندماج الاقتصادي العربي. المقترحات السعودية والعربية الأخرى المقدمة ستكون محل نقاش القادة العرب من اجل إصلاح الوضع الاقتصادي العربي.. موضحا انه إذا كانت القمة القادمة ستشهد مناقشات ساخنة حول تطوير الجامعة العربية فان تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي جزء أساسي من تطوير منظومة الجامعة العربية، وهو الأمر الذي سبق أن أكده عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية مطلع الشهر الحالي عقب مناقشة اللجنة السداسية الوزارية الاقتصادية في اجتماعها بالقاهرة المسودة الثانية لمشروع تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف المصدر ان الخبراء الاقتصاديين فى كافة المنظمات العربية النوعية يأملون فى اقرار التوصيات التي توصلوا اليها بعد عدة اجتماعات متواصلة في أكثر من عاصمة عربية طوال العامين الماضيين للنهوض بالاقتصاد العربي خاصة مع دخول اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى عامها السادس دون ان ينعكس ذلك بالشكل المطلوب والمأمول على معدلات نمو التجارة العربية التي ما زالت تتأرجح مابين 10 - 12% ، وذلك بسبب القيود غير الجمركية رغم الاتفاق في قمة عمان على ضرورة إزالتها، الى جانب التباطؤ الشديد في إدراج وإعفاء الخدمات الى الاتفاقية، سيما ان قطاعات الخدمات هي الأوسع والأكبر أثرا في الاقتصاديات العربية.. مشيرا الى ان المشاكل الرئيسية التي تعاني منها الاقتصادات العربية ما زالت عند المستويات المعيقة لتحقيق تنمية مستدامة، ومنها ظاهرة الفقر، والبطالة، حيث تعاني غالبية الدول من بطالة تصل في المعدل العام الى 20% من أصل قوة العمل العربية المقدرة بحوالي مائة مليون عامل، كما ان متوسط حصة الفرد من الناتج الاجمالي دون مستوياته قبل عشرين عاما ويبلغ كمتوسط حاليا نحو 2500 دولار أمريكي.
وأشار الى ان اهتمام القمة بالحفاظ على وحدة العراق واصلاح الوضع العربي واجب قومي على القادة العرب، إلا ان بحث الملف الاقتصادي لن يستغرق ساعة من الزمن فقط لإقرار مختلف بنوده ليتسنى للمنظمات العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية تنفيذ كل ما يختص به.. مؤكدا ان آلاف الدولارات تم إنفاقها على اجتماعات واعداد هذه الدراسات والمشاريع الاقتصادية.
دراسة شاملة
وأوضح المصدر أن المنظمة العربية للتنمية الصناعية أعدت دراسة شاملة استمر إعدادها عاما كاملا بناء على توصية من وزراء الصناعة العرب، تتضمن مشروع استراتيجية للنهوض بالصناعة العربية وبحث آليات تفعيل العمل الصناعي العربي المشترك والبعد التكاملي للصناعات العربية والمعوقات التي تواجه السلع الصناعية بين الدول العربية وإزالة الحواجز غير الجمركية ومراجعة التشريعات والإجراءات الحكومية في هذا المجال وقواعد المنشأ العربية التفضيلية والمواصفات والمقاييس. وواقع الصناعة العربي وتفعيل التعاون الصناعي العربي المشترك وبحث آليات تحقيق هذا التعاون، ودراسة أداء القطاع الصناعي العربي من حيث درجة مساهمة الصناعات التحويلية والتكلفة الإنتاجية والصادرات الصناعية والتجارة البيئية والاستثمارات الصناعية العربية المشتركة والمستوى التكنولوجي للصناعة العربية والتحديات التي تواجه الصناعة العربية، بالإضافة إلى مناقشة الرؤية المستقبلية للتعاون العربي المشترك من خلال زيادة التبادل التجاري العربي ورفع القدرة التنافسية للصناعة العربية ومستوى مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي.
يذكر ان الاستراتيجية الصناعية الجديدة المقرر أن يقرها الرؤساء والملوك والأمراء العرب في قمتهم المقبلة تعتمد على صياغة منهجية للعمل الصناعي العربي المشترك تستند على مبدأ التخصص والتدرج وإقامة شبكات صناعية متعددة، فيبدأ نطاق العمل المشترك على نطاق صغير ثم يتدرج ليشمل تدريجيا كل الدول العربية وكل المجالات الصناعية وذلك من خلال تنفيذ خمسة محاور هي:
المحور الأول: تركيز نطاق العمل فى مجموعة قليلة من مجالات العمل الصناعي (السلع أو القطاعات أو التجمعات الصناعية) على نحو يتيح تعميق مجال التعاون والاهتمام بكل التفاصيل اللازمة مع إمكانية خدمة هذا التفعيل ماليا وإداريا.
المحور الثاني: تفعيل التشارك والتنسيق الصناعي فى المجالات الصناعية المختارة من خلال بناء شبكات متعددة تتضمن رؤية شاملة للاقليم العربي على نحو يجعل التكامل الصناعي العربي هو الهدف النهائي على المدى الطويل.. على ان يبدأ العمل فى المرحلة الأولى من هذا المحور فى مجموعة من الدول بناء على حزمة من المعايير والمؤشرات المختارة - التي يتم الاتفاق عليها - لأن تكون نواة فى عمل إقليمي صناعي مشترك فى واحد على الأقل من المجالات الصناعية التي يتم الاتفاق عليها.. كما يتم طرح مجال واحد على الأقل للتعاون الصناعي المشترك أمام كل دولة عربية.
المحور الثالث: التنسيق بين هذه الشبكات المتعددة من خلال آليات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، على أن يطرح ذلك اختيار استمرار المعاملة التفضيلية للمجالات الصناعية المختارة خارج شبكات الأقطار المنفذة لكل منها دون وجوب إرساء مبادئ السوق الحرة ويعني ذلك - حسب الاستراتيجية المقترحة أن الشبكات القطرية لكل مجال صناعي مختار سوف يتاح لها الاختيار ما بين مستوى التنسيق أو التكامل كإطار للعمل المطلوب تفعيله في المرحلة الأولى.. وفي حالة اختيار البدء بالتنسيق فقط دون التكامل يتم إعداد مقترح يوضح خطوات الانتقال من مستوى التنسيق إلى التكامل.. أيضا فى حالة اختيار البدء بالتنسيق يتم اختيار طريقة التعاون التجاري، هل تكون معاملة تجارية تفضيلية أم منطقة تجارة حرة؟ وأهمية ذلك السؤال فى انه يتيح للدول العربية فتح ملف التنسيق فى المجال الصناعي مع ملفات التنسيق المطلوبة فى مجالات أخرى تشريعية وادارية والتي يؤدي عدم إدراجها إلى إضعاف التعاون الصناعي.. وسيترك للدول الأخرى خارج كل شبكة صناعية أن تختار أساس التعاون التجاري مع هذه الشبكة وغيرها من الشبكات التى ليست عضوا فيها على النحو الذي تراه متلائما مع هياكلها وقواعدها الصناعية وإمكاناتها.. وهذا النهج يقلل من الحجم المالي المطلوب توفيره عند تكوين آلية التعويض.
المحور الرابع: وهو خاص باختيار مجالات العمل الصناعي المشترك إذ تقترح الاستراتيجية التي أعدتها المنظمة العربية للتنمية الصناعية ان تشمل مجالات التعاون كلا من المجالات الصناعية التقليدية مثل مجال الصناعات النسجية والحديد والصلب وأيضا المجالات الجديدة والتي قد يكون بعضها غير موجود بالفعل أو موجود على نطاق ضيق فى الوطن العربي، وأحد الأمثلة الواردة فى هذا السياق صناعة أجزاء الكمبيوتر والبرمجيات.. كما تقترح الاستراتيجية تدعيم فكرة التجمع مقابل فكرة القطاع، حيث ان اختيار تجمعات بدلا من قطاعات يتيح إشراك عدد اكبر من الدول العربية في كل شبكة إذ أن التجمع يضم في داخله مجموعة من الصناعات التى لا تنتمى كلها الى قطاع واحد، إلا أن تنميتها معا يعتبر أمرا حيويا للنهوض بالصناعة على نحو فعال مثل قطاع النسجيات الذي يضم كل الصناعات النسجية مثل الغزل والنسيج والأقمشة والحبال والمنسوجات المنزلية والمخرمات والسجاد والملابس الجاهزة.
