التوجه السعودي تجاه الانفتاح على العالم خطوة مهمة وبناءة، لا لنستفيد من هذا الجانب العالمي أو ذاك، وفق ما يناسب طبيعتنا، وعقيدتنا، وتقاليدنا، وأسلوبنا ومعاييرنا السليمة في فهم الحياة على حقيقتها، بحقائقها ومتطلباتها، فحسب.. بل قبل ذلك لتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة، والمغالطات الإعلامية الصريحة التي تتعرض لها المملكة في الغرب.
إن الإنجازات التي تحققها المملكة العربية السعودية -على المستويين: الرسمي والشعبي- بحاجة إلى دعم إعلامي موجه وصريح، بلغة يمكن الدفاع بها عن الحقوق، وتستطيع توصيلنا بغيرنا دونما تشويه، أو تشويش، وذلك من خلال التعامل مع البيئة الأكاديمية، والشعبية الغربية بعامة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، ذلك لأن هنالك أجيال اليوم والغد، والتي نحن في حاجة إلى كسبها، أو تحييدها على الأقل.
وبتوجيه واعٍ، انطلقت الجامعات السعودية من حضن وزارة التعليم العالي، لتدعم التوجه الرسمي السعودي حيال هذه المسألة التي هي في غاية الأهمية، والتي تنطلق بنا ربما للمرة الأولى ضمن خطوات إعلامية مدروسة، ومستندة إلى عدالة قضايانا، وسلامة مواقفنا المبدئية من مجمل القضايا الأساسية على الساحة المحلية، والإقليمية، والدولية.
لقد تأكد لنا -خلال جولتنا الأخيرة في أمريكا أن هناك تباينا واضحا بين المواقف الإعلامية الأمريكية الموجهة، والموقف الشعبي الأمريكي، على اختلاف عناوينه، وفي مختلف القضايا المطروحة للنقاش، وهو ما يوجب علينا -بكل تأكيد- التمييز بين هذين الموقفين، وألا نؤاخذ أحدهما الإيجابي، بجريرة الآخر السلبي، فلقد سمعنا بأنفسنا كلاما جميلا عن المملكة، وعن الشعب السعودي من مختلف أطياف المجتمع الأمريكي، ممن أشادوا برسوخ العلاقات ليس فقط بين الحكومتين بل بين الشعبين وأبدوا رغبة أكيدة في حماية تلك العلاقات، والاستمرار بها، بل ودفعها إلى الأفضل للشعبين كليهما.
ويستطيع المرء أن يتبين بوضوح من خلال الحوار المباشر، أن هناك نوعين من المواقف والأساليب، بل واللغة المستخدمة في الحوار ففي حين لا يخطئك التعرف على التساؤلات المقولبة، والمستعارة من الإعلام المحموم فإن بصيرتك لا تخطئ أبداً أولئك الذين يقدرون دور أمتنا، ويحرصون على إيراد الحقائق التاريخية والاجتماعية في إطارها الصحيح، حيث كانت هنالك مجموعة من التساؤلات التي تدور حول دور المملكة في العالم، وقضايا المرأة السعودية، واتضح من تلك التساؤلات أن كثيراً مما يقال ويشاع في أمريكا إنما ناتج عن قصور منا في إيصال أنفسنا بطريقة سليمة.
لقد جاءت تلك اللقاءات لتكشف زيف كثير من الادعاءات التي يمتطي أمواجها ثلة من المغرضين، وتبين أن معظم هؤلاء بحاجة إلى فهمنا، أكثر من إفهامنا، وبحاجة إلى الاطلاع على قيمنا وعاداتنا ومفاهيمنا، أكثر من إجبارنا على اتباع قيم وعادات ومفاهيم غيرنا. نعم لقد تبين بما لا يدعو للشك، أننا في حاجة إلى مد جسور الثقة والمعرفة مع هؤلاء، والعمل على تقوية وتدعيم تلك الجسور، بما يخدم مصالحنا، وقضايانا، بل إن من الضروري جداً، أن تستمر مثل تلك اللقاءات والحوارات، لأنني أعتقد أن جلسة ثقافية واحدة، قد تفيدنا أكثر من ألف خطبة نارية، أو عبوة ناسفة، أو حرب ضروس، إلا إذا كنا لا نزال نقرأ الغد بلغة القرون البائدة.... وتاليتها؟!!!
|