قالوا : عش رجبا ترَ عجباً
وقالوا : الناس ثلاثة عالم ومتعلم وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح.
وقالوا : الرجال ثلاثة: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فتعلموا منه، ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم ففهّموه، ورجل لا يعلم ويظن أنه يعلم، أو (ولا يعلم أنه لا يعلم) فاهجروه. وقالوا : أصعب الصعب تفهيم من لا يفهم.
وقال الشاعر :
وَمِنَ الْغَبَاوَةِ زَجْرُ مَنْ لاَ يَرْعَوِي
عَنْ جَهْلِهِ وَخِطَابُ مَنْ لاَ يَفْهَمُ
تأتي هذه المقدمة تعقيباً على حمدين الشحات الذي قال - فضّ الله فاه - في عدد يوم الجمعة 7 محرم: (إلى صاحب الحجامة هذه المهنة التي أخافت الحجاج)/ (تعليقك للأسف لا يمتُّ للحجامة بصلة). واسمعوا ما قلت في تعقيبي المذكور على الحجامة: (وقال الحجاج للثالث: ابن مَنْ أنت؟ فقال الشاب:
أًنَا ابْنُ مَنْ دَانَتِ الرِّجَالُ لَهُ
مَا بَيْنَ مَخْزُومِهَا وَهَاشِمِهَا
تَأْتِي إِلَيْهِ الرِّقَابُ صَاغِرَةً
يَأْخُذُ مِنْ مَالِهَا وَمِنْ دَمِهَا
أليست الحجامة أخذ الدم من الرقاب -أو من غيرها- مقابل أجر (مال)؟ وهذا معنى:(يأخذ من مالها ومن دمها) وقلت: فإذا هو ابن حجّام -وهذا كله لا علاقة له بالحجامة- كما قال أبو العريّف الشحات. وبكل ثقة يخطّئني بغاية الاحترام فيقول: ومثلك لا يخفى ذلك عليه.
قلت: وإن كان مثلي لا يخفى ذلك عليه فإن مثلك -والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه- يخفى عليه ما هو أظهر من ذلك.
وأخيراً قال الشاعر -من مخلّع البسيط- لمناسبة المقام:
قَالَ حِمَارُ الْحَكِيمِ تُومَا
لَوْ أَنْصَفُوهُ لَكَانَ يَرْكَبْ
فَإِنَّهُ جَاهِلٌ بَسِيطٌ
وَصَاحِبُهْ جَهْلُهُ مُرَكَّبْ
وأخيراً: كان بشار بن برد الضرير ينشد الشعر في حضرة المهدي فسأله خال المهدي: ما صناعتك يا رجل؟ فقال بشار: أثقب اللؤلؤ. فقال المهدي: أتهزأ بخالي يا ابن كذا وكذا.. فقال بشار: يا أمير المؤمنين: بِمَ أجيب خالك وهو يرى شيخاً أعمى ينشد الشعر، فيسأله: ما صناعتك؟!