المحور الخامس: ويحدد معايير اختيار الدول المشاركة فى كل شبكة صناعية، حيث تنحصر فى سبعة بنود أهمها وجود المجال المختار كأحد الأنشطة الهامة فى الهيكل الصناعي الحالي للدولة المرشحة لدخول الشبكة.. وتقارب الأطر التشريعية والقانونية والتجارية أو توافر الرغبة في تحقيق هذا التقارب.. قبول مبادئ تسهل من حركة انتقال عوامل الإنتاج خاصة عنصر العمل.. ووجود تقارب فى أطر إدارة السياسات النقدية وعلى رأسها منهجية تحديد سعر صرف العملات الوطنية وأسعار الفائدة المحلية.
اقتراح
وتقترح الاستراتيجية ان يكون أحد المنهجيات التجارية التي يعتمد عليها التنسيق الصناعي في صيغته الحالية هي ان يكون موجها ومستهدفا بناء القدرة التنافسية للصناعة العربية في مجالات العمل المختارة، وهو ما يتطلب تفعيل العلاقات الاقتصادية مع الأطراف الأخرى خارج العالم العربي - مثل الاتحاد الأوروبي - والتعامل معه على انه فرصة لتوسيع رقعة التجارة العربية.. مؤكدة ان هذا الأمر سيكون له أثره على مجالات صناعية معينة وعلى طرق تنسيق العمل الصناعي على نحو يختلف عن كون تنمية التجارة البينية بين الدول العربية هي الهدف الأساسي للعمل الصناعي العربي المشترك، ومستقبلا فقد يمكن منهجية استهداف أطراف وأسواق خارجة عن الوطن العربي من إعادة تفعيل العلاقات العربية الأوروبية على نحو إقليمي - إقليمي وليس كما هو عليه الحال الآن إقليمي - قطري، بما يعظم الاستفادة من الشراكة الاقتصادية مع تكتلات العالم الأخرى.
وكان وزراء الصناعة العرب قد دعوا فى اجتماعهم بالأردن العام الماضي إلى اعتماد خيار التنمية الصناعية العربية كخيار استراتيجي لضمان تحقيق رفاه الشعوب العربية من خلال رفع مستوى معيشتها.
وأوضح الوزراء المعنيون أن هذا الخيار لا يتحقق إلا عن طريق دعم قطاع الصناعة التحويلية في الوطن العربي وتنويع مصادر الإنتاج والدخل وتعزيز تنافسية هذا القطاع والعمل على زيادة نموه بهدف مضاعفة إجمالي القيمة المضافة للصناعات التحويلية خلال فترات زمنية طموحة والعمل على زيادة نسبة المكون العربي في إجمالي المنتجات الصناعية.
كما دعوا إلى اعتماد المبادىء الرئيسية لاستراتيجية عربية في المجال الصناعي والمتضمنة مقترح تفعيل العمل.. ووضع وإقرار وتنفيذ سياسات صناعية فاعلة على المستوى الاقليمي والمستوى القُطري.. وبناء مواقف اقتصادية عربية تجاه التكتلات الاقليمية والاتفاقات التجارية الدولية مع التركيز على التحول من الدور الاحتوائي لآثار هذه الاتفاقيات إلى الدور الفاعل.. إضافة إلى تحسين بيئة الأعمال الصناعية والبناء المشتركة للقدرات التكنولوجية والادارة الفاعلة للسياسات ولتنمية الموارد البشرية.
|