تأسست لجان أصدقاء المرضى في المملكة بالأمر السامي الكريم رقم 9902 وتاريخ 22-8-1405هـ، وصدر قرار تأييد لها من قبل هيئة كبار العلماء ممثلة في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء برقم 3339-1 في 22- 12-1407هـ بجواز حصولها على الصدقات من الزكاة وغيرها، والحقيقة ان هذه اللجنة في بدايتها كانت تعتبر لجنة ترف، أو ترقية (إن جاز التعبير) بمعنى ان دورها كان يرتكز على زيارة المرضى في المناسبات كالأعياد وتقديم الزهور والهدايا لهم، ومع ازدياد الحاجة إلى دور أكبر للجنة بدأت بالدخول شيئاً فشيئاً إلى عمق المستشفيات والمرافق الصحية، وبدأ يكون لها دور مختلف عن بدايات تأسيسها، فأصبحت اللجنة تساهم في دعم الجهد الحكومي في تأمين جهاز أو توفير دواء، بل وأكثر من ذلك في انشاء بعض المرافق الصحية المساندة لأعمال المستشفيات، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة، ولجان أصدقاء المرضى بدأت تلعب هذا الدور المتميز بعد أن سمحت الدولة أعلاها الله للمواطن بالمشاركة بفاعلية في بناء مجتمعه، لا عجزاً من الدولة ولله الحمد، بل لكي لا تحرم الراغبين في الاجر من الحصول عليه، حينها فتحت للمواطن ابواب المشاركة ويسرت له السبل وحققت رغبته في البذل والعطاء عند القدرة، تأكيداً على مبادئ التكافل والتراحم والتعاضد التي يوصي بها ديننا الحنيف، ومن هنا تطور نشاط اللجنة، وأصبح لما تقوم به صدى حقيقي في المجتمع، وشيء مشاهد يراه الجميع، وإن ظل البعض غير قادرين على استيعاب هذه النقلة في اعمال اللجنة، وظلوا يرونها اللجنة التي تقدم الهدايا للمرضى وتهنئهم بالعيد السعيد في الوقت الذي يدرك المتابع لأعمال اللجنة ان لها دوراً بارزاً ومتميزاً بين الجمعيات المختلفة، بل هي اللجنة التي لا يمكن لأحد أن يستغني عنها، لأن الجمعيات الخيرية او التطوعية الاخرى تقدم خدمة لفئة لا اقول محدودة، بل هي محددة من الناس، وعلى سبيل المثال: فجمعيات البر للمحتاجين، والمعاقين للمعاقين، والزواج للراغبين بالزواج، وهكذا إذ لا يمكن أن يستفيد المجتمع بأسره من جهة واحدة عدا هذه اللجنة وهي لجنة أصدقاء المرضى، وهذا سر تميزها، فالمتبرع بجهاز قد يكون أول من يستفيد منه، أو أبوه أو أخوه، أو ابنه، والمتبرع بالمال لتأمين دواء مثلاً، قد يصرف له هو في اليوم التالي، فليس هناك من هو كبير على المرض، وفي هذا تكمن أهمية هذه اللجنة، وأهمية دورها في خدمة المجتمع، ولذلك اصبحت الحاجة ملحة إلى تفعيل أدوارها ونشاطها، وفي مقدمة ذلك أن يكون لها اجراءات تنظيمية إذ لا يكفي ان يتم اختيار الاعضاء والسكرتير مع معرفة رؤساء اللجان وهم محافظو المحافظات دون ان يكون هناك انظمة محددة لما يجب أن تكون عليه اللجنة، فالغالب ان للجنة اجتماعات دورية يتم خلالها استعراض ما يرد للجنة من طلبات، سواء من مواطنين او من جهات صحية، وبحسب الامكانيات المتاحة يتم تأمين المطلوب، على الرغم من ان بعض المواطنين توسعوا كثيراً في طلباتهم من اللجنة، فنجد من يطلب سيارة، او يطلب اجهزة غالية الثمن، يمكن تسخير مبالغها المرتفعة لتأمين احتياجات عامة النفع، اما ما يمكن ان يقترح على المسؤولين في وزارة الصحة وعلى رأسهم معالي الوزير الدكتور حمد المانع، والذي لمست شخصياً حرصه واهتمامه البالغ باللجنة ابان ترؤسه لمؤتمر اللجان الذي عقد في مدينة الرياض برعاية صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض العام الحالي وتحديداً يوم 13-2-1424هـ، فهي عدة أمور منها:
- اسم (لجنة) يبدو انه اسم قديم، وهو بحاجة إلى تغيير إلى (جمعية)، وحبذا ان يكون اسمها: جمعية اصدقاء الصحة، بدلا من لجنة اصدقاء المرضى.
- موقع اللجان وفي بداية تأسيس اللجان كان هناك اقتراح بأن يكون في الغرف التجارية عندما كانت اللجان لجاناً عامة في المناطق، اما وقد اصبح في كل مدينة ومحافظة فرع للجنة، فمن المستحسن ان تستمر اللجنة العامة في كل منطقة في مقار الغرف التجارية، أما اللجان الفرعية فمكانها المستشفيات الرئيسية في المدينة او المحافظة ان وجد أكثر من مستشفى، لتكون قريبة من المحتاجين لها وهم المرضى والقطاع الصحي نفسه.
- سكرتير اللجنة هو المسؤول عن تنظيم أعمالها، ومتابعة انشطتها، وما يتم تنفيذه من برامج وخطط، والمصروفات وغيرها، والتحضير للاجتماعات، إلا أن السكرتير في الغالب يكون مرتبطاً بعمل آخر في وزارة الصحة، وبهذه الازدواجية يتأثر عمله في الجهتين، فلا هو الذي اعطى اللجنة الوقت الكافي والمناسب على الاقل بفتح ابوابها امام الناس، والتعريف بها، ولا هو وجد نفسه في عمله الأصلي، واقول هذا عن تجربة فعلية عشتها طوال سنوات عديدة مضت، وما الذي يمنع من تفريغ السكرتير ليكون ارتباطه برئيس اللجنة الذي سيخضعه حتماً لرقابة كافية لضمان انتاجيته، وإذا لم يكن مؤهلاً من خلال تجربة صارمة فيتم تغييره على الفور، وهذا امر في منتهى السهولة، ولعل من أهم اسباب نجاح الكثير من الجمعيات هو تواجد مقر موظفين وبالتالي زوار ورواد، إذ ان فتح مكتب اللجنة بصورة مستمرة يعتبر كافياً لتعريف الناس بها.
- كما أشرت فمن المعلوم أن هناك لجانا رئيسية في المدن، وأخرى فرعية في المحافظات، وهو تنظيم جيد لكن اللجنة بحاجة إلى لجنة مركزية يكون موقعها وزارة الصحة تعنى برسم سياسات اللجنة وتتابع اعمالها وانشطتها، وتجد فيها اللجان في جميع مناطق المملكة مرجعية لها.
- تخضع الكثير من أمور اللجنة، وأعمالها، إلى عوامل اجتهادية، فالاجراءات ليست واضحة، بل وليست محددة، وإنما تعتمد على الاجتهادات، سواء من حيث جمع التبرعات وزيادة موارد اللجنة، او من حيث تصريف هذه الموارد، وغالباً ما يطغى الحماس على الاعضاء في حال توفر الامكانات المادية وزيادتها، وعندما تقل بصرفها يقل الحماس، ويضعف، أما السبب في ذلك فلأن اللجنة ليس لها اساليب محددة وواضحة لجمع التبرعات، وزيادة الموارد، وليس لها مصادر دخل ثابتة كالأوقاف مثلاً، كما انها لا تحصل على إعانة من الدولة ممثلة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أما مصادر دخلها فهم الاشخاص الذين يعرفونها ويؤمنون بأهمية دورها فيقدمون لها الهبات، او يدركون شرعية حصولها على الزكاة حسب فتوى هيئة كبار العلماء فيجعلون منها مصرفاً شرعياً لزكاتهم، أو من خلال اعضائها وتعريفهم بها، والتواصل مع البعض ممن يتوسمون بهم حب الخير، وكذا باستغلال مواسم الخير كشهر رمضان في طلب التبرع للجنة من الموسرين والقادرين، وهي بلا شك اساليب جيدة تعتمد عليها اغلب الجمعيات الخيرية، لكنها تحتاج إلى زيادة هذه الأساليب ولو من خلال الوقف الصحي الذي نادى به الكثيرون، واعتقد ان بدايته انطلقت من منطقة القصيم اثناء احتضان المنطقة لمؤتمر اللجان في العام الماضي.
