طالعتنا الجزيرة بعددها الصادر (11464) يوم الثلاثاء 26-12-1424هـ وعلى صدر صفحتها الأولى مقالتكم التي بعنوان (وقد طال بنا المسير) ولقد سرني ما خطه قلمكم الذي عبر عما ينبض به قلبكم حيال وضع أمتنا الإسلامية والعربية ولقد شخصتم الواقع المرير ووصفتم الوضع الذي لم يعد خافياً على جميع شعوب أمتنا من المحيط إلى الخليج.. هذا الوضع الذي نتجرع مرارته ومآسيه بكل ألم وحزن وندفع ضريبة الشعارات التي رفعت رايتها عقوداً من الزمن فنودي بالقومية تارة وبالمذهبية تارة أخرى وتفرقت الأمة على طوائف وأحزاب واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.. وما كان يحصل ذلك لو ان القلوب صافية والأيدي متشابكة والآراء موحدة والأهداف مشتركة ولما استطاع الأعداء ان يجدوا منفذاً بيننا ليفرقوا بين الأخ وأخيه ويشككوا بين الصديق وصديقه ويؤلبوا الجار على جاره وهذا ما تميزت به أمتنا ومع الأسف وصارت مرتعاً للأطماع ومسرحاً للحروب وبتنا نستنجد بالغريب على القريب ونطلب يد العون والمساعدة من البعيد لحل مشاكلنا وخلافتنا التي تحدث بيننا وأصبحنا أمة غير قادرة على حل أبسط مشاكلها ونواصل توسلنا للعدو ونقدم له التنازلات تلو التنازلات ونمد له يد الصلح والسلام من أجل ان يتفضل علينا بالتنازل عن جزء بسيط من حقوقنا المغتصبة.. أمتنا الإسلامية والعربية اليوم تعاني حالة من التفرق والتشتت والضعف واختلاف الكلمة والرأي وتباعد المصالح والأهداف ولذا انكشف ضعفها وبان هزالها أمام العالم كله ولم تعد قادرة علىحل قضاياها ومشكلاتها فيما بينها واستعصت الحلول لدينا إلا حلولاً نطلبها من البعيد والغريب لكل مشكلة تطرأ أو حادثة تقع حتى لو أدى الأمر إلى غزو بربري غاشم يهلك الحرث والنسل.. وبات بيت العرب (الجامعة العربية) غير قادر على احتضان بنائها وحل خلافاتهم ومشاكلهم وتقريب وجهات النظر بين قياداتها وباتت اجتماعاته العادية والطارئة وما يصدر من قرارات لا تقدم ولا تؤخر وأصبح متميزاً بالشجب والاستنكار تارة وبالترحيب والإشادة تارة أخرى وأضحت إنجازاته محصورة بالأقوال لا بالأفعال. فقضية فلسطين ما زالت تدور رحاها منذ أكثر من (50) عاماً في فلك مؤتمرات السلام وفي حلقة المبادرات والاتفاقيات وأصبحت حقل تجارب لكل خارطة ترسم أو اتفاقية لا تقدم بل تؤخر أو قرار يصدر ولا ينفذ وتبددت أحلام السلام مع عصابات الإرهاب وساسة الإجرام.. والآن نعيش جرحاً آخر ينزف دمه في موطن الرافدين وبلد الحضارة والثقافة ومنبع العلم والعلماء وموطأ الخلافات الإسلامية.. إنه استحلال غاشم يتم في وضح النهار وتنقل أحداثه ومجرياته يومياً عبر الفضائيات لتصف ممارسة جنود الغزاة وعساكره من تخريب وتدمير وتخويف وترويع وقتل وترهيب واعتقالات ومداهمات في جنح الظلام أو في وضح النهار. ومع ما حدث ويحدث وما سيحدث ظلت الجامعة العربية بعيدة عن الشأن العراقي.. فلا شجب ولا استنكار ولا مطالبة بعقد قمة عربية طارئة تخصص لمناقشة الاستحلال الأمريكي للعراق.. في الوقت الذي تطالب كثير من الدول الغربية وبعض المنظمات الدولية أمريكا بتحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال والوجود الأمريكي بالعراق.. أليس هذا عيباً علينا وعلى الجامعة العربية ان تهتم الدول الغربية والشرقية بقضايانا ومشاكلنا؟! ونحن العرب نستمع ونشاهد فكأنما هذا هو دورنا.. فأي زمن هذا الذي نعيشه؟! وأي عصر قدر على أمة ان تعيش حالة الذل والاستكانة؟!. فإذا كانت الجامعة العربية فشلت سياسياً فهل نواصل أيضا فشلنا الإعلامي؟؟! في الوقت الذي يصرح رؤساء دول ومسؤولوها بنقدهم المباشر للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ومنهم على سبيل المثال ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز الذي وصف (السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بأنها تتسم بالجنون) بل ان نسبة كبيرة من شعوب دول الاتحاد الأوروبي وصفت أمريكا واسرائيل بأنهما الأخطر على السلام، أما بعض الصحافة الغربية فقد مارست دورها بنقد السياسة الأمريكية وبقوة وبمقالات جريئة تعمدت التجريح والسخرية من الساسة الأمريكيين.. ومن هنا نتساءل: إلى متى هذا الصمت المطبق إعلامياً من قبل الجامعة؟!
ناصر بن عبد العزيز الرابح
مشرف تربوي بتعليم حائل |