اطلعت على مقالة الأستاذ حماد بن حامد السالمي في مقالات الجزيرة بعنوان (اشكروا المواطنة هدى المنصور). وهدى المنصور هي مديرة مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية بالمملكة والتي قضت ردحاً من الزمن يقدر بأربعة وعشرين عاماً تطالب بإلزامية الفحص الطبي قبل الزواج؛ استناداً على ما لديها من إحصائيات مهولة تنبئ بأن ثلث سكان المملكة مهدد بالإصابة والعرضة لأمراض الدم الوراثية (الثلاسيما والمنجلية). بذلت كل ما لا يخطر ببال شخص أن تبذله، وأعطت من وقتها وجهدها ومالها؛ فهي متطوعة على المشروع تعمل حتى في أوقات راحتها.. لهثت كثيراً لكي تصل إلى قرار الدولة الذي أسعدنا مطلع هذا العام الجديد، وهو إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج، وجعله شرطاً رئيساً يلتزم فيه مأذون الأنكحة قبل أن يشرع في كتابة العقد.. ويحق لأخي حماد ولي -وغيرنا كثير- أن نطالب بشكر هذه المواطنة المعطاء بعد كل هذا السيل من العطاء.. والحقيقة أنهم شكروها، ولكن بطريقة أخرى ينهجها بعض المسؤولين الذين يعانون من (الأنا)، ويزأرون من النجاحات التي لا ترتبط بقوانينهم.. إنني هنا لا أقصد شخصاً بعينه، بل أتحدث عن سلوكيات معينة قد تكون موجودة في أغلب الإدارات والمؤسسات.. كان شكر هدى المنصور الذي هز كيان الغيورين وثارت من أجله ثائرة المخلصين هو إقصاءها من عملها وركنها في أحد المختبرات في مكان ما.. دون سابق إنذار أو إبداء أسباب.. لم تعترض هذه السيدة الأنموذج كما يطيب لي أن أصفها، وحملت أمتعتها بعد فترة نقاهة شرعية، وذهبت إلى حيث أُقصيت، ومارست عملها مثل أي مواطن يُنقل لأسباب مجهولة، ولكن الذين حرصوا على هذا المشروع وناصروه منذ بدايته لم يعجبهم هذا الشكر لهدى، وطبيعة الناس المخلصين في هذا البلد المعطاء أن يبعثوا علامات الاستفهام للمسؤولين طلباً للمعرفة.. وربما لا شيء غير المعرفة؛ لكي تطفئ لهيب الألم الذي يعتلج في صدورنا. ولكن كانت الإجابة مع الأسف بمثابة (البنزين) الذي ألهب النار وجعلها تتلظى، وهي أن هدى المنصور ليست (دكتورة)، والآن بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في التوعية والتثقيف وتدريب الكوادر أصبح هناك كادر طبي جيد يمكنه أن يدير المشروع.. وأصبحت عقدة الدال هي المأوى والمبرر لأي تصرف لا يقبله المنطق.. وإذا كانت هدى ليست دكتورة فلماذا إذاً جعلتوها تقوم بتدريب مَن سيباشر إدارة المشروع ويمضي به قدماً.. ثم ما فائدة أن يتولى إدارة المشروع مَن يحمل الدال وهدى تتحدث من عمق التخصص في المختبرات الطبية كفنية مختبر.. الآن المشروع أصبح يحتاج إلى دكتور؟! لماذا لم يكن في بدايته وهو شائك ويحتاج إلى جنود مجندة؟!
فوزية ناصر النعيم / عنيزة |