رداً على مقالة الأخ عبد الرحمن بن سعد السماري التي نشرت في جريدة الجزيرة العدد 11470 ليوم الاثنين الموافق 3-1- 1425هـ في الصفحة (6) محليات تحت عنوان (الطلاق لماذا؟!) أقول:
- أول ما بدأت كلمتك قلت:( لا ندري من نلوم في زيادة نسبة حالات الطلاق وبتلك النسبة المزعجة التي تعلن بين وقت وآخر).. ما دمت يا أخي عبد الرحمن لا تدري من تلوم؛ لماذا تلوم الشباب؟
إن كنت تدري فتلك مصيبة
وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
ولماذا تصبّ جامّ غضبك على الشباب..؟ وكأن البنات بريئات ومنزهات من الخطأ!
- تقول في مقالتك: (المهم.. ومن خلال معايشة ومتابعة الأوضاع في المجتمع نجد أنه بالفعل هناك حالات طلاق مقلقة ومزعجة) وناقضت نفسك بقولك أيضا: (لا ندري عن دقة هذه المعلومات وحجم مصداقيتها) إن في ذلك تناقضا بينك وبين نفسك.
- يا أخي عبد الرحمن.. حتى الآباء والأمهات لم يسلموا من جامّ غضبك عليهم؛ حيث قلت: نعم بعض الآباء والأمهات لا يحققون ولا يدققون في الخاطب؛ فبمجرد طرق الباب من أي إنسان يقولون (نصيبك).. المهم (يربحهم) من البنت و(يضفها). أليس هذا تجنيا بحق الوالدين وبحق البنت أيضا.؟! من قال لك إن الوالدين يريدون الخلاص من البنت؟ إنني أرى عكس ذلك؛ فإن الوالدين يحققون ويدققون ويسألون عن الخاطب؛ لأنهم يريدون بذلك المستقبل الأفضل لبنتهم، والمثل الشعبي يقول (إنها أي البنت.. طوق حمامة فصختها من رقبتي إلى رقبتك) وهذا يقوله الوالد؛ أي المقصود بذلك المحافظة عليها وعلى كرامتها وإسعادها، فحرام عليك التجني.
- استطردت في كلامك حيث استعملت أسلوبا غير منطقي وكلاما غير مهذب فقلت (بعد أيام يكتشفون (بلاوي) فلا الرجل رجل ولا الإنسان إنسان، بل هو وحش أو مريض أو فاسد، أو كما يقول العوام (علة مطاولة) فتعود المسكينة إلى بيت أهلها ومعها ورقة الطلاق!!) والسبب أن الأب والأم لم يكلفا نفسيهما عناء السؤال.
ألا تتقي الله في نفسك يا رجل؟ ألا تعلم أن الله عز وجل ساوى بين الرجل والمرأة في العقاب والثواب؟ فأنت خالفت كلام الله عندما عاقبت الرجل وبرأت المرأة، ألم يدر في ذهنك يوما من الأيام ولو للحظة أن أسباب الطلاق عديدة وقد يكون سببها الرجل وقد يكون سببها المرأة؟ فما رأيك لو اكتشف الرجل (بلاوي) في المرأة حسب أسلوبك؟ لكن يبدو لي أنك أدليت بدلو نصفه ماء ونصفه الآخر طين، لأن أسلوبك هذا واضح فيه انحيازك لمعشرهن؛ فلم تعدل بين الطرفين؛ لذا فإنني أعتقد أنك أقمت جدارا عازلا بين الشباب والبنات، والسبب هو أنك استعملت أسلوبا غير صحيح ولا يليق بالشباب، وهو كما يلي:
1- استعملت أسلوبك للتعميم، وهذا خطأ؛ فليس كل الشباب (بلاوي).
2- وصفت المرأة بأنها (مسكينة) وهذا غير صحيح؛ لأن المرأة مثلها مثل الرجل تخطئ وتصيب.
وفي هذه المناسبة أعلمك أنني لست ضد المرأة ولكني ضد أسلوب التعميم وعدم العدالة؛ لذا أين انت من العدل والإنصاف؟ إنني أنصحك أن تطلع على سجلات الطلاق في المحاكم الشرعية لتجد الحقيقة والعدالة. أخي عبد الرحمن ألم يأتِ على ذهنك في يوم من الأيام أن المرأة أحياناً وليس دائما تكون هي السبب في الطلاق وهي صاحبة (البلاوي)؟ ألا تعرف أن المرأة أحيانا تكون هي السبب في دخول الزوج في المصحات العقلية والنفسية ودخول السجون وتعاطي المخدرات، وهي السبب في تدمير الحياة الزوجية وتشرد الأطفال؟ لذا فإنني أنصحك بأن تأخذ جرعة منشطة في علم الاجتماع وعلم النفس وفي التاريخ؛ حتى تكون على بينة من أمرك.
- ذكرت في مقالتك المشؤومة (قد يكون السبب.. هو الفضائيات، ووسائل الإعلام الأخرى. والإنترنت.. الخ).
هل هذا معقول يا رجل، هل يجهلك أن الشاب عندما يفكر بالزواج أن أول ما يفكر به هو السعادة، والاستقرار، والراحة النفسية والحياة الزوجية التي يسودها الودّ والرحمة والسكينة؟
- ذكرت أيضا أن السبب (قد يكون تباينا في الطباع، والأفكار بين الزوجين) نعم لقد أصبت في هذه الفقرة؛ لأن تباين الأفكار والطباع قد يسبب الشقاق والنزاع بين الزوجين، لكنك أخطأت بالمثل عندما قلت (قد يكون أحد الزوجين متدينا ملتزما مستقيما والآخر غير ذلك؛ فيلتهب الوضع).
أخي عبد الرحمن.. لو حصل مثل هذا التباين فهو ليس عذرا للطلاق، لأن علاج التباين ممكن، وهو محاولة تقريب وجهات النظر، وإزالة الحاجز النفسي بين الزوجين والتفاهم والوفاق والاتفاق، ومعاونتهما على الرغبة في الحل، ومحاولة الاستمرارية والمحافظة على حياتهما الزوجية.
- ذكرت أن (بعض البنات.. تمر بثلاث أو أربع حالات خطوبة، وتخطب (رسميا) ثم تفك، وهكذا مرتين وثلاثا وخمسا، لماذا؟).
يا عزيزي عبد الرحمن.. هذا الكلام ليس مقتصرا على حق البنات فقط، بل على حقوق الشباب أيضا؛ فكم من المرات البنت هي التي (تفصخ) خطوبتها من الشاب. أليس كذلك؟! أ ولا تؤمن بأنه يوجد الكثير من الشباب غير القادرين على الزواج بسبب رفض البنات لهم لأسباب تافهة جدا، مثل أن يكون الشاب صاحب دخل محدود، أو غير وسيم، أو طويلا، أو قصيرا أو بدينا، أو نحيفا، أو لأسباب أخرى اجتماعية، ونفسية، وعادات وتقاليد قديمة وبائدة؟!
- ذكرت ( أن هناك أسبابا معلومة وأسبابا أخرى مجهولة وهكذا.. شاب يخطب خمس مرات وكل مرة تعلن الخطبة ثم يتزوج بسادسة ثم يطلقها وهكذا..).
أليس هذا من باب المبالغة والتجني على الشباب؟ ألا تعرف أن الشاب عندما يعقد العزم على الزواج يبحث عن زوجة وتكوين أسرة، فلا يبحث عن صديقة أو ما يسمى (girl friend) فالذي يبحث عن زوجة يكون حسن النية والقصد وينشد الاستقرار والراحة النفسية وحياة زوجية سعيدة.
- تقول أيضا في مقالتك (أسباب معلومة وأسباب مجهولة (والبطن مليان) وهكذا..).
لماذا لم تنور القارئ بتلك الأسباب المعلومة والأسباب المجهولة وتزوده بالمعلومات القيمة، وإذا كان (البطن مليان) حسب رأيك فلماذا لم تفصح عما في جعبتك؟
- تقول (هكذا حالات الطلاق في مجتمعنا مع الأسف. أسباب معلومة وأسباب مجهولة وأسباب (يتعلم بها).. وأخرى لا ينحكي بها في الجرايد).
لماذا وكيف حكمت على (الطلاق) في مجتمعنا بهذه الأسباب والصفات التي اعتقد أنها مغلوطة وغير صحيحة؟ فهل انت قاضي محكمة أو عالم اجتماعي أو عالم نفسي أو عالم إحصاء؟ فان كنت تتمتع بهذه العلوم فأنت على حق ورجل فذ ونفخر بك، ولكنك اتكأت على هضبة هشة أو سرت فوق رمال متحركة، لأني لم أفهم الأسباب لا المعلومة ولا المجهولة، ولم اعرف أن الزواج فيه (نشامى.. أو سنافي) بل الذي اعرفه عن الطلاق هو عدم القدرة على التكيف، والتوافق وعدم التكافؤ وعدم الانسجام والتناغم بين الزوجين. ولهذه الأسباب وغيرها من ظروف اجتماعية ونفسية وعادات وتقاليد، والعديد من الأسباب الأخرى يحدث الانفصال التام أي الطلاق. هل تعرف أن (مشكلة الطلاق) مشكلة اجتماعية قديمة قدم العصور، وليست مشكلة عصرية، والسبب يرجع إلى (الجهل، الأمية، التخلف، الفقر، وغيرها من الظروف البيئية، الاجتماعية، النفسية). ولعلمك أيضا أن (الطلاق) لا يوجد فيه منتصر أو مهزوم، ولا رابح ولا خاسر، أو بطل أو جبان، ولا نشمي أو سنافي؛ فلماذا تحمل الشباب مسؤولية الطلاق دون الجنس الآخر؟ أليس في ذلك انحياز؟ ولماذا لم تعدل بين الطرفين؟ لا اعتقد أن كلامك يدل على عمق فهم المشاكل الاجتماعية عامة والزوجية خاصة، وإنما أسلوبك يدل على من يريد أن يدلي بدلوه، وعلى الله التوفيق.
حمد بن عبد الله القبلان
استشاري صحة نفسية مجمع الأمل بالرياض |