إن الإعاقة الناجمة عن قصر أحد الطرفين السفليين أو التشوهات العديدة الخلقية والمكتسبة في الأطراف السفلية و العلوية كانت دائماً الشغل الشاغل للأطباء لإيجاد حلول ناجحة لها، وهناك طرق كثيرة قد جربت في الماضي ولكن مع الأسف بدون نجاح.
غابرييل إبراهام إليزاروف هو اسم مخترع الطريقة، الذي ولد في روسيا عام 1921م وتوفي عام 1993م. وقد تم تطبيق طريقته في روسيا منذ عام 1952م،كما وأنشأ في كورغان (عاصمة سيبيريا) مركزاً متخصصاً للعلاج بهذه الطريقة يتسع لـ 2000 سرير.
وتم اكتشاف هذه الطريقة في الغرب بطريقة الصدفة في عام 1982م حيث كان هناك جراح عظام إيطالي اسمه(كارلو موري) في زيارة لروسيا و كان هو نفسه يعاني من مشكلة التهاب مزمن للعظم لم تنجح الطرق الجراحية العظمية التقليدية في إيجاد حل لها.
وعندما تعرف على اليزاروف أجريت له العملية وتم له الشفاء بإذن الله بعد معاناة استمرت لعشرات السنين، كما وتم تطبيق هذه الطريقة في أوربا لأول مرة في إيطاليا عام 1982م و من ثم انتقلت إلى فرنسا (غرونوبل) حيث كنت أعمل هناك، وعند وصولي إلى المملكة للعمل بها في عام 1991م اقترحنا على المسؤولين في وزارة الصحة آنذاك استدعاء البروفسور إليزاروف نفسه، وبالفعل قام بزيارتين للمملكة و أنشأنا مع الفريق الروسي مركزاً مشتركاً للمعالجة بهذه الطريقة وتم تحويل الحالات المستعصية للعلاج واكتسبنا بذلك خبرة ممتازة وقد أثبتت الطريقة نجاحها في حل مشاكل مستعصية لا يمكن حلها بالطرق العظمية التقليدية.
ومع اكتشاف هذه الطريقة أصبح بإمكان جراحي العظام تطويل الأطراف السفلية حتى 25 إلى 30 سم في بعض الحالات، كما أصبح بإمكانهم إصلاح الكثير من التشوهات في الأطراف السفلية و العلوية الناجمة عن كسور قديمة أو تشوهات خلقية أو تشوهات ثانوية ناجمة عن شلل الأطفال وغيرها.
تعتمد طريقة إليزاروف على وضع جهاز تثبيت خارجي على الطرف المراد إطالته أو إصلاحه مثبت بأسياخ تخترق العظام بدون شق جرحي ومن ثم تطبيق قوي مع شد وضغط خارجي لإطالة الطرف أو إصلاح التشوهات في جميع الاتجاهات وهذه الإمكانية غير متوفرة في الطرق الجراحية الأخرى.
منذ دخول هذه الطريقة إلى المملكة أجرينا أكثر من 150 عملية جراحية من هذا النوع وبنجاح ممتاز والحمد لله.
وفي الفترة الأخيرة تم إجراء تطورات كبيرة على هذه الطريقة وخاصة في أمريكا، من أهم هذه التطورات استخدام جهاز الكمبيوتر حيث يتم تدخيل المعلومات المتعلقة بدرجة التشوه في الكمبيوتر الذي يقوم بإعطاء جدول لعملية الإصلاح بشكل دقيق جداً.
وقد حضرت مؤخراً ندوة علمية بهذا الخصوص عقدت في أبو ظبي للتدريب على استعمال الجهاز الجديد بواسطة الكمبيوتر وهذه هي الندوة الثانية من نوعها على مستوى العالم يتم فيها دعوة الأطباء المتخصصين بالعلاج بهذه الطريقة للإطلاع على أحدث التطورات في هذا المجال. كما وقد تم أيضاً تطوير نوعية المعدن المستخدم في تصنيع الجهاز بحيث أصبح خفيف الوزن. لقد انتشرت طريقة إليزاروف في أكثر بلدان العالم وأصبح معترف لها بقابليتها لحل أصعب مشاكل العظام التي لا يمكن حلها بالطرق التقليدية. والآن تم إنشاء مركزا لهذه الطريقة في مستشفى المملكة مزود بأحدث الأجهزة لعلاج مثل هذه الحالات تحت إشراف الدكتور عماد سويد.
(*) استشاري جراحة العظام وإطالة الأطراف مستشفى المملكة |