Wednesday 3rd March,200411479العددالاربعاء 12 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خبراء الإعلام والإستراتيجية يكشفون أهدافها خبراء الإعلام والإستراتيجية يكشفون أهدافها
قناة الحرة ... خدمة إعلامية أم وسيلة خداع ؟!

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور - طه محمد:
منذ إطلاق الولايات المتحدة الامريكية لقناتها الفضائية الموجهه قناة الحرة الناطقه باللغة العربية وهي تثير التساؤلات والجدال حول مغزى اطلاقها واهدافها، ومدى اتساقها مع منظومة الاعلام الامريكي تجاه المنطقة ؟ فقناة الحرة تعد الحلقة الثالثة من منظومة اعلامية امريكية موجهة تضم مجلة ومحطة اذاعة وهذه القناة الجديدة تأتى بمظهر شبابي حديث مستخدمة الموسيقى العربية سريعة الايقاع استخداما كاملا، ومنذ اول لحظات بثها لم تُخفِ هويتها او هدفها الرئيسي في تحسين صورة الولايات المتحدة، وقد بدأت قناة الحرة بث 14 ساعة يوميا من البرامج سيتم تمديدها الى 24 ساعة خلال اسابيع، ويتمكن المشاهدون في الشرق الاوسط من مشاهدتها على القمرين الرئيسين في المنطقة وهما عرب سات ونايل سات، وقد استهلت المحطة ارسالها بحوار خاص مع الرئيس الامريكي جورج بوش، ووفق ما يقوله القائمون على هذه القناة انها تهدف الى الحد من نفوذ بعض القنوات الاخبارية العربية، كما اعلن مجلس ادارة الحرة ان من بين اهداف الشبكة التليفزيونية ان تكون شبكة اخبارية متكاملة ومتوزانة، وانها ستكون مثل الصحافة الحرة على الطريقة الامريكية..
هذه الاهداف يسقطها خبراء الاعلام والمحللون تباعا، فالقناة هدفها تحسين صورة الولايات المتحدة بعد الكراهية الشديدة التي وجدت نفسها فيها، كما ان هذه القناة لن تستطيع اخفاء حقيقة ان الولايات المتحدة تدعم اسرائيل.
حول الفضائية الامريكية الموجهة قناة الحرة التقت الجزيرة بنخبة من خبراء الاعلام والاستراتيجية.
عبث أمريكي غاشم
يرى الخبير الإعلامي سعد لبيب أن هذه الفضائية الأمريكية الموجهة للعرب لتحسين الصورة الأمريكية لن يكتب لها النجاح،لأنها لن تضيف جديداً للإذاعة الموجهة حاليا، سوى أنها ستكون وسيلة مرئية، ولن تستطيع خلق رأي عام جديد لها، وستكون شكلاً من أشكال العبث الأمريكي، لأنها تتبع سياسة الكيل بمكيالين في تأييدها الواضح لمفاهيم العدل والحريات في العالم ودعمها في ذات الوقت لاحتلال العراق وقمع الشعب الفلسطيني على يد إسرائيل.
ويقول الخبير الإعلامي سعد لبيب: إن الرأي العام العربي سينصرف بالتالي عن هذه الوسيلة مهما كانت مؤثراتها، لأن المواطن العربي يرتبط بما هو حاصل على الأرض، وعليه فإنه سيجد نفسه أمام تناقض غريب، ففي الوقت الذي سيجد فيه هذه الفضائية تتحدث عن المثل وسياسات الدول تبعاً لأمزجة السياسة الأمريكية، فإنه سيجد في المقابل دعما لقوات الاحتلال، وممارسة الإدارة الأمريكية لسياسة عدوانية تتسم بالهيمنة ضد الدول العربية والإسلامية، فالعبرة بما يحدث على أرض الواقع، والذي يقترب منه الرأي العام العربي أكثر.
ويقول لبيب: إن زمن التعبئة الإعلامية قد ولى زمانها، بالرغم من أن الإعلام الأمريكي يسعى إلى إحيائه ليتوجه به إلى العرب والمسلمين، وهو يدرك أنه سيفشل في ذلك، ولكنها غطرسة القوة المتسلطة والمهيمنة التي تحاول الإدارة الأمريكية فرضها بالمنطقة العربية.
تشويه الحقائق
ويؤكد الدكتور مختار التهامي - أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة- أن قناة (الحرة) الأمريكية الجديدة هي وسيلة من وسائل النصب الأمريكي على العالم بهدف تشويه الحقائق للمواطن العربي والإسلامي، ومحاولة لاختراقه ثقافيّاً، لكي تخاطب فيه ما تراه.
