ضبط النفس في العراق

أكثر من تعهد من الشخصيات النافذة في العراق بعدم الانسياق وراء العواطف وتحجيم المشاعر المنفلتة أشاع قدراً من الاطمئنان على تطورات الأوضاع في العراق، ولو أن المستقبل مرهون لحد كبير، ربما بتصرفات قوى أخرى غير القوى العراقية التي أظهرت حتى الآن التزامها بضبط النفس.
هناك إذن التزام من مختلف الطوائف برفض نهج الانتقام، خصوصاً بعد الثلاثاء الدامي في كربلاء والكاظمية، حيث تركزت تصريحات القيادات السنية والشيعية على شعارات تحث على الوحدة الوطنية وتحذر وتدعو إلى الانتباه (في هذه الأيام السوداء إلى دسائس القوى الأجنبية التي تستهدف بذر الشقاق). وفي العراق حديث كثير عن تغلغل إسرائيلي لا يُعرف مداه، وحديث أكثر عن ترسيخ مواقع للموساد الإسرائيلي ، ولطالما تحينت إسرائيل الفرص لتنفيذ مخططاتها المبيتة ضد العراق، ويتيح لها الوجود العسكري الأمريكي الأرضية المثلى للعمل وبالذات باتجاه الفرقة وتعقيد الأوضاع، والهدف لديها دائماً ضرب كل العراقيين..
ويبقى من المهم الحفاظ على هذه الروح العراقية الواعية باحجام وابعاد الاستهداف الذي يطال كامل الساحة العراقية بكل تنوعها الطائفي والعرقي، وبكل احتمالات مستقبلها.
والتوقعات دائماً بازدياد حدة التآمر كلما أظهر العراقيون المزيد من التوحد والتضامن إلى أن يستطيع الصف العراقي القوي الواحد كسب المعركة التي ترمي إلى تقويض أركانه.. ولن نستغرق في التفاؤل بأوضاع مثالية، لكن هذا هو المطلوب من الشعب العراقي خصوصاً أن مثل هذه التجربة الإيجابية لو كُتب لها الاستمرار، وبالتالي النجاح فستفيد كثيراً من جهة تحصين كامل الساحة العربية من جملة المؤامرات التي تستهدفها خصوصاً إذا نجح النموذج العراقي في درء المخاطر القائمة بما فيها تلك المرتبطة بالاحتلال..
والعلاقة تبادلية، فبقدر ما تستفيد الساحة العربية من الإيجابيات العراقية فإن المسلك العربي الإيجابي نحو العراق ودعم وحدته الوطنية يفيد العراق باتجاه بناء كينونته ودرء المخاطر عنه.