مع بدء تطبيق قرار سعودة العمل في محلات الذهب والمجوهرات في السعودية اعتباراً من 1-1- 1425هـ، أدى هذا التوجه إلى ايجاد تحول اقتصادي واجتماعي كبيرين داخل المجتمع السعودي، وهذا التحول أتى فارضاً نفسه لأسباب عدة، أهمها ان السعودية تحتل المرتبة الرابعة دولياً في حجم الطلب على الذهب (200) طن سنوياً، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين، وان عدد المتاجر والمعارض القائمة على هذه التجارة تصل نحو ستة آلاف منشآة ويتوافر نحو ثلاثمائة وخمسون مصنعاً، فضلا عن آلاف الورش والمشاغل التي تعكف هي الأخرى على إعداد المشغولات والمنقوشات الذهبية والمجوهرات، وعدد العاملين في هذا القطاع يصل إلى قرابة عشرين ألف عامل، يمثل الوافدون فيه قبل جعل هذا القرار حيز التنفيذ نسبة 95%، وهنا ينظر البعض من المراقبين وأصحاب الخبرات فضلاً عن عدد لا بأس به من تجار هذا القطاع، إلى شيء من عدم التفاؤل، مراهنة من جانبهم بعدم نجاح هذا القرار الحكومي، فيما يتصور البعض الآخر حدوث نشوء انخفاض مرتقب في مقدار مستوى تجارة هذا القطاع، وهم يعزون ذلك إلى عدة أسباب، يرون أن من أهمها: عدم توافر مهارات البيع والشراء لدى طالبي العمل السعوديين في قطاع تجاري يعتبر من أكبر الأنشطة حساسية، وباعتبارها مهنة ذات طابع نوعي ومغاير عن غيرها من المهن الاخرى، إضافة إلى ملاحظتهم لأنظمة العمل غير المفعلة، وبهذا يجزم هؤلاء المنظرون على كافة مشاربهم، إلى أن القضية ترتكز على محورين أساسيين، الأول هو عدم جاهزية طالبي العمل من المواطنين للقيام بأعمال هذا النشاط النوعي بسبب عدم توافر مبادئ مهارات البيع والشراء لديهم، والآخر أن أنظمة العمل غير المطورة حالياً يصعب الأمر معها نحو ايجاد علاقة تعاقدية منضبطة وواضحة المعالم، بسبب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت دولياً على وجه الخصوص داخل المجتمع السعودي، والذي لم يعد نظام العمل الحالي ملائماً لها، وإن صحت مثل هذه الآراء المزعومة، فإنه بلا شك سوف تظهر نتائج اقتصادية في البلاد غير مرضية، ويكون ذلك على حساب تباطؤ أو انخفاض مستوى الناتج المحلي، وان كانت هذه النظرة هي نظرة فئة من المراقبين وبعض تجار هذا القطاع، فإن هناك آراء متعددة يذكرها لنا بعض من المواطنين من المستهلكين وممن ينادي بتعزيز مستوى توظيف المواطنين في أفرع القطاع الخاص، فمن هؤلاء من يقول انه ان كان قرار حكومي كهذا سوف يتأتى منه انخفاض في أعداد المحال المقدمة لخدمة تلك التجارة من أصل العدد الهائل من المحال المنتشرة في أنحاء البلاد، فإن هذا النشاط يحمل سلعة عالمية ويرتبط سعرها بما تفرضه آليات العرض والطلب العالميين، وبهذا لن يستطيع التاجر المحلي التحكم في الأسعار إذا ما انخفضت أعداد هذه المحال المنافسة، وبالتالي لن يكون هناك ثمة ضرر اقتصادي على الوطن، مما يفهم من ذلك ان الاحتياج الكمي من هذه الصنعة سوف يكون كافيا من خلال ما يتبقى من محال تزاول مهنة البيع والشراء وصياغة الذهب والمجوهرات أياً كان عددها، ومنهم من يقول ان هؤلاء الوافدين الذين يتربع معظمهم ان لم يكن جميعهم في مزاولة هذه المهنة، فعلينا ان نتذكر - وذلك على حد قولهم - ان هؤلاء الوافدين لم يأت أحدهم بخبرات ومهارات عالية عند قدومهم للعمل في هذه الصنعة، بل تم تدريبهم وصقلهم لدينا، فما المانع ان يبدأ أبناؤنا بالخوض في هذا المضمار إلى أن يثبتوا جدارتهم مثل نظرائهم من الوافدين، خصوصاً وأن البعض منهم نال دورات تدريبية في الفترة الأخيرة.
يتبع،،
(*)الباحث في شؤون الموارد البشرية
FAXN02697771@YAHOO.COM |