Friday 5th March,200411481العددالجمعة 14 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شاطئ شاطئ
(وصية) الرجل (الثمانيني)؟!
عبد الله الكثيري

كان النور يشع من وجهه، والحيوية تتناثر في قوامه، وكل ما في وجهه ورأسه أبيض، سألته بفضول الصحفي عن السر وراء ذلك.. فرد قائلاً (ما شاء الله) هل تحسدني؟ قلت لا، العياذ بالله (اللّهم زدْ وبارك)، وزاد يا ابني أنا من (الجيل الماضي) وربما أنني رأيت الدنيا قبلك بنصف قرن أو أكثر ولكن ديدني ونهجي في هذه الحياة هو أمور كثيرة، بل هي (وصية) لك ولأمثالك من الجيل الحالي، قلت له وما هي هذه (الوصية)؟!
قال (بعد فضل الله سبحانه وتعالى عليَّ بطول العمر، وبعد الإيمان التام بالأجل المحتوم اليوم أو غداً، أوصيك يا ابني ب(الصلاة) فهي نور في الوجه، وطول في العمر، وسعة في الرزق، هذا أولاً وأخيراً، ومعها أشياء كثيرة لعلي أسردها لك بكل تفاصيلها، وهي أولاً أنني أوصيك كما ذكرت ب(الصلاة) في وقتها (جماعةً) وخاصة صلاة العصر وصلاة الفجر، ويكفي أن الخالق قد ميَّز أذان الفجر عن غيره، حيث جاءت فيه جملة (الصلاة خير من النوم)، نعم إنها خير من النوم ففيها مع (الأجر) من ربِّ العالمين (النشاط) والحيوية والرياضة التي تفيد الجسد، وكذلك استنشاق الهواء النقي الصافي في الصباح، أيضا أنا (أبتسم) كثيراً ولا أفكر في شيء من حطام الدنيا، ولا أحسد أحداً، ولا أحقد على أي إنسان كان مهما أساء لي، ودائماً ما أقول عند كل مصيبة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وعند كل مضرة من أي إنسان أقول:(حسبي الله ونعم الوكيل). أيضا أنا مقل من أكل اللحوم والدهون، وأمشي كل يوم ما لا يقل عن 5 كيلومترات منذ الصغر أيام المزرعة في القرية إلى اليوم في الشوارع الفسيحة في العاصمة.
أنا عندي إيمان كامل بأن كل ما كتبه الله لي من رزق هو نصيبي في هذه (الدنيا) ورغم أن حالتي المادية ميسورة ومستورة إلا أن القناعة عندي أكبر من قناعة أصحاب الملايين!!
فأنا يا ابني رغم أنني تجاوزت الثمانين وبدأت العقد التاسع من العمر أنتظر الموت كل يوم لأنني مقتنع أنني منذ أن أبحرت في السبعين من العمر أعتبر أن كل يوم هو (مكسب) لي في هذه الدنيا الفانية؛ وذلك لزيادة رصيدي من الحسنات لكي تكون شفيعاً لي يوم القيامة أمام ربِّ العالمين. وردد في آخر وصيته: أوصيكم بالصلاة، أوصيكم بالصلاة، أوصيكم بالصلاة، أوصيكم بعدم الحسد وأوصيكم ب(الابتسامة) الدائمة والحركة المستمرة، وقبل ذلك صفاء القلب مع الخالق، ثم مع والديك ومع الأرحام والأقارب ومع البشر أجمعين، وثق بأن الله سبحانه وتعالى يعرف النوايا وهو من كتب الآجال لكل إنسان، وهو القادر على كل شيء عزَّ وجلَّ.
وفي الختام اللهم اجعل وصيته هذه لي وللمسلمين أجمعين فيها ما يفيدنا في دنيانا وآخرتنا.. ادعوا معي وقولوا (آمين) (آمين) (آمين)..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved