في المقابل للكم الوافر من الصخب والزعيق والتشنج الذي تقدِّمه الحركات الإرهابية كإطار لمشروعها الإصلاحي، فإننا في المقابل لا نستطيع أن نحظى بأي مشروع فلسفي إصلاحي يوجِّه هذا الكم الوافر من الطاقة والرغبة في الإصلاح إلى مساراتها ومجالاتها التي تمكنها أن تتبنى آليات منتجة وفاعلة في المجتمع.
فنحن نستطيع أن نستمع إلى كم وافر من السخط والغضب وقاموس لغوي رث مستهلك حتى كاد أن يتحول إلى أسمال لكثرة ترداده واستعادته وعلى الرغم من هذا ما برحوا يستعملونه بشكل ببغائي فج ومستهلك.
محاولين أن يخفوا هذا القصور والمحدودية خلف ستار من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، التي يجيرون قدسيتها لتحريك البسطاء والعامة.
ولأننا إلى الآن لم نشهد نجاحاً واحداً لتلك الحركات سواء على مستوى النظرية أو التطبيق سوى كم وافر من الدمار والخراب طال كل شيء ابتداءً بالأنفس والممتلكات وانتهاءً بالأدمغة.فيمكننا الآن أن نقف ونسأل عن المشروع الحضاري الذي قدَّمته تلك الحركات المنغلقة على كم وافر من الجمود والصخب والضوضاء اللغوية؟؟
هل هناك مشروع خاص بالتعليم ودفعه وتطويره بحيث تستطيع العجلة الحضارية اللحاق بالركب العالمي بشكل أو آخر؟ هل هناك مشروع مقدَّم للصحة؟ بحيث تتبناه وزارة الصحة مع كم وافر من الامتنان.وحتى لا أكون مسرفة في التفاؤل هل هناك قيمة إيجابية واحدة استطاعت تلك الحركات أن تبثها في المجتمع عدا قيم الرفض والكراهية والنفور من كل جديد وطارئ مع رغبة عارمة في الهدم والتدمير؟؟
ولنأخذ أبسط القيم وأسهلها تلك التي تتواشج مع أدق التفاصيل اليومية للمجتمعات، وهي قيم (حب العمل)، فهل هناك في أبجدياتهم أو طروحاتهم الفكرية الصاخبة أو في كتيباتهم وأشرطة الكاسيت التي يطاردوننا بها ومن طروحات تحث على العمل من ناحية الانضباط والسلوك والالتزام والصدق والإخلاص والرغبة في تطوير العمل وتجديده ونقله إلى أشواط أكثر تقدماً. من ينجدني بمنشور واحد لهم يؤكِّد على هذه القيمة، ومن ينجدني بكاسيت واحد يتبنى صاحبه صوتاً هادئاً عقلانياً منطقياً، وليس كماً وافراً من التوبيخ والتقريع والتلويح بالويل والثبور وعظائم الأمور.
|