الموضوع الذي أنا بصدد تناوله من خلال الأسطر التالية كان في واقع الأمر ضمن عدد من المواضيع المدرجة في أجندتي بغرض تناولها حسب الأولويات، وحسب الضرورات.. وخصوصاً ان بعض تلك المواضيع لا تحكمه أزمنة محددة، أو مناسبات معيَّنة.. إذ يمكن تناولها مثلاً خلال فترة الركود الرياضي الموسمي.. لولا أن المعلِّق الكويتي الشهير خالد الحربان قد حرضني بشدة على التعجيل بتناوله في هذا الوقت الذي يعتبر وقت الذروة عطفاً على تزاحم المناسبات التنافسية الموسمية على اكثر من صعيد وأكثر من مستوى.. هذا فضلاً عما واكب لقاء السبت الماضي ضمن منافسات مسابقة سمو ولي العهد الأمين (حفظه الله) من مشاهدات تصب في نفس السياق(؟؟)
** فالحربان الذي تولَّى مهمة التعليق على أجزاء من لقاء الاتحاد السعودي ونيفيتش الاوزبكي في إطار منافسات البطولة الآسيوية.. تحدث عن إيجابيات إخراجية لمسها وعايشها أثناء ذلكم اللقاء.. والتي تمثَّلت في تركيز الطاقم الفني التلفزيوني المكلف بنقله واخراجه على ما يدور داخل الملعب، ومتابعته كل صغيرة وكبيرة تحدث داخله دون التنقل بالكاميرات في أنحاء متفرقة من المدرجات والزوايا التي لا حاجة للمشاهد إلى التعرّف على ما يحدث فيها ومن يجلس فيها بقدر حاجته إلى متابعة ما يحدث داخل المستطيل الأخضر.. وبقدر حاجته إلى عدم تشتيت تركيزه واستمتاعه بما يهمه من أحداث.
** وأزعم أن الحربان وهو الخبير في مجال التعامل مع تلك التقنيات بحكم معايشته لها عبر مراحلها التي امتدت من عهد الأبيض والأسود إلى يومنا هذا.. ورغم تحفظاتي الكثيرة على العديد من سقطاته.. كان يشير بإصبعه إلى ما يحدث على شاشاتنا في مثل تلك المناسبة الرياضية.. وكيف انه اكتشف إيجابيات بتلكم الاحجام وسط ذلكم القدر الواضح من التواضع والشح الإمكاناتي والتقني الاوزبكي (؟!).
** ولعل معظمكم تابع مثلي لقاء السبت الماضي.. وكيف تحول إلى (حفلة) تعارف وتعريف.. أعدها وأشرف عليها الطاقم الفني التلفزيوني.. وقدَّمها للمشاهدين (المعلِّق)؟!
** فعلى طريقة (أنا أطخ ومكاري يعد)، الجملة الشهيرة في المسلسل البدوي الشهير (وضحا وابن عجلان).. كان المخرج (وفَّقه الله) يهدر الكثير من الوقت في البحث هنا وهناك عن (السحنة) المطلوبة، ومن ثم التركيز عليها وإبرازها.. وعلى الفور يقوم المعلِّق بدوره المتمثل بمهمة تعريف المشاهدين المغلوب على أمرهم بصاحب الطلعة البهية مثل (هذا الزميل الأستاذ الناقد المعروف فلان).. وهذا هو الزميل الكاتب الأستاذ علان.. وذاك هو زميلنا الأستاذ المعلِّق فلتان..) هذا عدا ملاحقة بقية الأصدقاء والجيران والأرحام في كل مكان من المدرجات وعرضهم على المشاهدين.. كل ذلك على حساب الواجبات والمهمات الأساسية المفترضة (؟!!)
** المؤسف ان تلك الممارسات تكرر تعاطيها كثيراً رغم أنني ومعي زملاء كثر سبق أن أشرنا ولمحنا من باب (اللبيب بالإشارة يفهم) في محاولات للفت نظر أولئك الأحبة إلى عدم أحقيتهم بالتعدي على حقوق آلاف المشاهدين مهما بلغت درجة فوضى إطلاق الأيدي وانعدام الضوابط.. ولكن يبدو، بل من المؤكَّد انه لا حياة لمن تنادي (؟!)
** ولكي تكتمل فصول المسرحية الهزلية، كان لا بد لهما من مشهد أخير.. جاء بالتنسيق الواضح بين الطاقم الذي تولَّى نقل اللقاء وبين مسؤول الكنترول في الاستوديو، ممثلا باللقطات المعاد عرضها بقصد التحليل.. حيث فرضت نفس المشاهد لنفس السحنات على المشاهدين وكأنها قدر لا مناص منه (؟!!)
** وهاأنا، ومن قبيل (التكرار يعلم الشطَّار) أعيد طرق هذا الباب مذكِّراً بعدم جواز تحويل حقوق المشاهد إلى ملكيات خاصة.. ولا سيما أن هذا الجهاز قد وضعته الدولة لخدمة المشاهد الرياضي.. فهل ما زال التكرار يعلم الشطَّار(؟!)
** وأذكر في نفس السياق أنني كنت في أحد الأيام أتابع إحدى المباريات المنقولة بصحبة أحد الأصدقاء من المميزين في متابعة كلما يجري في وسطنا الرياضي بكافة جوانبه وفعالياته بدقة متناهية.. وأثناء ما كنا في غاية الانهماك والمتابعة.. وإذا بالكاميرا تترك الملعب وتتجه إلى جهة معينة من المدرجات.. ثم أخذت في استعراض وتفحص الوجوه الواحد تلو الآخر، إلى أن استقرت على أحدهم، الذي يتضح من خلال حركاته انه كان على علم، وأنه كان في كامل الاستعداد (للقطة).. وعندها قال صاحبي (الحمد لله) لقد وجد صاحبه أخيرا، فلعله ينصرف الآن إلى ما هو أهم.. قلت لصاحبي: يا أخي لعل الأمر لا يعدو أن يكون مصادفة ليس إلا، قال: لكي تتأكد من أنها (صفقة) وليست صدفة.. تابع غداً أو بعد غد ما ستتضمنه زاوية هذا المحتفى به.. وكم كانت دهشتي عندما جاءت الزاوية مطابقة تماماً لما قاله صاحبي، وكأنه كان يقرأ كلما حدث من كتاب.. حيث قرأت ضمن ما قرأت من محتويات الزاوية مجموعة من العبارات التي تتحدث عن قدرات وإبداعات مخرج اللقاء وطاقمه.. أدركت حينها أن المسألة (شدّ لي واقطع لك) رغم تفاهة المطلب التي تدل بالتالي على تفاهة الطالب (؟!!)
يا هادي
لله در من قال: لسانك حصانك
** تعاطفت مع مدرب فريق النهضة السوداني (عمر بشارة) أثناء نقل لقاء فريقه بالهلال في إطار منافسات كأس سمو ولي العهد، أيما تعاطف.. وذلك من خلال اللقطات التي كانت تعرض له بين الفينة والفنية على خلفية بعض الأحداث ضمن مجريات اللقاء.
** فقد كانت هيئة الرجل تنم عن قدر وافر من الوقار والحكمة والاتزان الممزوجة جميعها بقدر كاف من الخبرة الطويلة والواضحة المعالم.. وقبل ذلك كله سمات الورع الظاهرة على قسمات ملامحه.. وخصوصاً أنها المرة الأولى التي أشاهده فيها، والتي استطاع من خلالها استمالة تعاطفي بشكل تلقائي ودون استئذان.
** ولكن.. وعلى رأي المثل المصري الذي يقول (ياما تحت السواهي دواهي)، إذ تبيَّن لي فيما بعد أن تعاطفاتي وتقديراتي كانت في وادٍ.. وأن الواقع الذي يأبى إلا أن يفرض نفسه في وادٍ آخر.. إذ سرعان ما انتزع بشارة كل تلك المشاعر التلقائية من وجداني بنفس السرعة والكيفية التي ولجت بها(؟!)
** فما كان أغناه عن ذلك التصريح الأضحوكة.. وما كان أدعاه إلى الحفاظ على تلك الصورة الحسنة التي رسمها حسن الظن في الأذهان، بدلاً من أن يخسر كل شيء من أجل لا شيء.. وليته يبادر فيعتذر عن سقطته عله يستعيد بعض ما افتقده في ساعة غابت عنها الحكمة.. فهل يفعل(؟؟).
|