Monday 1st March,200411477العددالأثنين 10 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
جريدة للرياض
عبدالله بن بخيت

أصبحت الرياض مجموعة مدن في داخل مدينة كما تعقدت حركة الحياة فيها كما هي الحال في المدن الكبرى في العالم، لا أحد يعرف ما يدور في داخل المدينة ولا حتى عبر الإشاعات، فمدينتنا اليوم تحمل اتجاهات وطرائق تفكير مختلفة بل أصبحت عوالم متعددة وكل جهة معزولة عن الأخرى بسبب المسافات والتنوع الحضاري والثقافي، فما يجري في النسيم لا يمكن أن يعرف عنه من يعيش في الظهيرة ومن يقطن في حي الصحافة لا يمكن أن يعرف ما يدور في العزيزية، وسلوك الناس في الرياض بدأت تقرره أماكن سكناهم وطبيعة الجيرة، وليس فقط خلفياتهم الثقافية، لا يمكن أن نتجاهل فوارق الثراء والفقر والأعراق التي تحدد كثيراً من الأحياء. هذه الرياض التي نعيشها الآن تشكل فراقاً واسعاً مع الرياض التي ألفناها في أواخر القرن الماضي، لا يمكن أن نتعامل معها كما كنا نتعامل معها في الستينات أو في السبعينات إذا تصادمت سيارتان في شارع سلام أفزعت أهل العطايف، ومع ذلك ما زالت الرياض تعامل إعلامياً وكأنها قرية تعتمد في إعلامها على جرائد عامة ليست هي فيهم سوى جزء من كل.
عندما طرحت فكر إنشاء إذاعة للرياض متخصصة في فن الرياض كنت أعني أكثر مما قلت، لم يكن هدفي مجرد تكريس لثقافة الرياض المحلية والتعريف بتاريخها الخاص بل على مستوى الكوزموبلوتن، فالرياض الآن مدينة (cosmopolis) تحتوي على جنسيات وأعراق لا حصر لها يعيشون فيها كأهلها يشكلون جزءاً من نسيجها ويسهمون في تشكيلها الحضاري والاقتصادي، وقد عبر عن هذا سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في معرض رده على أحد الصحفيين بعد افتتاح منتزه سلام حيث قال سموه الكريم ما معناه ان هذا المنتزه ليس للسعوديين فقط بل هو لكل سكان الرياض وأضاف سموه: عندما نكون في البلاد الأخرى هل يسألوننا عن جنسيتنا عندما نستفيد من خدمات مدنهم، هذه النظرة الكوزموبلوتية من أمير الرياض نفسه يجب ان تفسر على أنها تحول جذري لمفهوم المدينة.
أنا لا أعرف ما هو الحجم التجاري للرياض بالنسبة لمدن المملكة ولكني على ثقة أنها تناصف المملكة في القوة التجارية في الوقت الذي تمثل فيه المملكة أكبر قوة اقتصادية في المنطقة لا يمكن لأحد أن يصدق أن مدينة بهذا الحجم لا يصدر فيها سوى جريدتين غير متخصصتين في أخبارها ولا يوجد فيها إذاعة واحدة متخصصة في شؤونها.
في المدن الكبرى يمكن ان يعيش الإنسان منعزلا عن العالم دون أن يشعر بالعزلة عن مدينته، لا يمكن لإنسان أن ينظر للعالم دون أن ينظر أولا إلى نفسه والمحيط الذي يعيش فيه.
عندما كانت (المسائية) على قيد الحياة كانت تغطي جزءاً من أخبار المدينة وإن كانت بطريقة غير مباشرة كنت أتصور حينها أن تتطور (المسائية) لتتحول بشكل تلقائي إلى جريدة مدينة الرياض وتكون محرضاً لنشوء مطبوعات أخرى، لكنها ماتت لتخلي المكان لجريدتي الجزيرة والرياض اللتين ما زالتا وفيتين للنظرة القديمة للمدينة، لا أعني أن تتخلى أي من تلك الجريدتين عن دورهما الوطني بالمعنى الواسع ولكن يفترض أن تصدر في الرياض مطبوعات إضافية متخصصة في المدينة آخذة في الاعتبار الحالة الكوزموبلوتية للمدينة بحيث يتوسع قراء الجرائد المحلية ليشمل غير السعوديين، مفروض أن توجد جريدة توزع في الرياض وحدها ما لا يقل عن نصف مليون نسخة إذا أخذنا في الاعتبار تعداد سكان الرياض ككل.. من غير المعقول أن تبقى مدينة بهذا الحجم وبهذا التعقيد بلا إعلام يخصها وحدها.

فاكس : 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved