* عمان - الجزيرة - خاص:
قال السيد كمال سنادة مدير إدارة التجارة والتنمية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن اهتمام الدول العربية بتحرير تجارة الخدمات فيما بينها تزايد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة نظراً لأهمية هذه التجارة وبعد انضمام 11 دولة عربية إلى منظمة التجارة العالمية وهي الأردن والإمارات وتونس والبحرين ومصر والكويت والمغرب وقطر وموريتانيا وسلطنة عمان وجيبوتي إلى جانب خمس دول أخرى بدأت المفاوضات للانضمام.
وأوضح السيد سنادة في دراسة له حول تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية أن القمة العربية التي كانت قد انعقدت في عمان في عام 2000 أكدت أهمية إدماج تجارة الخدمات ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى حيث وجد المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي بعد ذلك ضرورة أن تعمل الدول العربية على إعداد اتفاقية جديدة لتحرير تجارة الخدمات فيما بينها وتم البدء بإعداد هذه الاتفاقية في عمان 2001.
وأشار إلى أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية للتعاون العربي في تجارة الخدمات منها سهولة الانضمام بالإضافة إلى الترتيبات التجارية الاقليمية وامكانية التوصل لاتفاقات بين الدول العربية حول عدد كبير من الموضوعات في غضون فترة قصيرة نسبياً مقارنة مع المفاوضات التي جرت وتجري في منظمة التجارة العالمية، التي تكون شديدة التعقيد، وتشترك فيها دول كثيرة.
كما تستفيد الدول العربية من توسيع نطاق التجارة حيث أن توسيع منطقة التجارة الحرة لتشمل تجارة الخدمات وتعزيز تكامل أسواق الخدمات في الدول العربية من شأنه أن يساعد في معالجة أوجه الخلل الهيكلي الذي تعاني منه الاقتصادات العربية منفردة، كما يساعد كذلك على توسيع رقعة السوق وتهيئة مجال أوسع وأعمق لعمل الشركات ونشاطها ويفتح المجال أمامها لتكوين وحدات ذات أحجام كبيرة مما يرفع كفاءتها ويعزز قدراتها التنافسية في ظل ازالة الحواجز أمام تجارة الخدمات.
وأوضح أن البلاد العربية تستفيد عند تحرير تجارة الخدمات من زيادة فرص ومجالات الاستثمار، حيث تتحرر الاستثمارات المباشرة للشركات العربية في اسواق بعضها البعض، وتزول القيود أمام حرية الانتقال لرجال الأعمال والمستثمرين، مما يحسن مناخ الاستثمار بشكل عام ويستقطب الكثير من الاستثمارات الخارجية. فيما تتزايد عوائد الاستثمار ويتم تشجيع المنافسة بين الشركات، مما يزيد الكفاءة الإنتاجية للمنتجات العربية ويمكن الاقتداء في ذلك بالمثال الأوروبي.
مبادىء الاتفاقية
وأوضح السيد سنادة أن من أهم مبادئ مشروع الاتفاقية العربية لتحرير تجارة الخدمات عدم التعارض مع اتفاقية تجارة الخدمات لمنظمة التجارة العالمية (الجاتس) وعدم الاخلال او التأثير على الالتزامات العربية الأعضاء في المنظمة العالمية تجاهها، كما أن القطاعات الخدمية التي يتم تحريرها في الاطار العربي يجب أن تفوق الالتزامات التي قدمتها الدول العربية الاعضاء في منظمة التجارة العالمية في اطار اتفاقية (جاتس) موضحاً أنه وفقاً لأسس ومبادئ عضوية منظمة التجارة العالمية فان الدول العربية الأعضاء قد وافقت على الالتزام بقواعد السلوك التجاري الدولي الواردة في مجموعة الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
إضافة إلى أن الدول العربية قبلت التزاماتها المحدودة التي سيتم تطبيقها بحدود ما يتعهد به كل عضو في جدوله الوطني وهي التزامات مدرجة في قائمة إيجابية.
وأشار سنادة إلى القطاعات الخدمية التي التزمت بها الدول العربية الأعضاء في المنظمة العالمية حيث التزم الأردن بالتزامات في خدمات الاتصالات الأساسية بما يتضمن عدم السماح بالمكالمات العكسية وتسمح بما عدا ذلك من المكالمات، كما التزم بخدمات السياحة والتأمين.
أما الامارات فقد التزمت بخدمات الأعمال والبريد السريع والإنشاءات والبيئة والخدمات المالية والسياحة وخدمات السفر فيما التزمت البحرين بالخدمات المصرفية وخدمات سوق رأس المال والتأمين وإعادة التأمين أما تونس فقد التزمت بقطاع خدمات المصارف والتأمين وإعادة التأمين والسياحة وخدمات السفر والاتصالات فيما يخص خدمات التلكس وإرسال البيانات وخدمات الهاتف المحمول وخدمات التوزيع للتليفون المحلي.
