قد فتك هذا الداء مؤخرا بأربعة عشر طفلا في اقليم من اقاليم فرنسا الجنوبية، فأصبح من مواضيع الساعة في الحلقات الطبية.
يسمى داء العصيات المعوية لأن جراثيمه لها شكل العصا الصغيرة، وموطن إقامتها الدائم هو تراب الأرض وتتسرب أيضا إلى الماء والحليب والأطعمة. وتعيش في أمعاء الإنسان والحيوان في الجزء المسمى (كولون) مما جعل بعضهم يطلقون على الداء اسم داء العصيات الكولونية.
وكائنا ما كانت التسمية إلا أن هذا الداء لا يقتصر على الإقامة في الأمعاء بل كثيرا ما تتسرب جراثيمه إلى أعضاء البدن الأخرى وتلحق بها إصابات مرضية.
جراثيم مفيدة ومضرة معا:
إن هذه العصيات المقيمة في داخل الأمعاء لا تضر الإنسان في جميع الأحوال، بل هي مفيدة لأنبوب الهضم في الحالة الطبيعية.
إلا أن بعض الأصناف قد يختلط بالأصناف المفيدة فيحدث للإنسان الزحار الحاد الذي يفقد بدن المريض مقدارا جسيما من الماء ثم يبلبل المبادلات الداخلية.
والأطفال أكثر من غيرهم عرضة لهذا الداء، لأن أبدانهم ضعيفة المقاومة. ومما يزيد خطر الداء أن بعض أجناس جراثيمه يقاوم الأدوية الحديثة من فصيلة مقاتلات الجراثيم كالبنسلين والكلوروميستين.. الخ.
وتفسير ذلك في نظر أطباء الأطفال أن هذه الجراثيم لا تلبث طويلا حتى تكتسب المناعة ضد الأدوية بحكم العادة، وكأني بها تصبح ملقحة هي نفسها ضد الدواء!!
وفضلا عن أخطار هذا الداء إذا نزل بطفل من الأطفال، فإنه سريع العدوى وينتقل إلى سائر الناس بسرعة عجيبة، سواء بواسطة البراز أو بواسطة أي شيء مما يمسه المريض. مما يقتضي نظافة صحية شديدة لوقاية الناس من العدوى ولا سيما في المستشفيات.
ومن أسباب هذه النظافة والعناية خاصة في دور التوليد، أن يعزل الوليد منذ الولادة، ثم أن تبذل عناية خاصة في تنظيف ألبسة الطفل وتعقيمها بعد الغسيل، وكذلك تعقيم السرير وتنظيم يدى الطفل ولا سيما فرك أصابع يديه تحت الأظافر، فإن العصيات المعوية كثيرا ما تتسرب إلى هذا الموضع. ولا بد من العلم أن هواء التنفس قد يكون الوسيط في نقل العدوى!!
غاية القول إن النظافة والعناية الصحية والوقاية خير سلاح في حالة العلم الحاضرة، لمكافحة عدو الأطفال هذا.
|