Monday 1st March,200411477العددالأثنين 10 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

13-6-1391هـ الموافق 6-7-1971م العدد 350 13-6-1391هـ الموافق 6-7-1971م العدد 350
برج إيفل ثانٍ في باريس..!

كان برج إيفل الشهير ميزة فجر العصور الحديثة وطابعها الخاص؛ حتى أصبحت إلى عصرنا هذا أكثر معالم العالم اجتذابا للسياح والمتفرجين. وربما انطبع العقد الطالع بصورة برج آخر شبيه ببرج إيفل في الارتفاع، إلا انه يختلف عنه من عدة وجوه، ولا سيما فيما يتعلق بالنور والضوء؛ ولذلك سمي هذا البرج (البرج الوضاء). قدم المشروع رسميا إلى الرئيس بومبيدو مؤخرا مهندس فرنسي شهير يدعى (نيقولا شيفر).
سينهض هذا البرج الجديد على ارتفاع 307 أمتار، في ساحة تسمى ساحة الدفاع، وهي تقع على مسافة أربعة كيلو مترات عن ساحة النجمة حيث يتفرع 13 شارعا من تحت قوس النصر.
كان المهندس إيفل قد بنى برجه الشهير سنة 1889 بمناسبة معرض الصناعة الدولي بباريس، وأراده آية هندسية وأتقن صورة للبناء المعدني. أما المهندس (شيفر) فإنما يريد أن يجمع بين الفن والعلم والإتقان التقني الحديث، على نحو ما حققه في لندن في مؤسسة الفنون العصرية، وفي محطة القطارات المركزية في نيويورك.
صورة (البرج الوضاء) تتجلى في شبكة معدنية عمودية مركبة من أنابيب فولاذية تلتف وتتشابك فيما بينها على قطر 59 مترا, وقاعدة البرج هرم مقطوع الوسط ومقلوب على رأسه. وعلى قمة البرج 15 مصباحاً متحركا تنبعث من كل واحد منها أضواء كشافة وتندلع أشعتها في السماء إلى ارتفاع بضعة مئات من الأمتار.
وهذا البرنامج الوضاء موصول بأساليب إلكترونية، بعدة مؤسسات باريسية وخاصة مركز الأرصاد الجوية ومؤسسة البورصة، والمطارات. وقد ركبت في جوانب البرج 360 مرآة دوارة تعكس الأنوار، وأخرى تضخمها وترسل معلومات عن حالة السير في المدينة وعن حركات الطائرات وأحوال الجو.. الخ. وفضلاً عن كل ذلك يشتمل هذا البناء الشاهق على سبعة (طوابق) وفي داخلها قاعات فسيحة للمحاضرات والمؤتمرات. وفي الطابق الخامس مطعم متحرك يدور بالجالسين فيه ويجعلهم يسرحون النظر في المشاهد المختلفة الدائرة تحت أعينهم في عاصمة النور.
لمحة تاريخية عن برج إيفل
في هذه الأثناء ليس أي منافس لبرج إيفل الذي رسا أصله على ضفاف نهر السين بباريس، وارتفعت هامته إلى السحاب حتى ارتفاع 320 متراً. ويزوره كل سنة مليونان وستمائة ألف سائح، وأصبحت مؤسسات السياحة تتخذه بمثابة ميزان حرارة تعرف بواسطته أحوال صحة السياحة وازدهارها أو فتورها.. الخ.
ويباع كل سنة أكثر من ثلاثة ملايين صورة لبرج إيفل سواء بشكل بطاقات بريدية أو هياكل معدنية مصغرة. ولكن هل يعلم الكثيرون أن هذا البرج الملقب (أخا السحاب) ظل في المرحلة الأولى عرضة للسخرية والانتقاد اللاذع؟ وحتى الكاتب الشهير (ألكسندر دوما) انضم إلى لفيف من الكتبة والفنانين في حملة عنيفة على (صورة القباحة هذه) وعلى ما سموه (شوهة في قلب باريس)، بل رفع بعض السكان المقيمين بجوار برج إيفل دعوى على محافظة باريس لأنهم كانوا يخافون أن يسقط البرج على منازلهم فيدمرها. وانهالت الصحف شتما وذما على (ذلك المجنون إيفل) وكتبت بعض الصحف انه انتحر، وأخرى انه هرب.. الخ.
ومع كل ذلك واصل (غوستاف إيفل) أعماله ودامت الأشغال 780 يوماً واستلزم البناء استعمال 80 مليون كيلو غرام من الحديد، حتى مطلع يوم التدشين أي يوم 31 مارس (آذار) سنة 1889 بعد انقضاء مائة سنة على الثورة الفرنسية الكبرى.
ومما يذكر أن الصعود كان يجري على الأقدام في المرحلة الأولى حين لم تكن المصاعد الكهربائية قد ركبت داخل البرج العالمي. ولما صعده رئيس الحكومة آنذاك وتسلق 347 درجة من سلالمه الشاهقة، أغمي عليه! ولم يدرك قمته سوى 34 رجلاً وامرأة واحدة.
وبعد مرور عشرين عاما على التدشين ثارت حملة جديدة على البرج وطالب الكثيرون محافظة باريس بهدمه وكادوا ينجحون، لولا أن أنقذه مهندس اختصاصي بالبريد والبرق، فاستطاع أن يقنع السلطة بفائدة البرج للمواصلات البرقية، وفي سنة 1914 أدى برج إيفل فوائد كثيرة في هذا المضمار.
قال المهندس إيفل في مذكراته إن برجه (خالد) إذ انه حسب بمنتهى الدقة مدة بلاء كل قطعة من قطع البرج المعدنية، وبين في أي تاريخ ينبغي تبديل مختلف القطع.
وعلى هذا لم تزل الشركة المكلفة بصيانة البرج تغير الدهان كل سبعة أعوام، علما أن هذه العملية تستلزم عشرة أطنان، وتكلف عمليات الصيانة كل سنة ثلاثة ملايين فرنك فرنسي أي ما يعادل عشرين بالمائة من رقم الأعمال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved