من بلادِ الحبِّ منْ مغنَى الجمالْ
عادَ سعدٌ فيه ضعفٌ واعتلالْ
حاملاً نارَ الهوَى في خافقٍ
شفَّهَ الوجدُ وأضناهُ الدلالْ
زارها سعدٌ بقلبٍ عازفٍ
عنْ هوَى ليلَى وهندٍ وامتثالْ
عن هوى كلِّ الغواني جاعلاً
حبَّه وقْفاً على أمِّ العيالْ
والتقَى منْ غيرِ وعْدٍ بالتي
كلُّها ذوقٌ وحُسنٌ وكمالْ
عارضَتْهُ في دلالٍ فاتنٍ
وانبرتْ ترمي بفتَّاكِ النبالْ
فتناءى رافضاً قيدَ الهوَى
مبدياً صدّاً وعزماً واحتمالْ
وتحدَّاها بكبرٍ واثقاً
أنُّهُ الأقوى إذا جدَّ النزالْ
فتباهتْ ثمَّ قالتْ: إنني
ليّ سلطانٌ على كلِّ الرجالْ
ثم كرَّتْ بابتسامٍ آسِرٍ
فتراخَى تائهَ الخطوِ ومالْ
وجرتْ بينهما معركةٌ
جدَّ فيها الكرُّ واشتدَّ النضالْ
واستمرتْ ساعةً حاميةً
انتهتْ في نصرِ مَن تُدعَى دلالْ
عندما البيضُ تبدَّتْ خافَهَا
فتهاوَى طالباً وقْفَ القتالْ
وتلاشَى عزمُهُ في لحظةٍ
وانحنَى يرجُو ويستجدِي الوصالْ
ثم ألقتْهُ أسيراً عندها
في ربوعِ الحُسنِ والسحرِ الحلالْ
ليتَهُ ما زارَ شُطآنَ الهوَى
لا، ولمْ يعرفْ سُلَيْمَى واعتدالْ
إنها الدارُ التي مَن زارَها
سائحاً أمسَى رهينَ الاعتقالْ
ما ألذَّ العيشَ في دارٍ بها
خضرةٌ حسنُ مياهٍ وظلالْ
ووجوهٌ فاتناتٌ حسنُها
يخلبُ اللُّبَّ جمالاً وجلالْ
وظباءٌ خرَّدٌ إنْ رُمْتَها
ما تأبَّتْ صيدُها سهلُ المنالْ
لسْتَ محتاجاً لسهمٍ قاتلٍ
أو صقورٍ فاتكاتٍ أو نصالْ
كلُّ ما تحتاجُهُ في صيْدِها
أدَبٌ جمٌّ وذوقٌ ونوالْ
وقضَى سعدٌ أُوَيْقاتِ المُنَى
ناسياً أمّاً وأولاداً ومالْ
وأتتْ تجري سويعاتُ النوَى
فبكَى خوفاً ليومِ الارتحالْ
وتمنَّى صادقاً في قولِهِ
أنْ يظلَّ المُكْثُ أعواماً وقالْ:
لا أريدُ البُعدَ عنْ دارِ الهوَى
عنْ بلادٍ حُسنُها فوقَ الخيالْ
يا رفيقي إنْ رحَلْنا هلْ لنا
عودةٌ أخرى إلى مغنَى الجمالْ؟
لمغاني الحبِّ نُحيي أُنسَنا
معْ ذواتِ الدلِّ رباتِ الحجالْ
نتعاطَى أكؤُساً مملوءةً
بالهوَى بالدفءِ في أحلَى الوصالْ
ونُنسِّي القلبَ أتراحَ الجوَى
فلهيبُ الحبِّ قدْ حلَّ وطالْ
إنَّ نارَ الحبِّ لا يُطفئُها
غيرُ ماءِ الحبِّ إنْ وافَى وسالْ
ومياهُ الحبِّ تجرِي عذبةً
في بلادٍ ماؤُها عذْبٌ زلالْ
ليْتَ سعداً لم يزرْها ليتَهُ
عاشَ في نجدٍ وهاتيكَ الرمالْ
وقضَى العمرَ معَ الزوجِ التي
بادلتْهُ الحُبَّ والكأسَ الحلالْ