في يوم الجمعة 11 محرم 1424هـ الموافق 14 مارس 2003م نشرت صحيفة الجزيرة في عددها 11124 مقالا لي عنوانه: (وفي الليلة الظلماء يفتقد البكر!!) خصصته للحديث عن برنامج (دين ودنيا)، عندما كان الشيخ عبدالمحسن بن عبدالكريم البكر معدا ومقدما له، وأسهبت في تحليل البرنامج وما حققه من منجزات وأولويات إبان تلك الفترة، وقد جاء في خاتمة المقال ما نصه: (أرجو أن يعود البكر في القريب العاجل إلى الشاشة الفضية التي افتقدته طوال الفترة الماضية).
وهنا أقف وقفة صادقة فأقول - بكل صراحة - عندما يسمو هذا الإعلامي ببرنامجه ويكسب احترام المشاهدين من داخل المملكة وخارجها ويحقق أكثر من ثلاث جوائز دولية، متحديا ضعف الإمكانات وشح الكوادر السعودية الشابة المؤهلة، وغياب أبسط أدوات الإبداع في البرامج الدينية مقارنة بالفضائيات الأخرى، فإن هذا الإعلامي - في تقديري - يستحق بكل جدارة أن يوصف بأنه ثورة إعلامية! لذلك كان شعورنا كمشاهدين بحجم الفراغ الكبير الذي خلفه غياب البكر المفاجئ - آنذاك - شعورا طبيعيا ومنطقيا جدا، عطفا على المعطيات التي ذكرتها في المقال السابق، وأوجزتها فيما مضى من أسطر هذا المقال؛ ولكن - بفضل الله - لم يدم هذا الشعور طويلاً، فلم تكد تمضي أربعة أشهر مذ نشر المقال، حتى أطلّ علينا البكر مرة أخرى عبر شاشة القناة الأولى بحلة قشيبة وأفكار جديدة تبلورت تحت مسمى (قضايا معاصرة)، وقد وفق الشيخ عبدالمحسن في المزاوجة بين الطرح الواقعي الراقي المتزن، وبين النقد الهادف البناء القائم على أسس علمية وقواعد منهجية، ناهيك عن تنوع الأطروحات ومواكبتها لأحداث الساعة بطريقة لا يحسنها، ولا يتقنها إلا الكبار وعلى هذه الخلفية استطاع البكر أن يجذب المشاهدين ويسترعي انتباه المتابعين أسبوعيا صوب يوم الخميس بعيد صلاة العشاء موعد بث البرنامج، فقد بات هذا البرنامج مادة علمية ثقافية دسمة، وهو لم يكمل بعد عامه الأول!.
فشكرا من الأعماق أقولها للصحيفة الأروع والأمتع (الجزيرة) التي أوصلت صوتي إلى المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسهم معالي الوزير الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي الذي يهمه سماع صوت المواطن، ويسعده أن يطرح المشاهد رأيه بكل شفافية وصدق، شأنه شأن جميع الوزراء، وهم يطبقون هذا النهج الحكيم بتوجيهات سامية سديدة من لدن والد الجميع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين - حفظهما الله -، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والله من وراء القصد وهو نعم المستعان.
محمد بن سالم السالم / الرياض |