ويقول التهامي: إن الولايات المتحدة لم تدرك أن المواطن العربي أصعب من أن يتم اختراقه، لأنه يتمتع بذكاء عميق، ويدرك التحديات التي تواجهه، ولكن ليس غريباً على الإدارة الأمريكية التي أعلن رئيسها الحرب الصليبية على العرب والمسلمين، أن تفكر بهذه الطريقة 'الساذجة' في محاولة لبث الفرقة بين أبناء الوطن العربي وحكامه بقدر الإمكان، وبأعلى درجة من اليقين.
ويضيف التهامي أن كافة المحاولات الأمريكية ستنال طريقها إلى الفشل، ولن تحقق أهدافها كما ترجو،لأن جميع تجاربها السياسية سيئة، ولذلك ستكون أيضاً تجاربها الإعلامية أكثر سوءاً، وإذا كانت ترى أن احتلالها للعراق وأفغانستان وانحيازها الدائم لإسرائيل أدى إلى توجيهها وسيلة إعلامية ناطقة بالعربية إلى منطقتنا لتدافع من خلالها عن جرائمها في العراق وأفغانستان، فإن كل هذه الأساليب ستنال طريقها إلى الفشل، لأنها مهما فعلت ومارست من وسائل لتحسين صورتها في العالم العربي أو إبراز أن احتلالها للعراق غرضه نشر الديمقراطية والحرية، فإن هذا كله سيكون مصيره نفايات التاريخ، وستلفظ الأجيال العربية الحالية والقادمة هذه الأساليب ولن تلتفت لها.
ويشير إلى أن الإدارة الأمريكية لن تستطيع تحقيق مهامها كما تراها في تحقيق العدالة، في الوقت الذي تبارك فيه أعمال الإرهابيين في مؤسسة الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي العربية، فضلاً عن احتلال العراق وتلويحها بتوجيه ضربة عسكرية إلى عدة دول عربية.
ويضيف قائلاً: إذا كان إعلامها يخدع المواطن الأمريكي من غير النخبة، فلن يخدع شعوبنا التي بدأت تدرك تماماً الأساليب الملتوية للإعلام الأمريكي.
ويؤكد أن الإعلام الأمريكي لا يحق أن نطلق عليه إعلاما بالمعنى المتعارف عليه، ولكنه دعاية ليس فقط ضد الشعوب العربية والإسلامية ودول العالم الثالث، ولكن داخل بنية المجتمع الأمريكي الذي جعلت منه وسائل إعلامه مجتمعاً (معصوب العينين) مضلل العقل، مخدوع الفكر.
وهذا كله يذكرنا بأفعال النازية القديمة.
ويقول الدكتور صفوت العالم استاذ الاعلام بجامعة القاهرة: ان قناة الحرة هي الحلقة الثالثة في منظومة اعلامية تضم مجلة ومحطة اذاعة، وهذه المنظومة تعتقد ان مشاعر الكراهية التي تحملها الشعوب العربية ضد الولايات المتحدة الامريكية يمكن تغييرها او التغلب عليها وازالتها ببرامج واخبار ودعايات تحسن من صورة امريكا، ورغم صعوبة ذلك لان السياسات الواقعية التي تنبناها امريكا في المنطقة تؤكد على ممارسة القوة والبلطجة والهيمنة، وانها لا تفعل شيئا جيدا للمنطقة، ويظهر هذا بشكل واضح في مقدمتها القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وكذلك ما يحدث حاليا في العراق، فان هذه السياسات تعكس مواقفها الحقيقة ولا يكفي الاعلام في هذه الحالة ان يجمل ما تفعله، غير انها تدرك جيدا مدى خطورة الاعلام وانه سلاح خادع، فهي تريد اللعب من خلاله وخداع الشعوب، ويطالب الدكتور والمفكر حسين احمد امين بضرورة اتخاذ خطوات جريئة وخلاقه بهدف مواجهة الاعلام الموجه الذي يحاول ترسيخ قيم وعادات مخالفة لقيمنا وعاداتنا، ويضيف ان قناة الحرة لا تضيف جديدا سوى التأكيد على تجميل صورة الولايات المتحدة، ولكن لن تستطيع خلق رأي عام، وما على الاعلام ان ينتشر ويساهم في ذلك، اما ان يقوم الاعلام على التضليل والكذب فهذا لن يجدى شيئا؛ لان الشعوب العربية واعية وتدرك اهداف هذه القناة، وبالتالي يتم مشاهدتها من منطق تحصيل الحاصل، فليست هذه القناة هي الوحيدة الموجودة على الساحة، فانها لا تستطيع تحقيق هدف التعبئة الاعلامية كما يعتقد القائمون عليها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved