(إن رغبتي الصريحة في منح الجوائز ألا تنظر إلى وطن المرشح، وألا ينالها إلا من هو أحق بها)، كان هذا هو لب وصية (الفريد نوبل) وهو يرصد جائزته العالمية الشهيرة لكن واقع الحال ان نوبل الجائزة قد اتهمت بين الغربيين أنفسهم بأنها سيست أحياناً وأحياناً منحت لغير مستحقيها بسبب علاقتهم بأصحاب القرار.
ومن أظهر حالات الطعن المسموعة في تلك الجائزة منحها للمنشق الروسي (ايفان يونيين) وللشاعر الفرنسي المغمور (بريدوم) متجاهلة (تولستوي) في روسيا و(إميل زولا) في فرنسا، وكذا منحها للصهيوني الإسرائيلي (عجنون) الذي لا ترقى أعماله إلى مستوى الجوائز.
وعلى سبيل النكتة منحت الجائزة عام 1953 لرئيس الوزراء البريطاني (ونستون تشرشل) في الأدب وفي الثمانينات منحت -نصفها - للسفاح الإسرائيلي (مناحم بيجين) في السلام!
ورغم ان الشاعر الإنجليزي (رديار كيلينج) يفتقد الشرط الأساسي لنيل الجائزة بسبب قولته المتعصبة الشهيرة (الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا) فقد فاز بنوبل عام 1907م.
وفي الوقت الذي تجاهلت فيه الجائزة أديباً بحجم البريطاني (جراهام جرين) نجدها تصب في خانة (وليم جولدنج) بريطاني أيضاً ولكنه صديق للجنة التحكيم، ولنفس السبب فاز بها عام 1959م الإيطالي كواز يمودو نظراً لصداقته مع سكرتير لجنة التحكيم والذي قام بترجمة أشعاره، وفي العام التالي كانت من نصيب الشاعر الفرنسي (سان جون بيرس) بسبب صداقته لداج همرشولد أمين عام الأمم المتحدة وقتها والرئيس السويدي فيما بعد، والذي ترجم هو الآخر أعمال (بيرس) إلى السويدية.
وبعد مطالعتي لتاريخ جائزة نوبل عنّ لي أن انتقل لقراءة خارطة الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية منذ نشأتها عام 1399هـ - 1979م وكان دافعي لذلك في الأساس هو إدراك حصة العرب والمسلمين في الجائزة خاصة في فرعي الطب والعلوم.
ولقد وجدت الجائزة منضبطة تماماً بالشرط الإنساني - الجيدة وعدم التعصب- لذلك فهي تصلح من هذه الوجهة لتقوم مقياساً للمشاركة العربية والإسلامية في صنع النهضة العلمية الحديثة.
وكان من الطبيعي ان أكتشف أن فرع اللغة العربية وآدابها في جائزة الملك فيصل العالمية اقتصر على رواد هذه الفنون وفرسانها في العالم العربي، وإن كانت د.وداد عفيف قاضي -إحدى الفائزات -تحمل الجنسية الأمريكية، وقد استحقت الجائزة عن (فنون النشر العربي القديم)، كما كان من الطبيعي ان ينضم إلى العرب في جائزة الدراسات الإسلامية إخوانهم من العلماء المسلمين وإن كان د.فؤاد سيزكين الفائز في موضوع (أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوروبية) يحمل الجنسية الألمانية، بينما ضمت قائمة الفائزين بجائزة خدمة الإسلام ملوكاً ورؤساء وعلماء عرب ومسلمين وإن كان بعضهم يعيش خارج الحدود الإسلامية مثل د.أحمد دوموكا وألونتو من الفلبين، والداعية الشهير أحمد ديدات من جنوب أفريقيا، ود.روجيه جارودي من فرنسا والشيخ أبو الحسن الندوي من الهند.
ومن المؤسف وغير الطبيعي بأن قائمة الفائزين بجائزة الطب خالية تماماً من العرب والمسلمين، بينما اشتملت قائمة الفائزين بجائزة العلوم على ثلاثة عرب، لكنهم يحملون جنسيات أخرى وهم: د.أحمد زويل، د.مصطفى عمرو السيد (أمريكا)، ود.سمير زكي (المملكة المتحدة).
ولا تعليق!
|