Friday 5th March,200411481العددالجمعة 14 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أثارت انتقادات وعواصف أثارت انتقادات وعواصف
فتوى شيخ الأزهر تجاه قضية الحجاب في فرنسا
علماء ورجال الأزهر يرفضونها ويؤكدون: الحجاب فرض إلهي وليس رمزاً

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور:
على قدر ردود الفعل الغاضبة التي أحدثها التوجه الفرنسي لإصدار قانون بمنع ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية أحدثت فتوى شيخ الأزهر الشريف الدكتور محمد سيد طنطاوي تجاه قضية الحجاب في فرنسا ردود أفعال متباينة فالبعض رفضها والبعض الآخر فسر ما ذهب إليه شيخ الأزهر في فتواه على نحو آخر.
الفتوى التي أثارت الخلاف والعاصفة على شيخ الأزهر جاءت عقب لقائه بوزير الداخلية والحريات الفرنسية الذي زار القاهرة لاحتواء تداعيات أزمة الحجاب وقال شيخ الأزهر عقب اللقاء إن مسألة الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة فرض إلهي وإذا قصرت في أدائه حاسبها الله تعالى ولا يستطيع مسلم سواء أكان حاكما أم محكوما أن يخالف ذلك ولا نسمح لغيرنا أن يتدخل في شؤوننا كدولة إسلامية هذا إذا كانت المرأة المسلمة تعيش في دولة مسلمة أما إذا كانت في غير دولة الإسلام كفرنسا وأراد المسؤولون فيها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة فهذا حقهم.
ولا أستطيع أن أعارض فيه أنا كمسلم لأنهم غير مسلمين وفي هذه الحالة عندما تستجيب المرأة المسلمة لقوانين الدولة غير المسلمة تكون من الناحية الشرعية الإسلامية في حكم المضطر وأضاف شيخ الأزهر أن القرآن الكريم الذي هو دستور الأمة الإسلامية يقول: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
ما قاله شيخ الأزهر أصبح محل انتقادات واسعة فقد سارع عبد الصبور مرزوق نائب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالتأكيد على أن قرار منع الحجاب ليس شأنا داخليا لفرنسا وقال إن المرأة في فرنسا ليست في حكم المضطرة لأن الحجاب جزء من العقيدة وأضاف أن المراد بكلمة المضطر هي تلك التي تهدد الحياة كأن يكون إنسان في الصحراء ويشرف على الموت جوعا أو عطشا فيضطر مع عدم وجود الطعام والمياه إلى أكل الميتة أو شرب الخمر أي أن الضرورة هنا مقيدة بما يهدد الحياة وليست على إطلاقها.
وأشار إلى أن الحجاب فريضة شرعية ولا يجوز التخلي عنها بالنسبة للمسلمين وهو ليس برمز ويختلف عن الرموز لدى المسيحيين المتمثلة في الصلبان أو القلنسوة لليهود مشيرا إلى أن القانون الفرنسي يعتبر هجوما على الإسلام.
ومن الرافضين أيضا لفتوى شيخ الأزهر بخصوص مسألة الحجاب في فرنسا الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي أكد أن حكم المضطر لا نسلم به هنا لأن حالة الضرورة كما بينها الفقهاء لا يترتب عليها ارتكاب ما فيه هلاك النفس أو ضرر شديد جدا بالإنسان وإصدار قانون يمنع ارتداء الحجاب ليس ضرورة تتيح للمرأة المسلمة التخلي عن حجابها لأن الحجاب ليس اجتهادا ولكنه امر من الله.
أما الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق فقال إن الإسلام دين عالمي وليس دينا محليا وإن فرائضه وشعائره تؤدى في كل مكان وأضاف إن ما فعلته فرنسا فيه تحيز ضد المسلمين وتفرقه بين أتباع الدولة الواحدة وإن ترك الحجاب بموجب قانون سيجرنا إلى ترك الصلاة والزكاة بموجب قانون أيضا فالحجاب فرض وليس رمزا والرمز ليس له دخل بمسائل العقيدة ولو تركت المسلمة الحجاب فستتعرض لعقاب إلهي أما إذا تركت الرمز فليس هناك عقاب إلهي.
من جهة أخرى، حاول الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن يذهب إلى تفسير آخر لما قاله شيخ الأزهر غير أنه أكد على أن الحجاب فريضة شرعية فقال د. جمعة لا ينبغي أن يفهم حديث شيخ الأزهر على أنه إجازة لما فعلته فرنسا فالشيخ يرسم طريقا واقعيا لقضية أمة وما نقوله إن الحجاب فريضة إسلامية لا ينبغي التخلي عنها ولكن ماذا تفعل المرأة المسلمة إذا قهرت ونحن ننصح الحكومة الفرنسية ألا تصدر مثل هذا القانون ونقول إن الحجاب فريضة إسلامية وما تفعلونه تدخل في عقيدة المسلمين وإذا كنتم تدعون إلى الحرية والمساواة في الحقوق وتدعون إلى قبول الآخر فنحن نقبلكم فلماذا لا تقبلوننا.
العاصفة التي أثارتها فتوى شيخ الأزهر لا تقف عند حدود علماء ورجال الأزهر بل امتدت إلى الصحف وخاصة الصحف المعارضة لتشن حملات صحفية ضد الفتوى وشيخ الأزهر لدرجة أن طالبت صحيفة الأسبوع بعزله من منصبه.
يذكر أن قضية الحجاب وإصدار فرنسا قانون منع ارتدائه في المدارس الفرنسية قد شغلت الرأي العام في الدول الإسلامية وقد تظاهر طلاب بجامعة الإسكندرية احتجاجا على هذه التوجه الفرنسي وأرسلوا بيانات رافضة وغاضبة للقنصل الفرنسي في الإسكندرية وللسفير الفرنسي بالقاهرة كما شهدت الفترة الماضية زيارات لمسؤولين فرنسيين إلى مصر.
وقد التقى وزير الداخلية الفرنسي شيخ الأزهر كما التقى وزير الداخلية المصري حبيب العادلي وكذلك وزير الخارجية أحمد ماهر كما سبق وأن صرح الرئيس حسني مبارك بأن قضية الحجاب مسألة تخص فرنسا.
وعلى صعيد متصل امتد الجدل ليطول العلاقة بين الإسلام وغير المسلمين والأقليات المسلمة والمضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب وفي سياق ذلك يرى الدكتور أحمد ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر أن القرار الفرنسي يقصد به تحجيم المسلمين في فرنسا بعد أن تكاثر عددهم ودخل عدد كبير منهم في الوظائف المهمة وذلك من خلال عدم إظهار شعائرهم.
الجدل حول قضية الحجاب لم ينته كما لم تنته العاصفة التي أثارتها فتوى شيخ الأزهر بعد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved