منذ احتلال القوات الأنكلوسكسونية العراق والأنباء الواردة من هناك تثير الذعر والقلق على مصير هذا البلد العربي الإسلامي.. فالمعلومات التي تصلنا عبر وكالات الأنباء ومراسلي الصحف تشير إلى أن القضية لا تنحصر في تخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل ولا من الحكم الدكتاتوري وتحويله إلى درجة الديمقراطية الثانية بعد إسرائيل.. ولكن القضية أبعد من ذلك بكثير،وإذا صحت هذه الأنباء -ونتمنى أن تكون غير صحيحة- فإن العراق لن يقسم فحسب بل أكثر من ذلك سيكون مصدراً لنسف العالم الإسلامي من الداخل من خلال زرع بؤر تهديد وشر في داخله كما يشير التقرير الذي أكدته مصادر سياسية كردية تؤكد أن إسرائيل تسعى إلى إسكان أعداد كبيرة من اليهود في شمال العراق في الشريط الحدودي المشترك بين العراق وسوريا مروراً بمدينتي تلعفر والموصل العراقيتين.
وأفادت تلك المصادر أن المساحة التي اشترتها إسرائيل تقدر بأكثر من 200 كم مربع لتسيطر من خلالها على الطريق التاريخي الممتد من الموصل حتى الحدود السورية مستغلة الوضع الاقتصادي الصعب لسكان مخيم مخمور القريب من تلعفر، ومعظمهم من التركمان لتشتري أراضيهم عن طريق بعض السكان المحليين المتعاونين مع قوات الاحتلال الأمريكي حيث قدمت أسعاراً مغرية للسكان التركمان مقابل أراضيهم الأمر الذي عجل إتمام الصفقة بنجاح.
ولفتت المصادر إلى أن الصفقة كانت جزءاً من أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق حيث كثفت القوات الأمريكية من جودها بتلك المنطقة فور احتلالها للأراضي العراقية وحولتها إلى قاعدة عسكرية استوعبت نحو 17 ألف جندي أمريكي لتتمكن من فرض سيطرتها عليها وإغلاقها بوجه العراقيين لتسهيل عملية إتمام الصفقة من غير أن يذاع أمرها ولا تنتشر بين السكان المحليين مشيرة إلى أن من بين أهم أهداف إسرائيل من وراء هذه العملية إسكان اكثر من 150 ألف يهودي في هذه المنطقة للسيطرة على خط أنابيب بترول كركوك (يمور ناليك) الذي كان ينقل نفط الشمال العراقي إلى الموانئ التركية والمتوقف بسبب الهجمات المتكررة عليه من المقاومة العراقية حيث يمر هذا الخط عبر منطقة تلعفر موضحة أن إسرائيل بالتنسيق مع القوات الأمريكية تريدان أن تفتعل حالة الفوضى في المناطق التي يمر بها أنبوب النفط الإستراتيجي وبالتالي إلغاء العمل به تماماً بدعوى عدم صلاحيته لنقل النفط لأسباب أمنية يصعب معالجتها وتشغيل خط الموصل حيفا بديلاً عنه خاصة وأن الولايات المتحدة وإسرائيل قد أعدتا دراسة مفصلة عن جدوى تشغيل خط نفط الموصل حيفا أشارت فيه إلى أن الخط يحتاج إلى ثلاثة مليارات دولار لصيانته وتأمين الحماية له وتشغيله مجدداً لنقل النفط العراقي إلى إسرائيل.
وكشفت المصادر أن إسرائيل قد نقلت بالفعل 50 عائلة يهودية إلى المنطقة على أن تنقل 100 ألف آخرين خلال السنوات القادمة لافتة إلى أن الممر المهم الذي تسعى إسرائيل لإحكام السيطرة عليه حالياً هو الطريق الممتد من تلعفر إلى الموصل وحتى الحدود مع سوريا لتأثير هذا الطريق على التجارة بين العراق وتركيا خاصة بعد افتتاح البوابة الحدودية الثانية بين البلدين والمعروفة ببوابة (أوفاكوي) حيث يمر الطريق المؤدي إلى العراق من هذه البوابة في المنطقة التي اشترتها إسرائيل كما أن هذا الطريق يعتبر أقصر الطرق التجارية بين بغداد وانقرة.
يذكر أن الأراضي التي اشترتها إسرائيل تعد حدوداً للخريطة التي يطالب بها الأكراد لإقامة إقليم كردستان كما يخطط لذلك الأكراد وفيما تصل حدود الخريطة التي رسمها الزعماء الأكراد حتى جنوب مدينة دهوك بمسافة 10 كيلومترات فإن شراء إسرائيل لهذه الأراضي سيجعل حدود الفيدرالية الكردية تمتد حتى مسافة 50 كيلومتراً جنوب دهوك لتشمل منطقة تلعفر.
وواضح أن إسرائيل تريد من هذه المنطقة أن تبقى منطقة نزاعات مسلحة لاستنزاف القوى الإقليمية المحيطة بشمال العراق كسوريا وإيران وإحداث فوضى في دول الجوار بإشراف أمريكي إسرائيلي.
|