وتقدمت سلطنة عمان بالتزامات في خدمات السياحة والتأمين والاتصالات الأساسية تتضمن تحرير خدمات الاتصالات وذلك وفق جدول زمني يتضمن خدمات الهاتف الصوتية، والوجود التجاري لفروع الشركات الأجنبية، والفاكس، والهاتف النقال وأخيراً المكالمات الهاتفية والهاتف المدفوع وبطاقة المكالمات الهاتفية.
وتقدمت قطر بالتزامات في بعض الخدمات المهنية (الاستشارات الهندسية والخدمات الطبية والبحوث، والحاسب الآلي والتكنولوجي) فيما تعهدت الكويت بالتزامات في قطاع الأعمال والإنشاءات والخدمات الهندسية والخدمات البيئية والصحية والاجتماعية والسياحة والسفر.
أما المغرب فقد التزم بتحرير خدمات الأعمال والاتصالات والإنشاء والهندسة والخدمة البيئية والمصارف والتأمين وإعادة التأمين والسياحة والسفر وبعض مجالات النقل. فيما تعهدت موريتانيا بالتزامات في خدمات السياحة والسفر، وتعهدت مصر بخدمات الإنشاءات والخدمات الهندسية والسياحة والسفر والخدمات المصرفية وسوق المال وخدمات التأمين وإعادة التأمين والنقل البحري والخدمات المساعدة، والاتصالات الاساسية ما عدا خدمات الاتصالات الموردة للتوزيع للراديو والتلفزيون.
وأوضح السيد سنادة أن الاتفاقية العربية لتجارة الخدمات تتكون من جزءين الأول يتعلق بالأحكام العامة لتحرير تجارة الخدمات وفي هذا الجزء تم مراعاة تماشي الأحكام مع تلك الواردة في اتفاقية (الجاتس) حتى لا يشكل ذلك تناقضاً بالنسبة للدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أما الجزء الثاني فيتعلق بجداول الالتزامات والتعهدات الخاصة بالدول الأطراف في الاتفاقية ويتم في هذا الجزء مراعاة تفوق الالتزامات والتعهدات التي تقدمها الدول الراغبة بالانضمام للاتفاقية ما تقدمت به اإلى منظمة التجارة العالمية بحيث تشكل الخدمات التي يتم تحريرها في الإطار العربي جزءاً مهماً من تجارة الخدمات العربية، وكذلك اعتماد القوائم الإيجابية في جداول الالتزامات التي تقدمها الدول العربية الراغبة في الانضمام.
وكذلك الاتفاق على قواعد واحدة تطبق بصورة كاملة على جميع نشاطات الخدمات حيث تم اعتماد قواعد ومبادئ الجاتس، كما يجب مراعاة إمكانية بدء المفاوضات بين عدد محدود من الدول العربية وهي الراغبة في تحرير تجارة الخدمات وهي مستعدة لذلك ويمكن أن تلحق بقية الدول العربية في مرحلة لاحقة وبعد مواءمة أوضاعها بما يؤهلها لعملية التحرير.
وأشار السيد سنادة إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي أقر على مستوى وزراء الاقتصاد والمال والتجارة العرب الأحكام العامة لاتفاقية تحرير تجارة الخدمات وسيتم وضع الخطوط التوجيهية لإعداد جداول الالتزامات المحددة ومن ثم وضع برنامج زمني للمفاوضات بين الدول الراغبة ويتم بعد ذلك المصادقة على الاتفاقية من قبل الدول العربية الراغبة.
وأوضح سنادة أن حجم تجارة الخدمات على المستوى الدولي عند تطبيق اتفاقية الجاتس بين الدول الأعضاء كان لقطاع السياحة 93% من حجم السوق العالمية، وقطاع الخدمات المالية مثل 73%، وقطاع الخدمات الصحية 27% والخدمات التعليمية 25%، وبلغت قيمة الواردات العالمية من تجارة الخدمات عام 2001 حوالي 1445 مليار دولار بينما بلغت الصادرات العالمية حوالي 1460 مليار دولار في ذات العام وذلك حسب أرقام منظمة التجارة العالمية موضحاً أن تجارة الخدمات تلعب دوراً مهماً ومتزايداً في التجارة الخارجية العربية حيث تساهم في المتوسط بحوالي 24% من إجمالي التجارة العربية للسلع والخدمات، وهي نسبة تقارب المتوسط العالمي لتجارة الخدمات في التجارة العالمية والذي يبلغ 25%، مشيراً إلى أن بعض الدول العربية ذات المقومات السياحية مثل الأردن وتونس ومصر والمغرب تزيد حجم صادراتها من الخدمات كثيراً حجم صادرات بقية الدول العربية كما أن صادراتها تفوق وارداتها.
|