تقول الإحصائيات إن كل دولار نصرفه على التعليم في عالمنا العربي يقابله ستون دولاراً تصرف على التسليح العسكري. إنها معلومة مفزعة تثير القلق وتؤرق الخاطر، خصوصاً إذا ما علمنا أن التعليم يعد في حقيقته ترسانة دفاعية هائلة، بل هو مصدر قوة الأمة وهيبتها. القوة الحقيقية لأي أمة لم تعد تأتي من فوهات مدافعها، قوة الأمة تولدها اليوم عقول أبنائها وما تنجزه تلك العقول من معرفة علمية وتطبيقات لتلك المعرفة، قوة الأمة وهيبتها تعززها المهارات التي يمتلكها أبناؤها والإبداعات التي يسطرونها في كافة مناحي الحياة.
إن نحن في العالم العربي نجحنا في تزويد أبنائنا بتعليم نوعي راقٍ يستثمر أقصى ما أودع الله في عقولهم من قدرات ومهارات فستتعاظم حتماً قدراتنا العسكرية، وستنخفض بالضرورة الميزانيات المخصصة للسجون والصحة، وسنشارك بقية أمم الأرض إنتاج المعرفة الإنسانية، وسنساهم معهم في تخفيف معاناة الإنسان أينما وجد، وسيكون لنا دور مهم في بناء حضارة اليوم والغد وفي صناعة السلام العالمي.
بدون تعليم متميز يحترم عقل الإنسان ويقدس كرامته ويعلي من القيم الإنسانية الرفيعة سنبقى أمة متخلفة عن الآخرين تقتات على ما تنتجه عقولهم وتستهلك أفكارهم. الى صانع قرارنا السياسي والتربوي أقول لكم يا عرب: التعليم ثم التعليم ثم التعليم إن نحن أردنا لأنفسنا حياة تسر.
* أستاذ مشارك بكلية المعلمين بالرياض |