- كثيرة هي الطلبات التي ترد إلى اللجنة، فما الذي يجب ان ينفذ؟ وما الذي يجب أن يؤمن او يتجاهل؟ هل تعتمد اللجان على توفر السيولة المالية فقد كعنصر اساسي لتأمين الطلبات، ان وجدت تم التوفير، وان لم توجد فلا يتم، ام لا بد من تحديد ما يجب وما لا يجب وما يستحسن؟.
- أهمية التنسيق مع الوزارة او فروعها في المناطق عند الرغبة في تأمين طلبات احد القطاعات الصحية، فأحياناً يكون المطلوب موجوداً في مستودعات الوزارة، ومع ذلك يتم طلبه من بعض مديري المستشفيات، من باب زيادة الخير خيرين، وإذا لم ينفع فلن يضر، فالاولى ان يتم اولاً مخاطبة فرع الوزارة في المنطقة من قبل مدير القطاع الصحي، لمعرفة وجود المطلوب من عدمه، وإذا لم يكن متوفرا يتم طلبه من اللجنة، هذا فضلاً عن ان بعض المديرين يطلبون اشياء موجودة لديهم في نفس المستشفى.
- أهمية معرفة المناسب للوزارة من الأجهزة، حيث يفيد التنسيق في معرفة ذلك بدلاً من تأمين اجهزة لا تنطبق انظمتها مع انظمة الوزارة، او لا يوجد من يستطيع تشغيلها، او لا يوجد لها مواد، ومثال ذلك: اجهزة المختبرات.
- تنفيذ توصيات المؤتمر الوطني السنوي للجان اصدقاء المرضى الذي يعقد سنوياً تقريباً في احدى المناطق، وآخرها المؤتمر الذي عقد في الرياض، اذ ان التوصيات كثيرة، لكن يظل التنفيذ محدوداً، كما ان هذه المؤتمرات تكون تكون محدودة الزمن، فيوم للافتتاح وآخر لعقد ندوات او اجتماعات، وفي اليوم الثالث، واحياناً في اليوم الثاني، تكون التوصيات ومغادرة المشاركين، والاولى ان يكون المؤتمر لمدة لا تقل عن خمسة أيام يجتمع فيها الكل لمعرفة الأفكار الجديدة، وكذا التجاوب، ثم تبادلها، وإذا ما وجدت اللجنة المركزية في الوزارة التي اشرت إليها آنفاً فانها ستقوم بالتأكيد ببلورة ما يصدر عن المؤتمر سواء من توصيات، او من تجارب، ثم تحويلها إلى واقع ملموس وفعلي ومتابعة تنفيذها على المستوى العام لجميع اللجان في كل المناطق، ثم يكون لهذا المؤتمر اثره وقيمته مما يعزز الحرص على المشاركة فيه، ودعمه، والاستفادة منه بأعلى مستوى ممكن.
- أهمية وضع ملصقات باسم اللجنة على الاجهزة، والمعدات، والتجهيزات المتبرع بها، او التي يتم تأمينها من قبل اللجنة، فالمواطن والمقيم عندما يشاهد هذا الملصق فإنه بالتأكيد سيعرف اهمية اللجنة ودورها، وفي نفس السياق يتم وضع لوحة إعلانات خاصة باللجنة في مكان بارز في المستشفيات والمراكز والقطاعات الصحية مع ذكر اسم اللجنة وعناوينها وارقام الهاتف والفاكس وارقام الحسابات لدى البنوك.
هذه بعض الملحوظات والاقتراحات احببت ان اشارك بها من خلال تجربة شخصية عشتها مع اللجنة، ارجو ان ينفع الله بها، وان ترتقي اللجنة، او الجمعية، بمستواها وبتواصلها لتكون في القمة دائماً، يداً بيد مع الجهد الحكومي السخي في هذا المجال الحيوي.والله ولي التوفيق..
|