منير طفل صغير نشأت وترعرع في كنف زوجة أبيه بعد ما تركته أمه أمل حياته يتخبط في عالم البؤس والشقاء، خلفته لزوجة أبيه القاسية، إنها لا تدخر وسعا في تعذيبه والقسوة عليه، كانت تضربه لأتفه الأسباب، تحرمه من المشاركة في اللعب مع اخوته الصغار، انه لا يتمتع بنزهة مع زملائه أو بزيارة لأقاربه، ينفذ الأوامر بصمت وذل، يا لمنير التعيس، حتى والده أهلمه ولم يعد يهتم بأمره، كل ما يعرفه عن ابنه أنه شقى مهمل في واجباته المدرسية.
ما كل هذا إلا لأنه فقد أعز مخلوق في حياته، ان منير كثيرا ما يتساءل حين يخلو بنفسه ودموعه تنساب على خديه، لماذا كل هذا البؤس أي حظ رماه في هذا العالم الجهنمي؟
أي ذنب جناه حتى يصل إلى هذه الحالة، وتمر الأيام ومنير مكب على دروسه، أما فرحته الوحيدة فهي أوقات تكون الأسرة فيها في نوم عميق.
وأخيراً ها هو ذا منير أصبح شابا يافعا، إنه الآن يستعد للسفر لإكمال دراسته الجامعية في الخارج، وخرج منير من البيت وهو يحمل حقائب سفره وتوجه إلى المطار حيث الطائرة على وشك الإقلاع ومن هناك سافر إلى الخارج.. وينقضي العام إثر العام ومنير يشق طريقه في موكب الحياة. أما أسرة منير فقد حل بهم الفقر فأصبحوا في حال يُرثَى لها، وما ذاك إلا لأن والد منير أصبح عاجزا عن دفع الأجرة للفلاحين الذين يشتغلون في بستانه فتفرقوا وأصبحت الأرض أثرا بعد عين، وفي ذات يوم وبينما كانت الأسرة في جلسة هادثة يتجاذبون أطراف الحديث إذ يطرق الباب تسرع سوسن نحو الباب وتعود وهي تحمل رسالة من أخيها منير أخذ والدها الرسالة وفضها وما كاد أن يكملها حتى ترقرقت عيناه بالدموع.
ان ابنه منير سوف يود من غربته بعد أن أكمل دراسته الجامعية وحصل على وظيفة في بلاده. وها هي ذي الآن أسرة منير في المطار تتطلع إلى السماء تترقب الطائرة التي تقل منير، وما هي إلا لحظات وتحط الطائرة على أرض المطار وينزل منير ويعانق والده واخوانه ويتقدم إلى خالته ويقبل يدها..
وعادت الأسرة لتبدأ حياة جديدة كلها بهجة وحبور.
محمد البراهيم الموسى /بريدة |