تحدثت في الأسبوع الماضي عن سرعة انصرام الأيام ومرورها، وما في ذلك من عبر ودروس تخص الفرد، ووعدت بالحديث هذا الأسبوع عن الدروس والعبر التي مرت بمجتمعنا خلال العام المنصرم 1424هـ، وهي عبر ودروس مرت من خلال أحداث لاريب أنها جسام قد جدت على مجتمعنا السعودي المسلم المسالم، تلك الأحداث التي ضربت أقسى صور العقوق، كما ضربت أيضاً أروع صور التلاحم والوفاء، فمهما كانت مؤلمة تلك الأحداث إلا أنها أظهرت قوة تلاحمنا، وصدق تآزرنا، ونقلت للعالم كله أنا راسخون رسوخ طويق وأحد وأجا والسروات، منصهرون في بوتقة واحدة، ملتفون حول قيادتنا، التفافا مشرفا.
تلك الأحداث فيها دروس وعبر لا تكاد تنتهي، لذا أذكر منها على سبيل الإيجاز أن ثمة من يصطاد في الماء العكر وهذه سنة الحياة، فقد ظهر على السطح أناس تحدثوا بألسنتهم وكتبوا بأقلامهم وكأن في نفوسهم شيئاً (ما)، لذا أجلبوا بخيلهم ورجلهم على مناهجنا وبالذات الشرعية منها!!!، فزعموا أنها هي السبب في ذلك التطرف المشؤوم والمرفوض!!! -
وكل التطرف بجناحيه مشؤوم ومرفوض - ونسي أولئك وربما تناسوا أن تلك المناهج التي تلقوها وتلقاها غيرهم في رحاب منارات تربية وتعليم علمتهم كيف لهم أن يمسكوا بأقلامهم ليكتبوا مافيه صالح البلاد والعباد، لا أن يكتبوا العقوق بعينه، ويجسدوا ويسجلوا عطاء القلم مسخاً مشوهاً يبقى ما بقي الزمان شاهد نكران وجحود قد دونه في سجلاته ذلكم التأريخ الذي لا يرحم ولا يجامل أحداً!!!، وفي لجة ذلك الماء العكر شكك أيضاً أولئك في المخيمات الدعوية والمراكز الصيفية، بل حتى حلقات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في مساجدنا لم تسلم من نتاج تلك الأقلام وزعاف تلك الألسنة.
ومن دروس تلك الأحداث أيضاً انه يجب أن نعي أننا مستهدفون في شبابنا فنحافظ عليهم، وأن حسن الظن المطلق غير المبني على التثبت ليس من هدي الإسلام وأن على محاضن الشباب أن تكون واضحة وصريحة في إيضاح آلية تعاملها مع الشباب للجميع، وألا تجد تلك المحاضن غضاضة في بيان ذلك أبدا، وقدوتها في ذلك محمد صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين أن صفية أتت النبي عليه الصلاة والسلام تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنها صفية بنت حيي) فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا)، أو قال: (شرا)، هاهو عليه الصلاة والسلام رغم مكانته التي لا يمكن أن يصلها الشك أو يحوم حولها يوضح الحقيقة بكل صفاء رغم أنه لم يطلب منه ذلك!!!،
ومن الدروس والعبر أنه يجب ألا تكون جهودنا الدعوية والتربوية والإعلامية والتوجيهية وغيرها يجب ألا تكون مجرد ردود أفعال ما تلبث إلا أن تهدأ حركتها، وتفتر عزيمتها، وتخبو جذوتها - لا قدر الله- شيئاً فشيء فتواصل تلك الجهود بتؤدة وروية وخطط مرسومة لمدى بعيد جداً من الأهمية بمكان..
|