Tuesday 2nd March,200411478العددالثلاثاء 11 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أين أتينا؟ من أين أتينا؟
ليكن هذا الأمر دائماً.. في خلفية الذاكرة
د. عبدالله بن ناصر الحمود(*)

مضت السنون وتعاقبت الأيام وتوالت أشهُر سبتمبر، بعد سبتمبر الأشهَر في التاريخ المعاصر. ومضت سنة الله أن تتهاوى قمم وتنتهي لحكمة يراها سبحانه، وأن تظهر أمم من جديد. ويبقى التساؤل الأهم والأكبر مطروحاً ومشروعاً: ما الذي حدث - بالضبط - يوم الحادي عشر من سبتمبر؟ كل ما نسمعه اليوم من دور مشهور للقاعدة البائدة، ومن تكتيك دقيق لرجال الكهوف والبادية، خريجي الصحاري والجبال في (تورا بورا) الذين تمكنوا من اختراق جهابذة التقنية، ورواد التجسس العالمي، وأقطاب الأقمار الفضائية، كل ذلك أقرب للحكاية، أو هو فعلاً رواية، رواية بوليسية، تصلح أن تكون مادة فيلمية من أن تكون حقيقة مجردة.
رغم كل ما تواتر عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ورغم كل ما يبدو من حقائق تاريخية، يبقى العمل الإجرامي الذي حدث في (منهاتن) لغزاً محيراً جداً، ربما لن تتكشف خيوطه إلا في كتب المذكرات، بعد أن تطوي السنين كل أو معظم من هم في الواجهات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية، في مواقع كثيرة حول العالم. الصياغة الأمريكية للأحداث، صياغة تم قبولها - كما يبدو - عالمياً، وتم العمل على أساسها في محافل كثيرة، وباتت مؤثرة جداً في قرارات وطنية وإقليمية مهمة في العالم كله. ولأن (القاعدة) - منهجاً وسلوكاً - تعد شيئاً مرفوضاً ولا يمكن قبوله، فقد ساعد ذلك على تمام الحبكة في رواية (الواقع الإجرامي) أو في صياغة ذلك (الواقع الافتراضي للجريمة). ربما كان الأهم والأصوب والأقرب للحقيقة، في تلك (الرواية البوليسية)، أن تكون عناصر (القاعدة) الإجرامية قد نفذت - فعلاً - ما تم نقله على الهواء مباشرة في (منهاتن) من عمل إجرامي لا إنساني ذهب ضحيته أمم وشعوب، ولا يزالون يذهبون. لكن ثمة تساؤلات مهمة جداً لا تجد من يجيب عنها حتى الساعة: مَن أعد لهذا العمل؟ ومن سهّل اختراق كل الحواجز التقنية والسيادية هناك؟ كيف يتم التوصل إلى حصر دقيق لجوازات سفر معينة وإلى إخراجها من الحطام والحريق، في حين تذوب الصناديق السوداء، أو هي تغيب؟ أين هم عائلات ركاب الطائرات من المسافرين - حينها، هناك - للعمل أو للسياحة؟. رغم كل ما قيل في هذا الإطار، تبقى تلك التساؤلات مشروعة، ومفتوحة دون إجابات دقيقة وكافية. وتبقى تلك الحقيقة، لتمثل علامات استفهام كبيرة جداً، وثغرات استراتيجية مخيفة في الحبكة الإجرامية لأحداث (منهاتن) ويبقى السؤال الأعم الأهم: مَن وراء أحداث الحادي عشر من سبتمبرمن الكفايات العالية التأهيل، والفائقة التدريب، والقادرة على الاختراق المحكم لأعتى نظم الحماية في العالم؟ ولأنني لا أملك الإجابة، ولا أعتقد أنه من السهل امتلاكها، فإنني اتطلع إلى ألا نصدق كل فصول الرواية، وأن يبقى هذا التساؤل حاضراً في خلفية الذاكرة العالمية والعربية والإسلامية، حتى نتوصل يوماً ما، أو يتوصل أحفادنا إلى معرفة كل خيوط المشكل الدولي المعاصر.

(*)عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved