السرعة داخل المدينة.. مرض مزمن.. قضيته شائكة لا تجدي فيها العقوبات والسجن والمطاردة والمخالفات وسحب الرخصة.. لأن المسألة .. مسألة جنون.. والمجنون لا يجدي معه.. سوى الربط حتى يصحو أو يموت.
* والربط هنا.. ليس معناه تكتيفه وحزمه.. بل منعه من ممارسة هذه الهواية المؤذية.. والحيلولة دونه ودونها بأي شكل كان وبأي ثمن.
** أقصد .. أن هؤلاء.. لديهم معاناة ومشاكل نفسية وجنون وتهور.. أكثر من أن يكون مجرد زلة أو غلطة أو غفلة.
** يقول أحد رجال المرور.. إن شاباً مراهقاً كان يسير في طريق الدائري الشمالي بسرعة (200كم) في الساعة ويباهي أصدقاءه وزملاءه بذلك.. وحتى تضحكوا .. أو تقولوا (اللهم لا شماتة) سيارة المجنون المذكور (صاروخ) والمعروف ب(أبوصابونة).
** تخيلوا حجم هذه السرعة.. ثم المباهاة والتفاخر بهذا الإنجاز .. الذي ثمنه عادة .. عدد من الأرواح البريئة وقتل نفسه ومن حوله.. وإدخال أجهزة المرور والشرطة والمحاكم والقضاة والقضايا في مشاكل وقضايا عويصة متداخلة.. لا يفك ألغازها إلا بشق..
والمسألة كلها.. أن هذا (البزر) أراد الاستعراض فقط.. وأراد أن يمارس شيئاً من جنونه وخباله أمام الملأ.. ثم حصل ما حصل .. ومات من مات.. وأعيق من أعيق.. مع التلفيات والإصابات وسائر الأضرار الأخرى.
** هذا الشاب الذي يسير بسرعة مائتي كيلو متر.. في طريق مزدحم من كل جوانبه.. ماذا لو خرجت عليه سيارة مليئة بالركاب.. أو خرجت عليه مجموعة أطفال.. ماذا ستكون النتيجة؟
** مئات القسائم والعقوبات والمخالفات.. وهذا الشاب المراهق.. يأخذ و(ينْطِل) في الدرج أو يرمي في الشارع.. ثم يأتي الأب (الأجودي) ويدفع.. والمجنون يفحط بالسيارة ويطير وسط الشوارع ولا يردعه أحد.. سوى المرور الذي يحتاج إلى من يسنده ويدعم جهوده .. وبالذات من الآباء..
** لا ندري من نلوم هنا؟
** هل نبدأ بالآباء الذين دفعوا مئات الآلاف في سيارات متطورة حديثة.. هي كالطيارة.. وأعطوها هؤلاء المجانين وقالوا لهم.. مارسوا جنونكم وعلى (راحتكم).
** أم نلوم هؤلاء الشباب أنفسهم وندخل معهم في حوار ونحاول أن نمتص تلك الشحنات الجنونية بإنشاء ميادين سباق سيارات ونسمح بالتفحيط والتطعيس والسرعة الجنونية في ميادين معينة ونضع بجوارها.. مسجداً للصلاة على الأموات منهم.. ومقبرة ونسميها.. مقبرة المهابيل.. ومن مات وسط أكوام الحديد يأخذ طريقه للمقبرة.. ويتم إبلاغ أهله بذلك.
** في الطريق الدائري .. تفاجأت بأحد هؤلاء (يجدع) بالسيارة و(يخوطف مثل القطو) وسط أكوام السيارات.. وأحياناً (يلطم) مقدمة هذه السيارة أو مؤخرة تلك.. مما يجعلها تفقد توازنها وترتطم بإحدى (الصبات) وهو ماضٍ في طيرانه وكأن شيئاً لم يكن.
** يبدو لي .. أن المسألة تحتاج إلى حل حاسم.. ليس منه مجرد إيقاع عقوبات أو مجرد سجن هؤلاء.. لأن بعض هؤلاء (المهابيل) يتفاخر بأنه معه عشر قسائم مخالفات.. والآخر يتفاخر بأن ينقل مشاهدات داخل سجن المرور.
** المسألة.. تحتاج إلى حلول عملية مدروسة.. تنهي هذه المشكلة العويصة.. كما يجب ألا نحمّل المرور المسؤولية كاملة.. فهو لم يقصر.. وفعل كل ما بوسعه ولكن.. زوروا الدائري بكل جهاته.. وزوروا طريق التخصصي.. وزوروا شارع التحلية.. وبعض الطرق السريعة.. وبعض الساحات في الأحياء الشعبية.. وستعرفون الحقيقة.
و(الأبو.. كاشت) أو (زارق دبي) و(الأم.. في العرس) أو (مسيّره) واسرح.. وامرح يا وليدي.
|