استوقفتني صور المناظر الخلابة التي نشرتها الجزيرة في عدديها رقم 11454، 11455 لبعض الشعاب والأودية والرياض في مدينة الرياض ومحافظتي المجمعة والزلفي، وما شاهدته خلال الرحلات البرية وهي ترتدي حلتها الخضراء القشيبة المطرزة بأنواع الورود والزهور، بعد أن استحمت وارتوت من الماء الطهور الذي أنزله الله رحمة للعباد والأنعام في مملكتنا السعيدة، واستحضرت قدرة الخالق سبحانه وما أخبر به في محكم التنزيل {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً {48} لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً {49} وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً } الآيات من سورة الفرقان، وقوله جل ذكره في سورة الأنعام: {وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا} (99) سورة الأنعام، وقوله سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} (45) سورة الكهف.
ولي مع نعمة الغيث المبارك وآثاره وقفات
- تذكَّر قدرة الله سبحانه وتعالى، فالذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الموتى، وصدق الله {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (50) سورة الروم، بل إن البعث أهون على الله من بدء الخلق كما أخبر بذلك سبحانه في قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (27) سورة الروم.
- الشكر والفرح بنزول المطر وخروج الكلأ، وهو الاستبشار بما مَنَّ الله به على عباده {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس، لكن على أن لا تُخرج مظاهر الفرح الإنسان إلى ممارسة بعض السلوكيات الخاطئة من بطر وتكبر واستهانة بنعم الله واستعمالها في غير مرضاته؛ كسماع الغناء والسهر وتأخير الصلاة عن وقتها وإهمال الأولاد والبنات وجعلهم يعبثون في نبات الأرض من خلال التفحيط بالسيارات والدراجات النارية وغير ذلك مما يضاد استعمال نعم الله تعالى في مرضاته.
- الاعتداء على محارم الأودية بتشييد المباني وإقامة المزارع على ضفاف الوادي؛ مما ينذر بوقوع خطر محدق بالأنفس والممتلكات، وقد سبق أن شاهدنا ذلك لدى جريان وادي الرمة الكبير في منطقة القصيم. ومع الأسف كأن شيئاً لم يحدث.
- إعادة تقييم فاعلية وقدرة جسور وعبارات الطرق الطويلة على استيعاب مياه الأودية والشعاب أثناء وبعد جريانها؛ حيث رأينا بعضاً منها بحاجة للتوسعة مما يخشى منه جرف مياه السيول لتلك الجسور والعبارات.
- تعبيد ومسح الطرق الرئيسة المؤدية إلى بعض المناطق الربيعية المتميزة؛ حيث وعورة تلك الطرق وتطاير الغبار الذي يكاد يحجب الرؤية، بالإضافة لمتابعة أعمال الشركات المتعهدة بصيانة الطرق المزفلتة، وبخاصة بعد هطول الأمطار؛ حيث التأخر عادة في إصلاح الطرق المتضررة وعدم وضع الإشارات التحذيرية عليها في حينها، وكذا عند بدء العمل في تلك الطرق مما قد يتسبب في حوادث مفجعة لا قدر الله.
- حاجة بعض المسافات البعيدة في الطرق السريعة التي لا توجد فيها مخارج إلى وضع أبواب على حاجز الشبك تسمح بدخول السيارة ليستريح المسافر من عناء السفر، ويستمتع الراغب من المسافرين في الجلوس بالأماكن المعشبة أو تحت ظل الأشجار الكبيرة، على أن يوضع عليها لوحات تحث على إغلاقها عن الحيوانات السائبة، فإن تعذر ذلك فيحسن مد حاجز الشبك لبعض الأماكن المجاورة لحرم الطريق والتي تعشب عادة، وذلك بقدر ما يأمن المسافر على نفسه وأولاده من خطر الطريق وإزعاجه؛ حيث ليس ثمة مسافة كافية بين الحاجز والطريق، وما أشبه المسافر في الطرق السريعة بالعيس التي يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.
- ضرورة الاستفادة من مياه السيول التي تذهب الآن هدراً، وذلك من خلال التوسع في تشييد السدود لدعم المخزون المائي الذي تزداد الحاجة إليه يوماً بعد يوم، وبخاصة في بلد قاحل كالمملكة؛ حيث لا توجد أنهار.
- أهمية قيام الجهة المعنية بدورها في تحذير المنتزهين من الاقتراب من أماكن تجمع المياه الكبيرة ومساقطها في بعض الجبال وما تخلفه من آثار خطيرة؛ كتجريف بعض الطرق الترابية وسقوط الحجارة فيها مما لا يتنبه له قائد السيارة.
- التذكير بأهمية استشعار المواطن لواجبه حيال المحافظة على نظافة الأماكن البرية التي يرتادها وعدم تشويه جمالها بترك المخلفات تذروها الرياح أو تجريف النبات أو الاحتطاب الجائر. سائلاً المولى سبحانه أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان، وأن يجعل مع نزول الغيث الخير والبركة والعز والتمكين للإسلام والمسلمين.
علي بن محمد اليحيى |