أقوم الصباح وأول قناة تلفزيونية أفتح عليها هي القناة الأولى آخذ لمحة سريعة عن البرامج ثم أتجول هنا وهناك بين الفضائيات ثم أبدأ العمل. لاحظت أن القناة الأولى طرأ عليها تحسن كبير من حيث النوعية، وإذا مضت في هذا الاتجاه أكثر فسوف تنافس في زحمة الفضاء بدون تنازلات. مشكلة البث التلفزيوني معقدة. فالمسافة بين المفاهيم واسعة جداً. تلاحظ أنك تتفرج على قنوات يصل بها التزمت والتحجر إلى تحريم الموسيقى وفي المقابل هناك قنوات لا تحرم أي شيء وكأنها تبث من ماخور. والقناة الأولى تسعى كما ألاحظ أن تشق طريقها بين هذين المتناقضين لتمسك العصا من وسطها. بالنسبة لي هي في الطريق الصحيح. وخاصة بعد بث القناتين الإخبارية والرياضية. فالاثنتان ولدتا في زمن المنافسة. زمن لا يقرر القائم على التلفزيون ماذا يقدم للناس وماذا يحبس عنهم فالمشاهد هو الذي يقرر ولسان حاله يقول: (أوقف عندك أو أمشي. فأمامي مشوار طويل بين القنوات لأعود إليك مرة أخرى). وهاتان القناتان ألقتا بظلالهما على القناة الأولى. لقد ولدتا بعد أن فقد الرقيب سلطته ومكانته. في زمن لا يحق للرقيب إلا مراقبة نفسه. سيظن البعض أن القناة الأولى لا يمكن أن تتحرك بلا رقيب. هنا قضية أخرى فالمسألة ليست في الرقيب إنها في تعريف الرقيب. ما هو دور الرقيب ومن هو وما هو مستوى وعيه الحضاري والثقافي. والى أي مدى يقرر نيابة عن الناس؟ الرقابة في عصرنا الحالي هي قضية اتجاهات ورؤى وليست سيطرة على أفكار الناس. فكما أن لكل قناة تخصصها فإن لها أيضا توجهاتها. وفي ظني أن القناة الأولى لم تعد قناة شاملة مانعة لأن هذا مستحيل ولكن بإمكانها أن تصير قناة الأسرة السعودية بلا منازع. بمفهوم الأسرة الكبير وليس الطبخ والشوي. تدخل بصدق وبإحساس كامل بالمسؤولية في القضايا الأسرية. لا عن طريق النصائح الفجة ولكن عبر الحوار البناء وتبادل المعلومة واحترام عقل المشاهد. وأن تسمح كما بدأت تفعل بأن تخاطب المرأة المثقفة نفسها وزميلاتها. أن تشجع دخول المرأة المثقفة التلفزيون. فقد حان الآن انتقال المرأة السعودية من مجرد كاتبة في الجرائد إلى نشطة في الإعلام المرئي. أن تسهم المثقفات السعوديات إما بالكتابة للتلفزيون وإما بالمشاركة المباشرة في برامجه. لإكساب القناة الأولى النكهة المحلية الواعية. فالأسرة السعودية في الوقت الحاضر في حاجة لبناتها الصادقات لبناء الثقة مع شاشة التلفزيون وتحطيم الشعور بالدونية تجاه الثقافة الوافدة. فبقدر ما يقدم التلفزيون في الحاضر عدداً من المهنيات والمتخصصات أرجو أن يقدم المثقفات أيضاً.
فربة البيت السعودي ليست في حاجة لسماع مواضع طبية أو عن الأطفال والسمنة وإعداد الوجبات فقط، هي في حاجة أكثر إلى سماع العالم الجديد عبر بنات الوطن. يجب أن ترى نفسها على الشاشة تتكلم عن الحياة عن الصراعات عن الوعي عن الحرب عن التقدم عن التنمية. أظن أن دعوة المثقفات السعوديات للمشاركة في برامج القناة الأولى خطوة تستحق النظر فهاته النسوة سيمنحن الاعتبار للفضاء المزحوم بالنساء.
فاكس: 4702164
|