أحسست بحركة داخل جيبي العلوي (جيب القلم) وبسرعة قررت أن أضبط ذلك المتحرك متلبساً فارسلت مجموعة من أصابعي تستطلع الأمر وبعد البحث
والتحري بين مجموعة من الأوراق التي تسكن جيبي منذ فترة طويلة وبقايا دراهم معدودة (ومعدودة هنا تعني قليلة وإلا فحتى الملايين يمكن عدها بسهولة) المهم كانت دراهم قليلة لاننا كنا في آخر الشهر!
ولقد اتضح لي بما لا يدع مجالاً للشك أن تلك الحركة تصدر من قلمي.. نعم من قلمي.. ورغم انني كنت متأكداً إلا أنني قلت لابأس من زيادة التأكد فالظلم ظلمات وتكررت الحركات ليتبعها من يدي ارجاع القلم إلى جيبي ليعود إلى وضعه الطبيعي بحيث يخرج جزؤه العلوي (الغطاء) بلونه الأزرق المحلى باللون الذهبي.. لقد أصبح جيبي ساحة بين القلم وأصابع يدي الذي بدأت حركته تلفت انتباهي إلى أن هناك شيئاً ما.
وبعد أن عرفت أن قلمي هو مصدر تلك الحركة والشغب اخرجته ووضعته بين أصابع يدي فهدأ وارتاح.. واستسلم لي استسلام العاشق الولهان فرفعت عنه الغطاء فوجدته قد فتح فمه وكان يجذب أصابعي إلى الورقة.
لم تكن في الحقيقة لدي أية نية لاستخدامه في الكتابة.. فأنا منذ فترة ليست بالقصيرة لا استخدمه في شيء اللهم إلا التوقيع صباحاً في سجل الحضور ومثلها عند الخروج ظهراً من وظيفتي وأحياناً اكتب به (المقاضي)! غير ذلك لا اذكر انني فتحت غطاء قلمي لكتابة شيء مهم.. القلم الآن اقتصر دوره على التوقيع أليس هو الذي يوقع على الاتفاقيات كل الاتفاقيات!! انا الآن احرص عليه لأن يكون في جيبي فقط لاني تعودت أن يكون لدي قلم في الجيب ربما لينظم لي الاوراق أو يثبتها وربما أيضاً انني صرت اتباهى به وهذه عادة (موروثة) الا انني ربما زادت صفة التباهي به لانه ذو غطاء ذهبي جميل.. المهم أنا الآن لم اعد استخدمه كما في السابق فيما اكتب وهذا ما ازعجه واشعره بالاهمال وانه لم يعد له دور كما في السابق ولعل من اتعس الأشياء أن يفقد صاحب الدور دوره وهذه مشكلة قلمي فهو يرى أنه الآن بلا قيمة لانني استبدلته بالكمبيوتر!! وعندما فتحت الجهاز وبدأت اكتب عليه هذا المقال شعرت برطوبة في جيبي أخرجت قلمي ونظرت إليه فوجدت الحبر يقطر منه.. مسكين لقد بكى قلمي!!
******
جوالات الموظفين
تمنع المؤسسات الخاصة الزيارات الشخصية حفاظا على الوقت الذي هو ملك للمؤسسة، وفي الإدارات الحكومية يهدر الوقت في أشياء غير العمل الرسمي، ويمكن للموظف ان يستقبل العدد الذي يريد من الأصدقاء ويتحدث في الهاتف كما يشاء ويقرا الصحف ابتداء من الساعة التاسعة صباحا! الوقت في الإدارات الحكومية تنسحب عليه تلك النظرة السلبية (حلال حكومة)، لهذا فمنظر بعض الموظفين وهم يتحدثون في جوالاتهم يستقبلون مكالمة تلو الأخرى والمراجعون يقفون خلف الشبابيك يوضح عدم المبالاة بمصالح الناس وهدر الوقت العام في عمل خاص. حتى موظفو جوازات المطار يتحدثون في الجوال اثناء عملية دخول المسافرين للصالات!! وكذلك بعض الأطباء اثناء فحص المرضى! بعض الجهات الان لا يدخل إليها الزائر حتى يسلم جواله إلى موظف يجمعها ويعطي الزائر رقما وفي نهاية الزيارة يستلم جواله، هذه طريقة تستحق ان تتم تجربتها خاصة مع الموظفين الذي ينتظم الناس أمامهم في طوابير! من استأذن من عمله جاء وهو يفترض سرعة الخدمة، وذلك لن يتحقق مع موظف يتكلم بالجوال، فالله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه!! إذا استمر الحال كما هو عليه فإن المكالمات الجوالية سوف تضيف عبئا آخر على مستوى الانجاز في الدوائر الحكومية التي هي اصلا محملة بالكثير من الورق والبيروقراطية الإدارية التي ينفذها موظفون من فصيلة (راجعنا بكرا)..
|