Tuesday 2nd March,200411478العددالثلاثاء 11 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(القريات) مدينة الزيتون - بوابة الوطن (القريات) مدينة الزيتون - بوابة الوطن
مدينة حالمة باخضرار أرضها وإطلالة متحضرة على مشارف الحدود

* القريات - تقرير- سليم الحريص: تصوير- حمدان حسين:
خلال السنوات الخمس الماضية شهدت مدينة الزيتون أو كما نحب أن نسميها دائماً بوابة الوطن (القريات) لأنها كذلك شهدت نقلة عمرانية وتزايدا سكانياً ومواكبة خدمية ملموسة ومحسوسة، تتضح وبجلاء من خلال الامتداد العمراني الذي أصبح مشاهداً أنى اتجهت، فإن صوبت نظرك إلى الجنوب فإن العمران قد وصل إلى غير بعيد عن خط الحدود وأن اتجهت إلى الشمال أصبح الإنشاء ملاحظاً على الطريق الدولي أما شرقاً فقد التحمت المباني مع المزارع وأصبحت كتلة واحدة وغرباً أخذت اللبنات الأولى معالمها حتى وصلت الأراضي الممنوحة على مشارف وادي حصيدة الغربية وبمحاذاة حرم الحدود واتسعت مساحة المدينة المعمورة إلى ما يزيد على (70 كم2).
* لكن السؤال الذي يطرح بل ويفرض نفسه.. حينما تشاهد الحركة الدائبة وتسارع الإيقاع لحركة التشييد الواضحة.. هو كيف جاء هذا التوسع وما هي اسبابه وما هي العوامل التي ساهمت في هذا التحول من حالة الركود والجمود التي عهدناها خلال سنوات خلت إلى هذه الانطلاقة غير الخجولة وهي الصفة التي عايشناها خلال حقبة مضت إلا أنها اليوم تمنح صفة الجريئة والمتوثبة لتنمية تبدو شاملة وعلى اصعدة شتى تبدو خطواتها متسارعة.
* هناك مدن تشيخ في صباها مثل شباب اليوم وأخر تصاب بالوهن وتستسلم للأمر الواقع.. تنكفىء على نفسها أو حين يدار لها الظهر.. لأن مشوارها قصير لكن هناك مدن لا تستسلم لواقع فُرض ولا تنيخ الركاب عند محطة ويتوقف مسير ركبها وإن أدير لها الظهر مثلما حدث للقريات.
* فقد استطاعت وأعني (القريات) ان تتأقلم مع واقع جديد وإن لم ترده أو لم تقتنع به بل سايرت الركب.. طرقت أبواباً عدة، غذت الخطى لتبحث عن منافذ جديدة.. عن ميدان سبق تصهل في مضماره جيادها.. وكان لها ما ارادت، لأنها تتكىء على معطيات ومقومات تتيح لها فرصة التغريد والتحليق في فضاء قلما أتيح لغيرها من المدن.. فهي لم تنتظر من الآخرين الإسهام أو الدفع أو الإلحاح.
* فقد وجدت في موقعها شيئاً مهماً وحيوياً خدمها ووجدت في قابليتها للنمو المحرك الفاعل والمؤثر الذي فرض واقعاً جديداً اتاح لها التمدد في كل الاتجاهات وبندية لمدن أخرى، وكان ذلك محفزاً لأبنائها الذين لم يكن واحد منهم قد اتاح فرصة تسلل اليأس إلى نفسيته.. بل كان الكل يطمح لبناء مدينته وأن يكونوا سواعد بناء.. تتلمس.. تدقق وتبحث وتعمل.. ومن ثم كان مولد فجر جديد لها.. ولادة جديدة في تاريخها.. انطلاقة لها دلالاتها ومعانيها.. لقد كان مقدم سمو الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز مقدم عطاء وبذل وسخاء وأريحية فوجد في (القريات) الأنموذج القابل للتطوير إذ تملك كل المقومات المساعدة على التشييد والبناء والتحضير فكانت له البصمات الواضحة للعيان والجهود الخيرة التي نجني ثمارها اليوم ونتفاخر بكل منجز.
وكان لسموه مساع كثيرة بذلها بكل إخلاص وإيثار وهي لن تنسى فقد خط لها ما اعتقد بأنه بداية الطريق في مشوار طويل وطويل في مضمار التنمية وكان رهانه الرابح على أن القريات هي الأكثر قابلية للتطوير والأقدر على التعاطي مع المتاح والقادرة على التعامل مع كل الظروف والأحوال والأيسر على تسارع عمليات البناء في جنباتها.. فقد ارسى سموه الكريم وفقه الله أسس بناء نقطف اليوم ثمارها ليكمل المشوار من بعده صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز حفظه الله الذي لا يألو جهداً ولا يدخر قدرة ولا يتوانى عن البذل والسعي لتحقيق كل الخير للمنطقة بشكل عام وللقريات بشكل خاص فهو يدفع باتجاه الغد المشرق.. صوب التطوير والعمل الممنهج حقائق يجب الإقرار بها وإن كان طموحنا ليس له حدود وتطلعنا لا يتوقف عند حمرة الشفق.. فالواقع بيّن وواضح ولكي لا أتهم بما ارفضه ولم أمارسه ولم امتهنه. قد لا يفاجأ ابناؤها بما يرون ولكن من يعرف القريات قد يتفاجأ.. قد لا يصدق ولكن.. هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع.
* إن مجرد التجوال في شوارع القريات والتأمل والتدقيق تذكرك بما كانت عليه الحال وتعطيك القدرة على التمييز بين وضع كنا نعيشه برتابة وخمول وبطء حركة وبين حاضر مزهر نرى اخضراره في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية المعاشة بكل أشكالها وصورها. فكان من ثمار حرص وجهد عبدالإله هذه الأراضي التي وزعت بالآلاف ليكون هذا الامتداد العمراني النشط والآخذ في التوسع وقد اخذ يسير في كل اتجاه وبجهد فردي من المواطن دونما انتظار لدور سيأتي يوماً ما من الصندوق العقاري الذي يعطي للمواطن في القريات بالقطارة في الوقت الذي يعطي للمنطقة بشكل عام رقماً لابأس به لا يقل عن ثلاثين قرضاً شهرياً بينما حصة القريات لا تتجاوز ال (6) فأي عدالة في النسب والتي كان من الواجب أن تنطلق من عدد السكان واعداد المتقدمين مبررات أخرى جديرة بأن تؤخذ بالحسبان. وامام هذه الطفرة العمرانية يجب أن نقف تقديراً لجهد بذلته بلدية القريات خلال السنوات الماضية والمتمثل في توزيع ما لا يقل عن (6000) قطعة أرض مكنت المواطن من إنشاء مسكن له وهو ما يشاهد اليوم في كل حي.. تطالعك معدات التشييد والحفر والعمل في حركة تذكرنا بعهد الصندوق العقاري عند بداياته في النصف الثاني من التسعينيات الهجرية. ولم يتوقف جهد البلدية عند هذا بل تجاوزت ذلك إلى محاولة مواكبة هذه التنمية العمرانية بأعمال السفلتة والرصف والإنارة والتي لا يكاد شارع يخلو منها وتقدر كلفة تنفيذها بما يزيد عن (100 مليون ريال) في سابقة لم تحدث في تاريخ القريات منذ نشأتها وكذلك خدمات البلدية الأخرى كالنظافة التي نحث على مضاعفتها وتكثيفها وأعمال التشجير وإنارة الطريق الدولي بطول أكثر من 30 كم وحين تأخذك وسيلة نقلك في تجوال شوارعي ترى معاول البناء تعمل على إنشاء شبكة الصرف الصحي في مرحلتها الأولى التي تبلغ كلفتها زهاء ال(70) مليون ريال لتمنح الأحياء الغربية فرصة التجمل والتحسن ونأمل أن لا تنتهي بمرحلة اولى فقط وننام سنوات أخرى من الانتظار والترقب مثلما هي حالنا مع مشروع شبكة المياه للمرحلة الأولى وبكلفة وصلت (30) مليون ريال ولم تستكمل المراحل الأخرى كي تغطي المدينة والأحياء الجديدة.. فنرجو أن لا تتوقف الأمور عند المرحلة الأولى ونكتفي بما عمل.. لكي لا نضطر للبحث عن آمال وتطلعات جديدة في رحلة بناء لا تتوقف عجلاتها. ولاشك أن لبلدية القريات دور حيوي ورئيسي في كل ما نشاهده ونراه من نشاط عمراني وتنفيذ مرافق حيوية تتمثل في مشروع تصريف الأمطار والذي كان ولا زال يشكل هاجساً للسكان فبوجوده ستنتهي تلك المعاناة وذلك القلق الذي ينتاب السكان مع أول قطرة مطر وتبلغ كلفته ما يربو (15) مليون ريال وكذلك تجميل وتحسين المداخل ومبنى البلدية الذي سيكون احد المعالم العمرانية وتبلغ تكلفته أكثر من (11) مليون ريال. إلا أن المهم والمهم جداً المبادرة والإسراع في تنفيذ مركز ثقافي يسدي الخدمة للمجتمع المحلي في مناسباته وأعياده ويشكل إضافة مهمة وحيوية لمدينة لا يجد فيها المسؤول والسكان مكاناً يحتضن الأنشطة الثقافية وغيرها.
* إن التنمية كل لا يتجزأ والتنمية عمل تكاملي يجمع اطرافاً عدة لتنصهر في بوتقة واحدة هي خدمة المواطن وتطور المدينة.. فالهاتف أصبح موازياً للتوسع العمراني بعد أن عشنا سنوات من العوز الهاتفي.. كلنا كنا ننتظر خط الهاتف ومن يناله يقيم مأدبة احتفاء بالمناسبة، والكهرباء تسير على نفس النسق من المواكبة في توفير الخدمة لطالبيها خاصة مع شمولية الخدمة لكل القرى والهجر واستقرار وموثوقية الخدمة.
*أما التعليم فهو الآخر يحقق مكاسب متتالية على صعيد التعليم العام بشقيه والتعليم الجامعي للبنات المتمثل بكلية التربية للبنات التي خرجت عدة دفعات. لكن الذي جعل من السعادة اليوم زائراً لكل بيت في القريات هو افتتاح كلية المجتمع التابعة لجامعة الملك سعود واعتماد إنشاء كلية التقنية بمبلغ يصل (50) مليون ريال والشروع في إنشاء معهد مهني مطور بكلفة (8) ملايين ريال وكذلك البناء المدرسي لقطاعي التعليم الذي يشكل علامة جيدة بقيامه بتشييد عدد من المباني المدرسية وبكلفة تزيد على (40) مليون ريال.
*اما على صعيد الخدمات الصحية فإن ما تحقق لجدير بالتقدير إذ إن المباشرة في بناء مستشفى الحديثة ومستشفى العيساوية وبسعة (50) سريراً لكل مستشفى وبتكلفة تصل الـ(50) مليونا مؤشر طيب يعطينا الثقة على أن القادم أكثر بشراً واعتماد إنشاء مستشفى الصحة النفسية بسعة (150) سريراً وبتكلفة تقدر بنحو (60) مليون ريال والذي ينتظر المباشرة في إنشائه، إلا أن التطلع لغد أكثر إشراقاً يعطينا الحق بالمطالبة في تشييد مبنى بديل لمستشفى الملك فيصل الذي تم هدمه وقد خدم هذا المستشفى أهالي القريات منذ بواكير التنمية فيها وبهدمه يصح أن نقول بأنه انطبق علينا المثل (كسّرنا الشداد.. الخ) مع حرصنا على توفير الكوادر الطبية المؤهلة والمتخصصة للمستشفى العام الذي يشكو من افتقاره للكوادر عالية التأهيل وتشغيل مبنى الاسعاف الذي مضى على انشائه فترة غير قصيرة ولم تتم الاستفادة منه إلى اليوم.
كما نتطلع لزيادة مراكز الرعاية الأولية وشموليتها لقرى تفتقر لها ولأحياء تنتظر وجودها.
لا يعني حديثي بأن مدينتنا قد وصلت إلى المكان الذي نريد ولكنها من باب التذكير والتقدير والشكر.. لا ندعي بأننا نلنا ما نريد فأمامنا مشوار ومشوار.. لكنه اعتراف من أهلي ومدينتي الذين لا يخبئون شيئاً ولا يجحدون ما يعطون اياه بل ويقدرون ويثمنون كل جهد اثمر والكل وبلسان واحد يقولون شكراً من كل قلب ولسان.
* لكننا حين نلح بطلب افتتاح دار للملاحظة الاجتماعية فلدينا ما يبرره وحين نطلب افتتاح مكتب للتأمينات الاجتماعية فلأنه لا يحق لمؤسسة التأمينات ان تلزمنا بالتعامل معها وهي لم تتكرم وهي صاحبة الحاجة بالقدوم لنا. وإن طالبنا بافتتاح كلية صحية فأعتقد أنه طلب وجيه طالما أن الكوادر الصحية في مرافقنا الصحية تعاني عجزاً وقلة القوى البشرية الوطنية وحين نكرر الطلب من وزارة النقل بضرورة تعبيد الطريق المؤدي إلى فيضة الرشراشية وهي مزارع قائمة بل وهي متنزه بري لأهالي القريات الذين لا يجدون داخل محيط المدينة متنفساً لهم.
* إن موقع القريات يعطيها ميزة نسبية قد لا تتحقق لمنطقة أخرى ولم يستثمر هذا الموقع الاستثمار الأمثل وبما يرفد الحركة الاقتصادية إلا أنه شكل عاملاً مؤثراً ومحركاً بل ودافع باتجاه إيجابي. كان من المؤمل أن يكون الموقع جاذب استثمار لكنه لم يفعل ربما كان نتيجة قصور إعلامي.. افتقار للمعلومة أو نقص في تكامل الرؤية.
*لهذا فإن النقل البري أسهم وخدم وساعد وكذلك حركة النقل الجوي وما موقع القريات على طريقين دوليين إلا دلالة على ما تتمتع به من مكانة استثمارية تؤهلها لأن تتبوأ مكانة اقتصادية جيدة جداً خاصة مع التقاء طريق الشمال الدولي وطريق القريات الجوف تبوك المدينة المنورة بها وسيشكلان بعد تحويلهما إلى طرق مزدوجة أهمية تضفي على القريات بعداً اقتصادياً آخر، فالعمل يسير على قدم وساق بازدواجية طريق القريات طريف وبتكلفة (134) مليون ريال واعتماد ازدواجية طريق القريات - ابو عجرم وبطول (300) كم وبتكلفة قد تتجاوز ال (250) مليون ريال ومن المنتظر استكمال إنشاءاتهما خلال ثلاث سنوات قادمة. اما الشريان الحيوي الثالث فو مشروع سكة حديد الشمال الذي سينطلق من منفذ الحديثة عند تشييده وسيكون وسيلة نقل للركاب والبضائع ونقل المعادن.
* أما على صعيد الحركة الجوية فقد ادى مطار القريات دوراً حيويا وجعل من القريات مطاراً دولياً عملياً وان كان محلياً تسمية وينتظر أن تتم توسعته وفق ماصرح به سمو مساعد وزير الدفاع والطيران للطيران المدني نظراً للأهمية التي يتبوأها مطار القريات اليوم في حركة النقل الجوي بين مطارات المملكة وخدمته للركاب المغادرين إلى الدول الشقيقة المجاورة والزيادة المطردة في حركة النقل من وإلى القريات سنوياً.
* قد يبدو كل ما ذكرناه جميلاً وغدنا قد يكون أكثر جمالية.. اكثر اشراقاً.. قلت قد يكون فمدينتنا مهيأة.. قابلة.. موعودة بالنماء وهذا ما يحفزنا لأن نكون أكثر تفاعلاً.. أكثر صدقية والأكثر اسهاماً فالعملية مشتركة بين قطاع خاص وعام لا فرق بينهما.. المهم أن تبقى العجلة في حالة دوران والركب يسير في اتجاه الغد الباسم والوضاء.. قد تبدو القريات كذلك.. لكنها في الوقت ذاته تحتاج لصياغة جديدة.. لأجندة جديدة واستراتيجية ترسم لها مستقبل لا تعيقه نتوءات تبرز بين الفينة والأخرى ولا تعرقل الركب مزاجية في الأفكار والرؤى.. تبقى القريات المدينة الحالمة بربيع أرضها واخضرار تلالها وصفاء قلوب ابنائها واشراقات تنير الطريق لتبقى المتألقة دوماً.. أنموذجنا الحضاري واطلالته على مشارف الحدود.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved